lundi 10 février 2014

ملفات حارقة على طاولة وزير النقل : الناقلة الوطنية في مرمى الإفلاس و الخصخصة ؟






لا يختلف اثنان في كون شركة الخطوط الجوية التونسية  تعيش اليوم أحلك فتراتها … بعد أن تعمقت أزمتها حيث بلغ حجم الخسائر المالية ما قدره 261 مليون دينار خلال سنتين أي 135 مليون دينار سنة 2011 و126 مليون دينار خلال سنة 2012 تشير التقديرات إلى احتمال أن يصل الرقم إلى تجاوز عتبة  400 مليون دينار .. بل لا يخفى على أحد أن النقالة الوطنية أصبحت في مرمى الإفلاس وسارت بخطى ثابتة نحو الهاوية  و هناك أيد خفية تقودها نحو الخصخصة و التخلص منها تماشيا مع  ما  شهدته المطارات التونسية و أهمها مطار الحبيب بورقيبة الدولي بالمنستير …

و على اعتبار أن الناقلة الوطنية تعد من اعرق الشركات العمومية التونسية و مفخرتها  و على اعتبار ما توفر من طاقة تشغيلية كبرى و مساهمتها الفعالة في  دوران العجلة الاقتصادية و السياحية و الثقافية … و على اعتبار أنها تعد العمود الفقري للبلاد و عصبها  ارتأينا فتح مسلسل  الكارثة التي  حلّت بها و تحليل الأزمة التي تحيط بها و فك شفرات التلاعب   و أوجه الفساد في المخططات و التعيينات و الحماقات المرتبكة على مستوى القيادات مع تذييلها بحلول و تقديم بعض النقاط التي نرى  انها كفيلة بانفراج أزمة الخطوط التونسية و خروجها من عنق الزجاجة   معولين طبعا على أراء الكفاءات و نظرتهم الدقيقة للموضوع  و مقتبسين من تحليل أهل الميدان و العارفين بكل كبيرة و صغيرة في الناقلة الوطنية …



الأسباب المؤدية إلى الأزمة

اجمع العديد من أهل الاختصاص  أن الثورة التونسية كان  لها وقع عكسي على الخطوط التونسية التي لم تسلم كغيرها  من الشركات العمومية الكبرى من النتائج العكسية لثورة 14 جانفي …  حيث تقلّص عدد الوافدين  من السياح على تونس جرّاء الانفلات الأمني مما يعني تقلّص الحركة و تقلصا في إيرادات و مداخيل الشركة وهو ما جعلها تخلّ بوعودها  المالية لعدم توفرّ الإمكانيات المالية  مع المصنّع ” آربيس”…

و كان بالإمكان و بناء على الظروف الأمنية و الاقتصادية الحاصلة أن تقع إعادة النظر في مخطط الأسطول و تأجيل الاقتناءات  و التقليص من معدل الطيران   ولكن ذلك لم يحصل … و انتهجت الإدارة العامة سياسة خاطئة ( دون أن تدرك أن الأزمة  التي هزّت البلاد  ليست بعابرة كغيرها من الأزمات نذكر على سبيل الذكر لا الحصر  أحداث 11 سبتمبر)  زادت من  تعكير صفو الناقلة و عمقت معاناتها  من خلال المحافظة على الخطوط الخاسرة  و التمسك بالخدمات و انتظام الرحلات أضف إلى ذلك  تقادم الاسطول و غياب الصيانة و تلاشي الخدمات …



 غياب النظرة العميقة

من الأسباب المباشرة التي أدت بالنقالة التونسية إلى الهلاك هي سياسة الإدارة العامة و على رأسها  الرئيس المدير العام رابح جراد   مهندس اختصاص كهرباء والمشرف الأول على  الناقلة الجوية الوطنية  الذي فشل في إدارة مفخرة مؤسساتنا الوطنية وتسبب في اتجاهها نحو الإفلاس ورغم ذلك تشبثت به الحكومة الفاشلة المعزولة  ربما لكي يسهل التفريط في مجمع الخطوط الجوية التونسية

 و لا نذيع سرّا إن قلنا إن جراد ليس بالرجل المناسب في المكان المناسب على اعتبار انه تم إسقاطه اسقاطا في صائفة 2011 على رأس الشركة الجوية  قياسا على مبدأ الموالاة و المحسوبية  على اعتبار أن تعيينه تم بإيعاز من  قريبه عبد السلام جراد الأمين العم السابق للشغل  ومن بعض الاطراف المتنفذة

و إذا عرف السبب بطل العجب  و فاقد الشيء لا يعطيه على اعتبار أن الرجل  و نعني به رابح جراد غير متخصص في المجال  و ليس بالكفاءة التي من شأنها ان تنظر الى الازمة بعمق و ان تطوقها قبل استفحالها و أن ليس في جرابها فنّ معالجة الازمات و التعاطي معها … لذلك فقد كانت سياسته وخيمة و ادت بالخطوط التونسية الى ما لا يحمد عقباه



يد الهاروني ” الخبيثة”

قبل الخوض في التعيينات التي أقدم عليها الهاروني و أخرها التمديد للرئيس المدير العام الفاشل كان لابد من إماطة اللثام عن الدور المريب الذي لعبه الوزير الأسبق للنقل و رئيس حزب أفاق تونس ياسين إبراهيم الذي استغل منصبه لتمرير أجندات معلومة  و سارع تحت ضغط محمد الغنوشي الوزير الأسبق إلى عزل الكفاءات الكبرى  من الخطوط التونسية  و عوضهم بجماعة لا تفقه في الطيران شيئا …و ياسين إبراهيم كان أولى لبنات الازمة المستفحلة في الخطوط التونسية عمقها اكثر وزير النهضة عبد الكريم الهاروني  الذي قاد الشركة الى الهاوية بسرعة جنونية  من خلال التعيينات المسقطة و المشبوهة و التي كانت بايعاز من الرئيس المدير العام للخطوط التونسية رابح جراد بعد أن الحقا قضايا كيدية ملفقة  بالاطارات الكفأة و بحثا لهم عن ثغرات واهية لعزلهم



أرقام مفزعة

الى جانب الازمة المالية الفادحة التي هزت الخطوط التونسية و تقدر  بما يزيد عن 400 مليون دينار  و الى جانب العدد الكبير من التعيينات بالولاءات في الاسواق الاجنبية  و خاصة منها السوق الفرنسية التي كانت تمثل 70 بالمائة من ايرادات   الخطوط التونسية  فان اهل الدار و اصحاب القرار تركوا الحابل على الغارب و تمسكوا بخطوط خاسرة  على غرار خط دبي الذي كلّفنا خسارة تناهز 5 مليون دينار في سنة واحدة  و لم يتم غلقه الاّ بعد 3 سنوات …

و تراجع الحركة في سنة واحدة فقط ب 130 الف  مسافر  على اعتبار ان تمثيلية الشركة في الاسواق الاوروبية بدت مهزوزة جدا خاصة على مستوى السوق الفرنسية  و التي دأبت الخطوط التونسية على تعيين ممثل لها في ذات البلد  يكون من أصحاب الكفاءات العليا و يكون له على الاقل 20 سنة خبرة في الميدان التجاري الا ان الشركة اليوم ابتليت بتعيين رئيس مصلحة الشؤون المالية الذي يتمع  بصفر خبرة في المجال و لا علاقة له بالميدان التجاري بل انه لا يمت إليه بصلة …



 الحلول المتروكة

قلنا أن السياسة الادارية المتوخاة تفتقد الى التدقيق وهي شبيه بسياسة ” كعور و عدّي للعور”  بل توخت وزارة النقل  منهجية زادت في ضرب الشركة في المقتل  من خلال المصادقة  على اتفاقية السماوات المفتوحة  دون  ان تكون الخطوط التونسية مؤهلة للصمود امام المنافسة بل هي  في اوج انتكاستها  …

 : و كان بالامكان منذ الوهلة الأولى ان تسارع الادارة ” الجاهلة” بفنون التسيير الى
تسريح العمّال و طلب دعم الاتحاد الأوروبي في ذلك تحت عنوان إعادة هيكلة الموارد البشرية
تهيئة الأرضية المناسبة قبل التوقيع على فتح السماوات المفتتوحة
غلق الخطوط الخاسرة و الاكتفاء بالخطوط المربحة
 الإسراع في بيع طائرتي  بن علي لإنعاش الكاسة

إعادة الاستنجاد بإطارات المؤسسة و إعادة الكفاءات إلى أماكنهم

وهي لعمري خطوات بسيطة تتطلب إرادة حريصة عن إنقاذ الشركة … و ذاك بيت القصيد



(يتبع)

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire