samedi 19 juillet 2014

بروز أولى ضحايا شلاّط سوسة ... "هذي البداية و مازال مازال " : اعتداء ب"شفرة" سافر و مريب... و كلّ المؤشرات تدّل على أن الشلاّط طبيب




جروح تراكمت فوق بعض، وتناسلت المآسي الإنسانية وتفاقمت قسوة الألم والمعاناة. مشاهد مروعة تنفطر لها القلوب وتقشعر لها الأبدان، فشناعة الجريمة فاقت كل الحدود والقيم والمعايير الإنسانية... شوارع مقفرة صبغت باللون الأحمر ورائحة الدم تعبق المكان.
 هكذا هي   حالة مدينة جوهرة الساحل   خلال سنوات الثمانينات و تحديدا في سنتي 84 و 85 فبعد أن كانت شوارعها تنبض بالحياة تحولت إلى شوارع فارغة مقفرة لأن سكان   الجهة و خاصة منهم الفتيات هن في سجن إجباري وهو المنزل الذي تحوّل بمثابة الملاذ الآمن...  و صورة المدينة الحزينة كانت نتاجا للتغير المفاجئ  الذي  طرأ على الجنس الأنثوي في سوسة فبعد  ما كانت المرأة السوسية  إلهة للخصب واهبةً للحياة. يُعاشرها القمر و يجرحها فيسيل طمثها دون أن تموت في حين يموت الرجل إذا نزف ولم تكن الأم الكبرى فحسب بل  هي  سر البقاء. و  بعد ما  كان جسدها مُقدساً عند الرجل  الساحلي  فتتراءى له  كأنها  عشتار وعشتروت وفينوس وإيزيس و ستناي و سيدة الحكمة وسيدة النواميس الإلهية وسيدة الفطنة والذكاء والولادة ، وآلهة الحب والجمال وحامية الشباب الغض .  و بعد  أن  كانت  هي من يجدد الحياة ومن يأتي  بشعلة النار الأولى من القمر و هي نجمة الصباح بظهورها تسطع الأنوار وبغيابها يسود الظلام.... أصبحت مهددة  في  وجودها ... و جسدها  النحيف الرهيف  بات في مرمى قاتل سفاح، ليس لقسوته حدود، مريض بالجريمة، مدمن على منظر الدماء وأنين المعذبات شلاّط  النساء ...


 هي تلك بعض الكلمات يمكن أن تختصر الوضع في مدينة سوسة   خلال سنوات  الجمر في  منتصف  العقد الثامن   والتي أجمع العارفون بأحوالها على أنها “مدينة الرعب”، فالغالبية الساحقة من أهلها لا يجرؤون على الخروج من منازلهم بعد حلول الظلام، والقاطنون في المناطق المجاورة لها باتوا يتجنبون زيارتها خوفاً على أمنهم. حالة رعب  كبرى  ظلت  عليها  البلاد  ولا حديث  في سوسة زمنها  إلا  عن   " شلاط  النساء"  فالضحايا  كثر .... و الخوف في صفوف نصف المجتمع انتشر... و الأمن  انعدم ... والحقيقة ظلت معلّقة ... كان الواقع  يحمل  في طياته قصصا دامية عن مجهول  يحمل شفرة حلاقة أو مشرطا أو موسى  و يصيب  أرداف  النساء  و أجسادهن و خاصة منهن  الفتيات ... ثم  يتبخر في  الفضاء دون  أن تجد  له أثرا  حتى ظلت  كل   الجرائم  المنسوبة إلى الشلاّط " لقيطة " على اعتبارها  مجهولة النسب
 الثورة نيوز   من جانبها   كانت سبّاقة  في  نشر  ملف  شلاّط سوسة و فككت أجزء من طلامسه  و معالمه  ووجهت   نداء لكل  المتضررين  معلنة أن  النيابة  العمومية قد أذنت  بفتح  تحقيق  في  القضية التي ما تزال  حية رغم  تقادم الزمن  ... و النداء كان وحده  كفيلا  ليجعل عقارب الساعة تدور  إلى  الوراء   و نعود أدراجنا  إلى تفاصيل  الاعتداء مع  بروز أولى ضحايا  الشلاط  هاجر جعيم (50 سنة   متزوجة  و أم لابنين )   التي روت لنا  كافة تفاصيل  الحكاية  في  هذه  السطور ...


 الواقعة و حيثياتها 
   "اسمي هاجر جعيم  مهنتي  الأساسية  حلاقة  حيث  كانت لي    قاعة    قبالة مستشفى    فرحات  حشاد   و  كنت  أقطن  مع العائلة في عمارة حرز الله   ...  كانت  غالبا ما  تأتيني أمي ّ  إلى محل  عملي  حيث   تؤنسني في  المساء   ثم   نغلقه و نغادر جميعا ... 
و بتاريخ  الجمعة 8 فيفري 1985 و تحديدا  على السابعة مساء  كان  الظلام  دامسا  والطقس  باردا  أغلقت  كعادتي   قاعة الحلاقة مع المساء  سلكنا  نهج   صلاح الدين الأيوبي بسوسة   الذي  كان ساكنا  لا ضوضاء به  وكنا نتجاذب أنا و  الوالدة  أطراف  الحديث  إلى أن بلغنا  مستوى  مقر  تفقدية الشغل   و فجأة و دون سابق   إنذار صدمني احدهم  بمرفقه في بطني  و مرّ حتى أني لم  أتوان  عن  إلحاقه بوابل  بالدعاء  ناعتة إياه  دون أن أراه بالعمى و البهامة و السخط  و أحسست بألم شديد  في  فم  المعدة   فأنحنيت  له  من الوجع  .
الغريب في الأمر أن الوجع اشتد في أمعائي و لم أحس بشيء من الألم الخارجي كالذي يحس به كل من هو مجروح أو يحصل عند كل خدش..ثم واصلت  المسير  دون  أن  اعلم  أن  الدماء تسيل  مني و أن  ادباشي تلطخت بها .
 و الأدهى من هذا كله  أني لم أر البتة  الذي أصابني   و لم  يتمثل لي  و لم  أحس به حيث  التفت  إلى ورائي حينما  صدمني لأراه  و التعرّف عليه فلم أجد شيئا  و كأن  في المسألة شبحا  أو جنّا ... غير أنه  تراءى لي عن مسافة بعيدة  و تحت  أشعة  فانوس  التيار الكهربائي العمومي شخص لا أتذكر معالم  و تفاصيل وجهه  على اعتبار بعد المسافة  و الظلام  الدامس ...


لمّا واصلنا السير و كانت أمي بجانبي و خفت الألم الذي اشتد في أمعائي   فأردت مشاهدة اثر الكدمة فأصابني الذهول مما رأيت حيث لمحت جنبي الأيمن ينزف دما قمت  بمسح فتفطنت  إلى وجوب  ثقب  به فأدركت  حينها  إني  أصبت بتشليطة  على  يد الشلاط الأمر  الذي جعلني أتهاوى و أغمي  علي ... ساعتها صرخت  أمي  صراخا شديد و صاحت  إلى أن فزع  لنا  الاجوار و أبناء  الحيّ و تم حملي  على جناح السرعة إلى المستشفى ...
 و تواصل صاحب  القصة حديثها :" قبل  أن  تصبني  يد  الغدر من  قبل شلاّط سوسة  كنت أنا و أمي  نتجاذب  أطراف  الحديث  حول  الضحية  التي شلّطها  المجرم  و نعني  بها  الشابة بنت  بوراوي  و ما  إن انتهينا من  الحديث عنها  وعن  حالة الرعب  التي سكنت  الفتيات و هوية هذا الشلاط  الذي قلب المدينة رأسا على عقب  حتى كنت أنا  فريسته و ضحيته   علما أن بنت بوراوي وقع  الاعتداء  عليها  ليلة 7 فيفري 1985   أي قبل ليلة  من  الاعتداء الوحشي  الذي  تعرضت  له  .."


 و تضيف  مستحضرة  الماضي  :" مكثت  في  مستشفى فرحات حشاد  و تحديدا  في  غرفة الإنعاش  ما يقارب  3 أيام على اعتبار أن " المصرانة تقطعت"  قبل أن  يتم  تحويلي  إلى غرفة  العمليات أين  أجريت علّي  عملية جراحية  و من  الصدف  العجيبة أني  لما  كنت  في غرفة الإنعاش وجدت  في نفس  المكان  فتاة أخرى أصابها الشلاّط  ذهب  اسمها من  مخيلتي  ... فالقاعدة الأساسية زمنها في ولاية سوسة وعند الجاني أنه كلّ 24 ساعة تكون هناك ضحية جديدة...
توقفت برهة ثم  أعادت  الحديث  بعد سؤالنا  عن  مصير الشكوى  التي  رفعتها فنفت قطعا أنها تقدمت بقضية في الغرض  على اعتبار أنها تجهل  الجاني  بل كانت يتردد عليها  أهل الصحافة  و  رجال الأمن  و ذكرت أن رئيس المنطقة  آنذاك  عبد الله العيوني تمسك بتلابيبها   و ألح عليها أن  تشير إلى بعض تفاصيل المجرم  أو  حتى الإدلاء بتخميناتها  و لمن توجه اصابع  الشك    غير  أنها  أبت و رفضت  و أكدت أن لا أعداء لها ... و من كثرة تردد رجال  الأمن على مقر اقامتها بعد الخروج من المستشفى  جعلها  تهاجر بحثا  عن السكينة و الطمأنينة  فحلت على مدينة بنزرت   في ضيافة شقيقتها.  
 و تواصل القول :"  و من الصور  التي  لا تزال  مخزنة  بمخيلتي  تلك  المتعلقة ببنات  المبيتات  اللاتي  كنا  يجدن  في  فضاءات مدينة العربي و شاطئ بوجعفر  ترويحة عن النفس  بعد جهد يومي  في مقاعد  الدراسة صرنا  يتلقفن    روائح  البحر من  ثقوب  وضعت  في نوافذ  شققهنّ  خوفا من  كل ّ عملية اعتداء قد تتعرض  لها  أحداهن ...


شبهات حول ابن القروي
 في  الحقيقة  كنّا سمعنا  باسم   ابن  حامد القروي  يشتبه به  في القيام بأعمال التشليط لأرداف  النساء و أجسادهن و لكن  المعلومة  عندي  غير   دقيقة  على اعتبار أن   اسم ولد القروي   علمت به  عبر أثير إذاعة قالوا ...  و تقول المعلومات المتوفرة أن ابن  القروي  اصيب بالإحباط  و تدهورت حالته  النفسية  و  اتسم  بالعدوانية تجاه  الجنس  اللطيف  بعد أن انقلبت عليه  عشيقته  و تركته في التسلل الأمر الذي  جعله ينتقم   من معشر النساء  .
 وما  يمكن   الجزم  به  أن  كل  المؤشرات  توحي إن  الجاني   له دراية  بالمجال  الطبي  على اعتبار أن  آلة الحادة لم  تصبنا في  أجسادنا  لا نشعر بها  و بما  فعلته بنا   على اعتبار أنها حاملة لمادة مخدرة " مبنجة"  ثم  إن  الجاني  يعرف  أين  يضرب  في الجسد  حيث  لم  تسجلّ إي  حالة من  المصابات بالموت أو العجز  فضلا  عن  كون   الخدش  لا يتفتح  أكثر  بل  يبقى محافظا  على نفس الحجم  الأولي ... و الآلة التي  من المرجح استعمالها  في  التشليط  ليست  سوى  موسى مذنب   و مخدر يقوم  المجرم  بزرعه  في الجسد بسرعة فائقة و يسحبه... بل إن إحدى الضحايا طعنها ثم   قام بإسعافها حيث تساءلت كيف لرجل أن يهب لنجدتها في ثوان وجيزة منذ أن طعنت ؟؟ 
  

و حديث عن ضحايا  أخريات  
و ما  عرفناه  زمن  من الضحايا ما  يجعلنا  نقف وقفة التعجب و الذهول  فإحدى  المصابات  من الفتيات لم تتفطنّ  بالمرة أنها كانت  ضحية الشلاط  إلا  بعد أن اعلموها أن الدماء تسيل من رقبتها فعلمت  حينها  بالأمر... و إما  الضحية " بنت بوراوي "  فقد أصابت  الطعنة أردافها  ... وأيضا  بنت  سفطة . و لا أذكر بالتحديد عدد الضحايا   و لكن ما اعلمه حقاّ أن العدد المرتفع  فبمعدلّ  كل  24 ساعة  تسقط ضحية .
و تداولت  الألسنة  في  سوسة القصة و  بحرت  الناس  في  نقل  الأحاديث  بغثها و سمينها مما جعل   الشلالاط  المجرم   يتفاعل  معها حيث  ما إن راج  نبأ أن  الشلاط  من الأمنيين  العاملين  في السلك  حتى وقع  الاعتداء على زوجة امني  و ما إن راج  خبر انتمائه  إلى الخوانجية " تيار ديني  "  حتى قام بالاعتداء  على محجبة تنتمي للتيار ... و قد رأى  العديد في تصرّف  الشلاط تحديا للمجتمع  و" تتليفا " للأمن الذي  تظاهر  بعجزه  عن كشف  هوية  الجاني  الذي   أرعب سوسة و جعلها  على فوهة بركان  ...



مقال "الثورة نيوز" الذي احدث ضجة و فتح من جديد ملف شلاط سوسة المتستر عنه
أول  الغيث  قطرة


 ما هو مؤكد  أن هاجر جعيم  ستكون  بمثابة  رأس القافلة  التي  ستجر وراءها عديد الضحايا  اللاتي  تعرضن للاعتداء و من غير المستبعد  أن  تكون  في ضيافة  الصحيفة الأسبوع  المقبل ضحية جديدة  علما أن  النية تتجه   نحو تجميع   كل  الضحايا في  جمعية  من  اجل  استرجاع حق مسلوب ... و للحديث بقية.


Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire