mardi 21 octobre 2014

لا تعتذر عما قلت … حين يقول بن حديد لأبي عياض : كن صديقي




لعلع صوته عاليا بعد ثورة 14 جانفي 2011 ، وحسب نفسه محللا سياسيا لا مثيل له ، وانتقل من مؤسسة إعلامية إلى اخرى تاركا أسوأ الانطباعات بسبب الغرور الذي استبد به وضلله .. تقرب من حركة النهضة ودافع عنها دفاعا مستميتا ومن أقواله المشهورة في التمسح بالأعتاب  "إذا كان تاريخ 23 جانفي يمثل نهاية «الشرعية الانتخابية» (على رأي قائلها), فهل يعني هذا  نهاية شرعية المجلس التأسيسي برمته وما جاء على أساسه, من انتخاب لرئيس الجمهورية؟؟؟؟" ..كلما خمل ذكره  وتناساه أهل المهنة خرج علينا بحكاية جيدة ليصرف إليه الوجوه ويشد إليه الانتباه .وكان أغرب ما نطق به في احتجاج وانتصافتبييضه للإرهاب والإعلان عن اعتزازه بصداقته مع  زعيم  تيار أنصار الشريعة المحظور سيف الله بن حسين المكنى بأبي عياض  والذي تلاحقه تهم خطيرة ..أعلن ذلك على الملأ يوم الخامس من أكتوبر2014 على قناة التونسية في برنامج " لمن يجرؤ فقط " الذي يقمه المنشط سمير الوافي ...هو الإعلامي نصر الدين بن حديد أصيل الجزائر الشقيقة والذي تجاوز كل الحدود ولم يجد من يضع له بعض القيود.
ما زالت تداعيات تصريح نصر الدين بن حديد حول اعتزازه بصداقة زعيم أنصار الشريعة أبي عياض خلال حلقة من حلقات " لمن يجرؤ فقط "  تلقي بظلالها على المشهد السياسي والقضائي والإعلامي بعد أن صدمت الرأي العام في تونس في فترة حرجة جدا ونعني بداية الحملة الانتخابية التي ينتظر التونسيين نتائجها في توجس وترقب خوف أي عملية إرهابية قد تنسف المسار الانتخابي بأكمله  وتعود بنا إلى دائرة الصفر  ..ولئن بدا التصريح الغريب الذي قال فيه نصر الدين بن حديد بصريح العبارة:"تشرفني صداقة أبو عياض... أقولها على الملإ ويسمع من يسمع من الأمنيين والسياسيين ورجال المخابرات داخل تونس وخارجها" تصريح صدم الرأي العام في تونس وخارجها وعدّ  سابقة خطيرة لا يجرؤعلى الإصداع بها عاقل مهما كان تعاطفه مع السلفية الجهادية .. ولئن اعتذر القائل عما اقترف لسانه في حق هذه البلاد التي أكرمت وفادته بعد أن جاءها هاربا من الجزائر الشقيقة ، فإن كل الدلائل تدل  على أن بن حديد قد قال ما قال عن سابق إصرار وترصد وأن اعتذاره لم يكن سوى من باب التقية خاصة بعد أن رأى ردود أفعال قوية لم تقابل تصريحاته على النحو الذي قابلت به تصريحاته السابقة ...رغم أن نصر الدين بن حديد قد بدأ في تبييض الإرهاب منذ زمن بعيد ..


فهذا " المحلل الإعلامي " قد دأب على تبييض الإرهاب منذ مدة وعلى القناة نفسها بعد أن أمنت له بعض الجهات القريبة من حركة النهضة ومن الحركات السلفية الحماية والسلامة ..وهو ما فتئ يدافع عن السلفية ويغازلها حتى يتقرب من حركة النهضة ويتزلف إليها. فهو في إحدى تدويناته على صفحته الرسمية على الفايس بوك كتب يقول "  يسعى البعض في شكل مرضي وعنيف في الآن ذاته إلى أمرين: أولهما «شيطنة» السلفية بمختلف فروعها وتعدد أوجهها. في تجاوز لكل الفروقات الفقهية بين هذه الفروع وهذه الجماعات. كذلك حصر «مصائب» البلاد جميعها دون استثناء في وجود هذه الجماعات السلفية. ثانيا: العمل من خلال إشاعة الخوف على جعل المتلقي يختار بين الفوضى (التي يرون الجماعات السلفية تسببها) أو الديمقراطية (التي يحملها أعداء الديمقراطية أبدا).هذا المنطق عمل من خلاله بن علي وأسس لنظامه حين حارب كل أشكال التدين دون التثبت من وجود رابط سياسي (مهما كان) مع ممارسة الشعائر.


ها نحن نرى الشيطنة ذاتها: تجريم السلفية بناء على الشكل (أي اللحية والقميص) دون التثبت (كما فعل بن علي) من العلاقة بين هذا الشكل وأي ممارسة.الكثير من الأغبياء صدقوا بن علي فكان ان اذاقهم عذابه وفازت النهضة وخسروا الانتخابات. كما سيخسرون المعركة ويفتحون الباب لهذه السلفية. مع فارق كبير: لم تعمل النهضة السيف حين انتصرت. هل ستكون الجماعات السلفية بهذا الحلم؟؟؟
وإذا تجاوزنا ما جاء  في هذه التدوينة من وصف  فئة من التونسيين بالأغبياء الذين صدقوا بن علي نجد أن نصر الدين بن حديد عمل على تبييض صورة السلفيين الذين تورطوا في عمليات إرهابية في تونس قبل الثورة وبعدها ..كما نجده يتزلف إلى حركة النهضة ، ولو لم تكن المجالس بالأمانات لفضحنا ما دار في اجتماعات بن حديد مع بعض القيادات النهضوية المتشددة..


كل فتاة بأبيها معجبة

ولما كان  نصر الدين بن حديد يعلم أن مثل هذه التدوينة لا يمكن أن تسري سريان النار في الهشيم ولا تنتقل عدواها إلى عدد كبير من التونسيين والتونسيات انتقل من الواقع الافتراضي إلى الواقع الملموس فحاور زعيم أنصار الشريعة ( صنفت حكومة علي لعريض أنصار  الشريعة حركة إرهابية  كما أعلنت وزارة الخارجية الأميركية بشكل رسمي إدراج جماعة أنصار الشريعة في تونس على لائحة المنظمات الإرهابية الأجنبية. و صنفت زعيم تنظيم أنصار الشريعة السلفي الجهادي سيف الهم بن حسين المعروف باسم أبو عياض الذي أسس جماعة أنصار الشريعة في تونس في سبتمبر 2012 إرهابيا دوليا)  ورغم أن القضاء قد منع بث هذا الحوار فإن بن حديد لم يمتثل لذلك وظل يدلي بالتصريح تلو التصريح  مبيضا صورة  الإرهابي أبي عياض. فهو في الرابع من فيفري 2013 مثلا وفي تصريح  لقناة التونسية قد اعتبر  أن منع بث الحوار الذي أجرته اذاعة موزاييك مع أبي عياض يعتبر خسارة للسلم الاجتماعي التونسي.؟ بل نراه قدذهب فيمدح  محاوره حدا بعيدا  فقال " " تصريحات أبو عياض كانت نقلة نوعية حقيقية في الخطاب السلفي الجهادي", وقال نصر الدين بن حديد ان زعيم السلفية الجهادية ابو عياض اخبرني بانه "سيتعرض لمحاولة اغتيال من قبل بعض الأطراف"وتابع بن حديد "ابو عياض اكد لي انه سيحضر لمؤتمر إسلامي تشارك فيه جميع الأطياف الإسلامية في البلاد لتفويت الفرصة على العلمانيين" مضيفا " لقد اكد خطورة حزب نداء تونس"وأضاف بن حديد "لقد أحسست بصدق كلام ابي عياض" ولا شك أن من قال هذه العبارات وغيرها  يمكن أن يقول بعد ذلك أنه صديق أبي عياض بل لعل ما جاء في برنامج " لمن يجرؤ فقط " أقل وطأة مما كان قد تلفظ به لما منع حواره المشار إليه سابقا .


صداقة وبعد : لا  تعتذر عما فعلت

لما أدرك نصر الدين بن حديد خطورة التصريح  الذي أدلى به حاول من خلال تدوينة على الفايسبوك أن يوضح مقاصده وأن يعتذر ، ولكن رب " اعتذار أقبح من تصريح"  ..قال بن حديد في نص اعتذاره "أود التوجه بشديد الاعتذار لمن فهم كلامي البارحة على قناة التونسيّة صورة في أي شكل كان لتبييض الإرهاب أو الدفاع عنه أو تمييعه أو حتّى الحطّ من مخاطره، فقط أردت أن أبدي موقفا يفصل العلاقة المهنيّة عن الموقف الانساني البسيط، ومن ثمّة يأتي الجميع سواسية أمام القانون، مهما كان المقام وعلت الدرجة، ولذلك أجدّد شديد اعتذاري لمن فهم كلامي بعيدًا أو خارج بعده البشري المباشر.


كذلك أؤكد أنّ ما دفعني لمثل هذا التصرّف ما يجدّ في البلد من استهتار بأرواح الناس سواء على مستوى افلات المجرمين من العقاب عن جرائم العهد السابق أو زمن الثورة، ومن ثمّة ما يميّز هذه الجريمة عن تلك الجريمة، خاصّة أمام الصمت المريب والسكوت الملفت للنظر تجاه تصريحات (وليس تقديرات كمثل حالي) أدلى بها مسؤولون يتولون مهام أمنية ويتقلدون أدوارا أولى، سواء السيّد الصحبي الجويني أو الشيخ فريد الباجي. أختم بقولي بل حلمي وأملي، أن يفتح تصريحي ملفّ الإرهاب على مصراعيه لنعرف ما الذي يفعله هذا ويأتيه ذاك، لينال الكلّ عقابه خارج أبواق النفخ في المزامير وجوقة الحفر في المياه الآسنة… نصر الدين بن حديد في 6 أكتوبر 2014 على الساعة الواحدة و22 دقيقة." وغير بعيد عن مثل هذا الاعتذار الباهت  صرح  نصر الدين بن حديد "الشروق" الجزائرية فقال : "أعتبر أني لم أوفق في العبارات الملائمة التي تعبر عما يختلج في ضميري ونفسي، وما يحترم المتلقي التونسي، كما أن ما قلته لا يعني بأي حال تبييضا أو دعوة إلى تبسيط الإرهاب، الإرهاب جريمة يستنكرها أي إنسان وأي ضمير"، وتابع بن حديد: "أعتبر أن مسألة الإرهاب في تونس لا تزال شديدة الغموض" .


لا نستشف في هذه الاعتذارات  إحساسا بالذنب وشعورا بالندم  بل نرى بن حديد من جديد ينتصب معلما يفهم أبناء هذا الشعب ما تأولوه خطأ في حديثه عن أبي عياض ..وحاول أن يبرر للدوافع التي جعلته ينطق بما نطق به ..ويا ليته لم يعتذر وترك الجراح التي خلفها تلتئم  مع مرور الايام  بالنسيان أو التناسي . بل الغريب أن بن حديد  واصل بعد اعتذاره الدفاع عن أبي عياض مشيرا أنه الى حد الآن لم تثبت أي تهمة في حق «الرجل»  أنه يعلم أن سيف الله بن حسين الملق بأبي عياض محل تتبع جزائي وهو في حالة فرار . كما لم يعجبه تعامل الصحافة التونسية مع تصريحاته واعتبر أن ردود الفعل العنيفة عليه إنما هي   حملة مسعورة  واستغرب ما  سماه صمت الهايكا عن التجاوزات الإعلامية..



ربما انقلبت الأدوار وبعد أن كان بن حديد يهاجم صنفا من الإعلاميين التونسيين أصبح هو اليوم في مرمى السهام ، فالرجل قد  عنونإحدى تدويناته الفايسبوكية بتساؤل قال فيه " الأزلام على موائد الكرام أم اللئام؟؟؟"  ولا شك أن صاحبنا يعلم في أي ضفة يضع نفسه أو بالأحرى يعلم أنه يصلح للضفتين ..ولا شك أن الرواية المشهورة  التي تداولتها المواقع الاجتماعية حول علاقته بنظام المخلوع لما بدأ نصر الدين بن حديد " يتثورج" بعد 14 جانفي 2011 والتي نستنكف عن ذكرها حفظا للأعراض  قد اقضت مضجعه وجعلته في خطوة استباقية يكتب ما يلي ( 29 سبتمبر 2012) " إلى الزملاء الصحفيين الشرفاء حصرا:أنوي التقدم بطلب رسمي إلى السيدين الفاضلين والكريمين حمادي الجبالي وعلي العريض, أطالب من خلاله بوجوب فتح ملفي الأمني وكشف كل ما فيه للعموم دون استثناء لأي معلومة أو حب لأي حادثة, حين ليس لي ما أخجل منه أو أرفض كشفه.
أعتبر أنني راشد ومالك لكل مداركي العقلية وبالتالي يجوز لي تحمل مسؤولية هذا القول وأن السلطة السياسية لا وصاية لها على هذا الحق." فنصر الدين بن حديد قد كتب هذا النص وهو يعلم علم اليقين بأن الحكومات الثورية برعاية حركة النهضة لن تفتح الدفاتر القديمة.ويمكنن ألا نصدق تلك الرواية وأن نعدها من باب التشويه، كما يمكن أن ننفي أي صلة له بالتجمع المنحل بل يمكننا أن نذهب إلى أكثر من ذلك  فنفند كل ما جاء فيها ونحسب نصر الدين بن حديد من " الإعلاميين الشرفاء " ومن " الإعلاميين الثوريين "  ..ولكن مع كل ذلك  نقول للسيد بن حديد إن الجرأة الصحفية لا تكون باستفزاز الشعب التونسي من خلال التباهي بصحبة إرهابي.. وأن أدوار البطولة قد ولى زمنها إلى غير رجعة .


مكي هلال إعلامي  في «بي بي سي» البريطانية :

ان من يتشرف بصداقة الإرهابيين والقتلة ومن يهدد التونسيين فهو إرهابي .. بن حديد لم يكن شيئا قبل ان تقدّمه قناة التونسية للناس.  بن حديد لو قال هذا الكلام  في الجزائر (البلد الذي نشأ فيه) لكانت ردة فعلهم عنيفة وهم يعرفون معنى عشرية كاملة من القتل والإرهاب ومعنى تمجيده.


عبد السلام الككلي ( أستاذ جامعي ونقابي ) .:

 أي موقف أنساني بسيط يتحول إلى شرف ؟ . وأي شرف يناله المرء حين يجعل من القتلة أصدقاء ؟ وماذا ترك الموقف الإنساني البسيط لضحايا أبي عياض وأمثاله؟ . ألا يصح في قول المتعتذر ما يقوله القدامى   »يبيع القرد ويضحك على شاريه  »   . لقد نسي  الصحفي البهلوان  انه في حالة تمجيده لصديقه كان يكلم ألاف التونسيين و أن موقفه الإنساني التبس مرة أخرى بدوره المهني ووظيفته الإعلامية  . إن الصداقة  في مثل هذه الحالة  وبعيدا عن الحذلقة والبلاغة الجوفاء تجمل القبيح  وتسوغ  افعال القتل  وتغري البؤساء  والضائعين وهم  وقود  التطرف وأدواته الطيعة ، إذا أردنا أن نكافح التطرف فلنكافح منابعه الفكرية والبشرية الملتبسة والمختفية التي تبدو هينة ولكنها كالألغام  التي تنفجر في وجوهنا حيث لا نعلم


اعتذار : تعتذر اسرة تحرير الثورة نيوز عن الخطأ الذي تسرب إلى المقال وأشار إلى أن الأستاذة الجامعية ومديرة معهد الصحافة سلوى الشرفي قد طالبت برحيل نصر الدين بن حديد ، وهذه المعلومة قد جاءت نتيجة خلط في ترتيب تصريحات صحفية وتعليقات فايسبوكية وهي سنة درجت عليها الصحيفة في المواضيع التي تثير الرأي العام . و نعتذر أشد الأعتذار لهذا الخطأ غير المقصود ، والله عليم بالسرائر

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire