على الرغم من أننا نحتفظ بحقنا وواجبنا في احترام السلطة
القضائية التي تسعى لضمان استقلاليتها بما يكرسها سلطة ممثلة للقانون وناطقة باسم
المظلوم مهما كان مشربه وتوجهه - وهذا الاحترام المؤكد للسلطة القضائية وما ينبثق
عنها من أحكام مستنده أن السلطة القضائية
تعمل ضمن استحقاقات ثورية خلصتها من الولاءات للسلطة القائمة مهما كان نوعها- فإن
بعض القضايا تجعلنا نتساءل عن الحكمة التي من ورائها يصدر قرار قضائي مخالف لما هو
متوقع خاصة وأن الملف يتضمن من المؤيدات ما يجعلنا نتكهن بمخلص الحكم وحيثياته.
ولعل أقرب الأمثلة على ذلك الحكم الصادر في قضية المطالبة بمتصرف قضائي التي رفعها
اثنان من المكفوفين المنخرطين في الاتحاد وهما من دافعي الضرائب، وكان قرار
الدائرة 16 قد قضى برفض القضية على الرغم من ثقل الملف المتضمن لمؤيدات تعكس الوضع
المتردي لهذه المنظمة وسوء التصرف المالي والإداري الذي طالها وبات يهدد شريحة
قوامها خمسة وأربعون ألف مواطن من حاملي الإعاقة البصرية.
ونحسب أن هذا الحكم الذي نحترم صدوره عن قاض
كفء قد أرهق الدائرة 16 كثيرا اعتبارا لأن أصل القضية استعجالي ولكن ذلك استغرق ما
يقارب الشهرين حيث يقع تأجيل القضية أربع مرات وفي الجلسة الخامسة وقع الرفض. وقد
تزامن صدور الحكم مع شروع أجهزة الشرطة الاقتصادية في القيام بتحقيق في التصرف
المالي بعض مسؤولي الإتحاد مثل باجة وبن عروس. ولكن احترامنا للحكم القضائي لا
يجعلنا نخفي حالة الاحتقان التي خلفها حيث أعرب لنا الكثير من المكفوفين عن خيبة
أملهم في استمرار منظمتهم في حالة من الانهيار رغم كثرة القضايا التي رفعوها ووجد
أغلبها من إطالة أمد الانتظار ما يخلق في النفس اليأس من إصلاح الإتحاد الذي يستعد
لعقد مؤتمر خلال أيام عن طريق قرار اتخذ ضمن مجلس وطني حضره أشخاص لم يقع انتخابهم
في الجهات بل كان رئيس الاتحاد قد عينهم بمقتضى تفويض بما ضرب عرض الحائط مبدأ
الانتخاب في تمثيل هذه الشريحة.وقد علمنا أن رئيس المؤتمر الوطني الأخير بجربة قد رفع
قضية طعن في المجلس الوطني مطالبا بإلغاء قراراته استنادا إلى أن ذلك المجلس لا
يمثل هيئات منتخبة كما يحدده القانون وخال من التقرير المالي والأدبي الذي لا يمكن
أن يعقد مجلس وطني بدونه وأن الاستثنائية تقع في المؤتمرات وليس في المجالس
الوطنية فضلا عن عدم اكتمال النصاب القانوني لانعقاده.
ليس جديدا أن
نتحدث عن الوضع السيئ الذي يعيشه الاتحاد الوطني للمكفوفين ومن ورائه زهاء خمس
وأربعين ألف نسمة من المواطنين الحاملين للإعاقة البصرية، وضع انجرّ عن انعدام
كفاءة رئيس الاتحاد الذي وجد نفسه دون سابق إعلام او اجتهاد على رأس اتحاد
المكفوفين. وصل الرجل إلى منصب قيادي في المنظمة أصبح " الفاتق الناطق "
ينهى ويأمر ويعزل دون حسيب أو رقيب، وقد منّ الله عليه بأمين مال سرعان ما راح
يعقد من العقود والاتفاقات مع الجمعيات المجهولة في غير ترو مما عرّض تلك العقارات
للاستغلال غير المطابق لأهداف الاتحاد ولا لمصلحة المكفوفين.
ولحق بالقوم الكاتب
العام الثالث في تاريخ هيئة الأمر الواقع ليسخر بدوره المنظمة لخدمة مصالحه الخاصة
مثل توجيهه مراسلة رسمية يطلب فيها انتداب شاب كفيف لدى ديوان الطيران المدني ولم
يكن الشاب سوى الكاتب العام نفسه العامل على موزع الهاتف بمستشفى والذي وظف هاتف الإدارة
لكي يشتم بعض المعتصمين من المكفوفين في مكالمات طويلة ومتكررة على حساب فاتورة
المستشفى. ولم رئيس الاتحاد يجهز على الأعضاء المنتخبين حتى راح يرمم هيئته
المهترئة بأشخاص اخرين على خلاف ما ينص عليه القانون الأساسي والنظام الداخلي لاتحاد
المكفوفين وضاعت الشكاوى التي رفعها الأعضاء ولم يجدوا من يصغي لهم، وزادت مأساة
هؤلاء حين كان ثالوث الاتحاد يضحك ويوهم المكفوفين بأن لهم صلة بحركة النهضة تجعل
شكاوى المكفوفين في سلة المهملات، ولكن بعض الأشخاص المغرر بهم انسحبوا من هيئة
الأمر الواقع سيئة الذكر وهو ما دفع الثالوث القائد إلى الاستعانة بثلة من
المكفوفين غير المتعلمين والمشهود لهم بالسلوك الاجتماعي المجافي للمألوف، وراح
يصدر تفويضات لهم تنصبهم بالقوة على رأس الاتحادات الجهوية
يختلسان المال ويخونان وزارة التعليم العالي
السيد (ج ز) ليست له صلة باتحاد باجة فهو يعمل في العاصمة
موزع هاتف لدى وزارة التعليم العالي ويسكن بمنطقة الجيارة قرب العاصمة ومع ذلك فقد
نصبه رئيس الاتحاد الوطني للمكفوفين رئيسا لاتحاد باجة، فتحول من عامل بسيط إلى
رئيس اتحاد جهوي تحت مسؤوليته تسعمائة من المكفوفين المعوزين. ليس هذا فحسب بل صار
وكيلا لعقارات الاتحاد بما يمكنه من قبض المال من المستأجرين . وقد تعزز حضوره باستقدام المدعو (ي ط) وهو يعمل موزع
هاتف بإحدى الكليات التابعة لنفس الوزارة وليس لهذا العامل أيضا صلة بباجة فهو
يعمل ويسكن بالعاصمة وهو مدين للاتحاد الوطني بمبالغ مالية لم يقع تسديدها إلى
اليوم. ومع ذلك يقع تكليفه من طرف (ع ب س) برئاسة لجنة المراقبة والإعداد
للمؤتمر الوطني المقبل. وراح ثنائي باجة يوهم أمين المال بباجة بمشاريع وهمية منها
مشروع جريدة المرصد التي وقع ضخ ستة ألاف دينار في حساب خصص لها ثم وقع سحب
الأموال وتبخر المشروع الوهمي وهو ما كبّد ميزانية الاتحاد خسائر مهمة قاربت
العشرين ألف دينار. وقد كان الرئيس عضو اللجنة الوطنية للرعاية الاجتماعية يأمر
كاتبة الاتحاد بأن تضخ مبالغ مالية من أموال الاتحاد في حسابه الشخصي بالبريد
التونسي ويقوم هو بصرف المبالغ في شؤونه الخاصة والخصوصية. يفعل كل ذلك ثم يتباهى
أمام المعتصمين بالمقر المركزي بأنه رغم ما فعل فإنه حر طليق وأن الشرطة
الاقتصادية لم تقم بدعوته بما يجعله تحت حماية مجهولة المصدر حسب زعمه.
وتجاوزت الخسائر المالية حدود الاتحاد الجهوي بباجة لتصل
إلى ميزانية وزارة التعليم العالي من خلال تعمد هذا الثنائي استعمال هاتف الإدارة
حيث يعملان على بث الفتنة بين المكفوفين في مختلف الولايات وذلك عن طريق الاتصال بالهواتف الخلوية
للمكفوفين على حساب فاتورة هاتف الإدارة مخالفين بذلك ما عرف عن أغلب المكفوفين المشهود
لهم بالكفاءة والتفاني في العمل في كل الإدارات وهم مثال حسن لكل الموظفين. وكان
على وزارة التعليم في اطار حرصها على نفقات الدولة العمومية أن تفتح تحقيقا في
الغرض حتى لا يكون سكوتها عن هذه التصرفات تسترا على استهداف أموال المجموعة
الوطنية.
الشرطة الاقتصادية في الموعد
اجهزة الأمن في تونس ليست نائمة، بل هي الدرع الحامي
لممتلكات الوطن وهي في قضية الحال عين من لا عيون لهم بفعل قضاء الله وحكمة
تدبيره, فما أن وصلت شبهة سوء التصرف المالي الى مسامع الشرطة الاقتصادية حتى
بادرت الى فتح تحقيق فوري للوقوف على حقيقة ملف الاختلاسات المالية في الاتحادات
الجهوية للمكفوفين وفي الادارة المركزية أيضا. البداية كانت مع أمين مال الاتحاد
الجهوي بباجة الذي قدم بكل شفافية حقائق مذهلة عكست حجم الاستهتار والاستبداد
والتبذير والاستحواذ على المال، وقد ذكر الرجل بأنه قدم عرائض وشكاوى حول سوء
التصرف المالي الذي مارسه ثنائي باجة، وكان الرد الوحيد لرئيس الاتحاد الوطني
للمكفوفين أن قام بترقية المتهمين إلى عضوية الهيئة الوطنية .
تلك بعض الحقائق الدامغة نضعها قصد إنارة الدائرة
السادسة عشرة والنيابة العمومية حتى تهب كما نعرفها لتؤمن حق خمسة وأربعين ألف
مواطن في أن تواصل منظمتهم مسيرة بناء الإنسان وفق المعايير التونسية والدولية
المتعارف
عليها
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire