عشرات الأشخاص المعروفين والغير معروفين قدموا مؤخرا ترشحهم لمنصب رئاسة
الجمهورية فمنهم من كان فاعلا في المشهد السياسي سواء قبل الثورة أو بعدها ومنهم
من ليس له أي تاريخ سياسي يذكر إلى اللحظة التي قدم فيها ملف ترشحه للمنصب المذكور
كما ان من بين هؤلاء من قدم ترشحه ضمن حزب سياسي والكثير منهم قدموا ترشحهم
كمستقلين ...
و لئن دلت كثرة المترشحين في الظاهر على تطبيق الديمقراطية في أبهى حللها بان
أصبح حق الترشح لمنصب رئيس الجمهورية الذي كان من بين أعظم المحظورات خلال الزمن
البائد في بلادنا حقا مكفولا لكل مواطن تونسي تتوفر فيه شروط القانون الانتخابي
مهما كان مستواه الاجتماعي أو الثقافي إلا أن تلك الكثرة في الباطن تحتوي على
الكثير من السلبيات التي بطبيعة الحال ستضر بنزاهة الانتخابات القادمة وذلك بتشتيت
أصوات الناخبين الذين سيفقدون قدرتهم على اختيار الشخصية المناسبة التي ستكون أكثر
تلاؤما من حيث الواقع مع المنصب المذكور وفي هذا السياق فان غالبية الخبراء في
مجال القانون الدستوري والعلوم السياسية صرحوا بان كثرة الترشحات للانتخابات
الرئاسية يمكن اعتبارها ظاهريا ايجابية إذا اخذ بعين الاعتبار بان ذلك يدخل في إطار
التنافس الديمقراطي لكن في الواقع يعد ذلك سلبيا لعدة اعتبارات من بينها التشويش
على الناخب الذي سيجد نفسه أمام صعوبة كبيرة في الاختيار وكذلك تشتت الأصوات وعدم
حصول المترشحين على نسب محترمة من الأصوات وهو ما سيفضي إلى ضعف في الشرعية
الانتخابية خاصة اذا ترافق ذلك مع نسبة مشاركة ضعيفة في الدورة الثانية كما يمكن
نتيجة لكثرة المترشحين ان تحصل مفاجأة غير سارة وذلك بمرور احد المترشحين
المغمورين للدور الثاني خاصة إذا تم إسناده من طرف إحدى الجهات ونقصد هنا بعض الأحزاب
أو اللوبيات المالية والسياسية الأخرى ...
مناورات نهضوية
من بين الأسباب الرئيسية التي أوصلت لهذه الوضعية التي يمكن ان تكون لها أثار
وخيمة جدا على الاستحقاقات الانتخابية القادمة وعلى المسار الديمقراطي ككل اولا
جشع النخبة السياسية وطمع رجال المال الجارف وتكالبهم اللامحدود للوصول إلى قصر
قرطاج وثانيا المناورات السياسية لحزب حركة النهضة الذي طالما عودنا على الكذب
والخبث والنفاق السياسي حيث من ناحية لم يقدم مرشدها الأعلى راشد الغنوشي اي مرشح
لخزوض الانتخابات الرئاسية وعبر في اكثر من مناسبة عن رغبته في تعيين رئيس توافقي
ومن ناحية أخرى نجده يقدم مرشحيه بطرق ملتوية تبين ظاهريا أنهم قدموا ترشحاتهم كمستقلين
لكن في الحقيقة هم تابعون لها ويدورون في فلكها على غرار محمد فريخة وعبد الرزاق
الكيلاني والعربي نصرة وسليم الرياحي وعبد الرحيم الزواري وكمال مرجان وعادل
العلمي وعديد الشخصيات المجهولة الأخرى ...
الناطق الرسمي باسم حركة
النهضة زياد العذاري يوم الإثنين 22 سبتمبر 2014 تعقيبا منه على ترشح محمد فريخة
للإنتخابات الرئاسية كمستقل أكد بان "قرار هذا الأخير
فردي وأوضح في نفس السياق ان حركة النهضة لم تختر بعد مرشحها للرئاسة الجمهورية لدعمه
وان ترشح فريخة للرئاسية لا يعني ضرورة ان الحركة ستدعمه وهذه التصريحات
تاتي كالعادة في اطار المناورات السياسية التي طالما عودتنا عليها حركة الاخوان اذ
كيف يكون محمد فريخة مستقلا عن حركة النهضة وهو مرشحها في الانتخابات التشريعية
على راس قائمة صفاقس 2 الا اذا كان الناطق باسم حركة النهضة يريد استبلاه الراي
العام التونسي واعتبار التوانسة من الاغبياء والغريب في الأمر أن محمد الفريخة وفي
عديد التصريحات مؤخرا أكد انه مستقل في ترشحه للانتخابات الرئاسية عن حركة النهضة
وقد كان دليله على ذلك انه جمع 20 ألف توقيع من المواطنين ولم يسعى لتزكية نواب
الحركة وليس ذلك في الواقع سوى كذب في كذب وضحك على ذقون الناخبين الذين يعرفون
جيدا ان استقلالية محمد فريخة عن حركة النهضة ليست سوى استقلالية زائفة تخفي
ورائها تشابك مصالح بينه وبين قياداتها وخاصة منها راشد الغنوشي وحبيب اللوز
والصادق شورو وغيرهم من المحسوبين على ما يسمى ب"الصقور" الذين مكنوه
بقدرة قادر وبين عشية وضحاها من ترخيص لتاسيس شركة طيران سيفاكس ايرلاين التي دخلت
بورصة الأوراق المالية وهي لم تتجاوز السنة من تاريخ انبعاثها والأكثر من ذلك أنها
دخلت للبورصة وهي في حالة خسارة علما وان التشريع الجاري به العمل في هذا المجال
يمنع على اية مؤسسة دخول البورصة قبل سنتين من انطلاق نشاطها ويشترط ان تكون هذه
المؤسسة قد حققت ارباحا خلال تلك الفترة...
دمى لبث
الفوضى الانتخابية وتشتيت الأصوات
بالإضافة إلى محمد فريخة
نجد عديد الشخصيات الأخرى قد قدمت ترشحها لمنصب رئاسة الجمهورية بإيعاز من حركة
النهضة ومساندة منها لضرب حزب نداء تونس وعلى راس تلك الشخصيات نجد عبد الرزاق
الكيلاني والذي شغل بين ديسمبر 2011 ومارس 2013 منصب الوزير المعتمد لدى رئيس الحكومة المكلف
بالعلاقة مع المجلس الوطني التأسيسي في حكومة
حمادي الجبالي ليكون بذلك مستقل جدا جدا عن حركة النهضة وما يزيد استقلاليته عن هذه
الحركة تزكيته من طرف 6 من نوابها في المجلس التأسيسي وبذلك تكتمل الصورة عن مدى
حرص النهضة الشديد على تطبيق نظرية الرئيس التوافقي التي طالما نادت بها وحرصها
كذلك على عدم ترشيح احد لخوض غمار الانتخابات الرئاسية المقبلة ...
قيادات حركة النهضة
لا يتوانون عن فعل أي شيء في سبيل الوصول إلى السلطة وقد ارونا خلال الانتخابات
الفارطة من المناورات السياسية والكذب والنفاق والاتجار بالدين ألوانا وأشكالا وقد
تمكنوا للأسف من خلال هذه الأساليب القذرة من الوصول إلى مبتغاهم وهو اعتلاء سدة
الحكم بعد ان استطاعوا التأثير على إرادة الناخبين بشعارات شعبوية ما انزل الله
بها من سلطان ونرجو أن لا يلدغ الشعب التونسي من الإخوان المنافقين مرة أخرى حتى
يتمكن من اجتياز الوضعية الكارثية التي خلفوها ورائهم من فرط فشلهم وانعدام كفاءتهم
وفسادهم ...
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire