الأنباء جدّ سيّئة خلال
الأسبوع الفائت...الإرهاب يسفر مجدّدا عن وجهه البشع في أولاد منّاع بجندوبة...هل
أبصرت دماء الشّهداء من حماة الحمى؟ يا من اعتذرت عمّا فعلت فاتك الاعتذار من كلّ
الشهداء الذائدين عن الوطن ومن كل الشهداء المدنيين الذين أكلهم الإرهاب و سيأكلهم(
وفاتحتهم الشاب محمد علي اللقطي )
حماة الحمى"عصام المشرقي" و "عبد الحميد
الغزواني" و"الفجري بوسعيد " رحلوا وفي
قلوبهم شيء من دعوات بعض إعلاميينا , وبعض رجال القانون , وبعض" رجال
الدين", وبعض السياسيين... إلى عشق قاتلهم
,إلى عشق قاتلنا...
الذين يدعوننا إلى عشق قاتلنا
لهم خطيئتان
خطيئة تثبيط عزائم حماة الوطن
وخطيئة
الرّقص على دمائهم
"لا تصالح..."هذه وصية
الشاعر "أمل دنقل" لنا
لا
تصالح على الدم.. حتى بدم
لا
تصالح! ولو قيل رأس برأس
أكلُّ
الرؤوس سواءٌ؟
أقلب
الغريب كقلب أخيك؟!
أعيناه
عينا أخيك؟!
وهل
تتساوى يدٌ.. سيفها كان لك
بيدٍ
سيفها أثْكَلك؟
الإغريق
غزوا طروادة بعد عشر سنوات من الحصار بفضل حصان ضخم من الخشب صنعوه ودسوا داخله
مقاتليهم ...هُزِم الطرواديون حين قبلوا الحصان على أنه عربون سلام من العدوّ
أدخلوه قلعتهم وحين كانوا يحتفلون باغتهم الجنود المختفون في جوف الحصان وفتحوا
أبواب المدينة ...
والإرهاب
عدوّنا يُستَضَاف اليوم في منازلنا...يستقبله بعض الإعلاميين في جوف حصان خشبي
ظاهره احترام القانون والحريات وفي جوفه دعاية للأفكار الوهابية الإرهابية
وتطهير لأيادي القاتل من دمنا...
يدعوننا
إلى عشق قاتلنا ... كيف يصالح دمنا من أراقه؟
يذكّرني
حماة الحمى الماضون إلى قتال الإرهابيين بالحسين حين كان سائرا إلى الكوفة فالتقى
الفرزدق وسأله "كيف تركت أهلها؟" فأجابه " قلوبهم معك , وسيوفهم
عليك..."
لست أدري إن كانت قلوب
(المحايدين مع الإرهاب والباحثين عن مسالك قانونية لتبريره أو لحمايته
والمُلبِسين الخوارج التكفيريين الذين يستبيحون دماء من شهد أن لا إله إلا الله
لبوس الإيمان والجهاد والشهادة )معنا وسيوفهم علينا ؟ أم أنّ قلوبهم وسيوفهم
علينا؟...لست أدري إن كانوا على بينة من أنّهم يوفرون عن وعي أو عن غير وعي ما
يحتاجه الإرهاب من حاضنات ليفرّخ ويشتدّ عوده...
عجبي
كيف يوفّر المرء لأصحاب مشروع هدم الدولة والتقتيل الأعمى للمواطنين حاضنة شعبية ,
وحاضنة إعلامية ,وحاضنة سياسية وحاضنة قانونية؟
لم
يعد غريبا أو خافيا أنّ نقاب الجهاد الذي تتلفّع به الجماعات التكفيريه يخفي وجها
إرهابيا رسمت ملامحه أجهزة استخبارات دولية وإقليمية لتوظفه لإعادة ترتيب الشرق
الأوسط بما يتناسب مع مصالحها الاستراتيجية فالربيع العربي الذي حرّف في اتجاه
الفوضى التي قطعت أوصال العراق وليبيا وسوريا الدول ذات الوزن البشري والاقتصادي
والاستراتيجي في الشرق الأوسط التي يتم إنهاكها وتقسيمها أو العمل على تقسيمها
مستغلّة الإرهاب ذي القناع العقائدي أو الطائفي أداة وسلاحا يحقق لها ما لا تستطيع
أن تحققه أشدّ الأسلحة فتكا مما تمتلك
لقد
كانت "غونديليزا رايس" وزيرة الخارجية الأمريكيه خلال فترة رئاسة جورج
دبليو بوش من أوائل المبشّرات لمنطقة الشرق الأوسط بهذه الفوضى في تصريح لها أدلت
به سنة 2005 إلى صحيفة "الواشنطن بوست" متحدّثة عما وسمته ب
"الفوضى الخلاقة"
ولأن
"الإرهاب" صار السلاح الأشد فتكا في هذه "الحرب الكونية" التي
تدور رحاها في منطقة الشرق الأوسط من مشرقه إلى مغربه فإنّ عدة دول داخل المنطقة
أو خارجها سعت إلى امتلاكه وتوظيفه عبر وسائطها الاستخباراتية حماية
لمصالحها أو تنفيذا لمشاريعها
هكذا
صار هذا "السلاح" في أياد مختلفة لقوى قد تكون متصارعة . وبقطع النظر عن
القوى الإقليمية والدولية التي توظف هذا السلاح باختراق التيارات الجهادية
التكفيرية فإنّ هذا السلاح يتعذّر أو يعسر تشغيله أو استعماله في الأوطان التي
تحمل من إرادة مقاومته و من وحدة الصف ما يجعلها تنأى عن التشرذم الطائفي أو
الإيديولوجي والتخندق الحزبي إذ في شقوق الفرقة يعشش الإرهاب وينمو مستثمرا
كل التصدّعات والتوترات
وبهذا
المعنى لا يستقيم لكلّ من يدّعي الوطنية في هذه المرحلة أن يتّخذ من الإرهاب ذريعة
أو وسيلة لتصفية حسابات حزبية أو أن يوفّر له غطاء سياسيا باسم التقارب
الأيديولوجي مع "قناعه الإسلامي" أو غطاء قانونيا بذرائع حقوقية
(من المنطقي أن ندعو إلى احترامها لكن من غير المعقول أن نجعل منها مدخلا لحماية
من يتهدد أمن الوطن) أو أن يوفّر له غطاء إعلاميا بشكل مباشر أو ضمني باسم الحياد...
ولا
غرو بعد ذلك أن نعلن أنّ من يسهم عن وعي أو عن غير وعي في توفير إحدى الحاضنات
المذكورة(السياسية أو القانونية أو الإعلامية) للإرهاب إنّما يصطفّ ضمن الطابور
الخامس المزروع شوكة في خاصرة الوطن في هذه الحرب التي يخوضها ضد أعداء الحياة
والحرية...
وعن
الطابور الخامس ننقل ما قاله الجنرال "إميلو مولا" وهو أحد قادة الجنرال
"فرانكو" خلال الحرب الإسبانية حين سئل عن أي الطوابير الأربعة التي
يقودها نحو إسبانيا سيفتح مدريد فأجاب "إن هذه ستكون مهمة الطابور
الخامس" في إشارة إلى الجماعات الفرانكية الموالية للملكيّة التي تعمل خفية
داخل مدريد...
ولست
أحسب أنّ من إعلامييينا أو رجال القانون أو السّاسة في تونس من يرتضي أن يسجل
التاريخ أنّه كان جنديا من جنود "الطابور الخامس " للإرهاب...
لا
نَصر على الإرهاب –إذن- مالم نتوحّد في مجابهته ومالم نعزله...
اعزلوه...وسيكتب
التاريخ أنّ الوطن انتصر لأنّ قلوبكم معه وسيوفكم معه وأقلام الإعلاميين ومصادحهم
أعمال رجال القانون والسّاسة معه...
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire