تواصل صحيفة الثورة نيوز بحثها في موضوع " القرابين العزل "
أي في موضوع الأمنيين الذين يقبعون في
السجون التونسية بتهمة القتل العمد لعدد من التونسيين خلال الثورة ، وبعد أن كنا
قد توقفنا في الجزء الأول عن قانون الذي به تقترف الآثام مشيرين إلى أن شهداء الثورة قتلوا بعيار 7.62 مليمتر ...و
جهاز الأمن لا يتحوز عليه مبينين أن 90 بالمائة
من الأمنيين لا يفقهون استعمال " الحمّارة" لتعديل السلاح أو ما يسمى
بلولبيات المنظار ، وبعد أن كشفنا في الجزء الثاني فحوى المكالمات الهاتفية التي
جرت بين خلّية الأزمة و المسؤولين الآمنين القطاعيين وعرضنا لحكاية
الغاز المسيّل للدموع الذي لا يؤثر في المحتجّين ووضحنا كيف أن توجيه تهمة
قتل العمد ...
كان متعمدا و تحت ضغط الشارع معرجين على ما حكاية الاختبارات
البالستية التي تجاهلها القضاء وحكاية
تواجد رصاصات أجساد القتلى لشظايا غير
متوفرة بهياكل وزارة الداخلية نتوقف في هذا الجزء الثالث عند علاقة المحاكمة
العادلة بالعدالة الانتقالية وهو الشعار الذي اتخذته نقابة إطارات وأعوان الأمن
الداخلي خلال مؤتمرها التأسيسي الذي انعقد يوم الأحد الماضي 19 جانفي 2014 .
وبعبارة أخرى سيكون تناولنا لمسألة
القرابين العزل تناولنا من زاوية القانون على أن نعود في أعداد قائمة إلى شهادات
عائلات الإطارت الأمنية التي اتهمت دون حجة دقيقة أو برهان ساطع بقتل شهداء الثورة التونسية .
هل أن الامنيين
المسجونين حاليا كانوا طلقاء الإرادة
أحرارا عند حصول تدخلات مسلحة من قبل منظوريهم ؟ وهل يمكن اعتبار استعمال
السلاح بالذخيرة الحية صوب المتجمهرين كان فرديا ودون سند قانوني أي دون تعليمات
واضحة ؟
رجل الأمن بين الإعفاء والإباحة :
بالرجوع
إلى حيثيات وقائع القضايا التي من أجلها زج بعدد من الإطارات الأمنية وراء القضبان
نجد أن المهام الأمنية للوحدات المنتشرة على الميدان هي التصدي للأعمال التي تمس
بالنظام العام في وضعية انفلات أمني قطاعي سرعان ما تطو إلى انفلات أمني عام هدد
بجدية الأملاك العامة والخاصة والأرواح في
ظرف استثنائي . وحيث يتلخص سواء من سرد
الوقائع أو من أعمال التحقيق رغم ورودها مقتضبة وموجهة أن الأحداث حصلت في أجواء
مشحونة بالتوتر والانفلات وحيث وجه قضاة التحقيق للأمنيين تهمة القتل العمد طبق
الفصل 205 من المجلة الجزائية رغم عدم توقفهم في التعليل المستفيض للجرائم
المنسوبة للأمنيين باعتبارها من قبيل القتل العمد والمشاركة في ذلك طبق الفصل 32
من المجلة الجزائية .فما رأي المشرع في
هذا المجال خاصة وأن الجرائم المنسوبة لا تستقيم عقلا وقانونا
حول توفر صورة الإعفاء الواردة بالفصل
98 م م ع ع :
لقد وقعت الأحداث المشار إليها سابقا في ظروف
خاصة كانت تفرض إعلان حالة الطوارئ بالبلاد التونسية إلا أن سفر المخلوع واهتمامه
بشؤون عائلته قد أجل ذلك . فقد عاشت أكثر
المدن التونسية حالات استثنائية تتيحللسلط العمومية إعطاء أولوية مطلقة للأمن
والنظام العام وذلك على حساب كافة الحقوق والحريات الفردية والعامة وفق مدلول
القانون عدد 4 لسنة 1969 المؤرخ في 24 جانفي 1969 المتعلق بالاجتماعات العامة
والمواكب والاستعراضات والمظاهرات والتجمهر إضافة للآمر عدد 50 لسنة 1978 المؤرخ
في 26 جانفي 1978 المتعلق بحالة الطوارئ وتنظيمها .
هذا ويتبين من الوقائع أن تدخل الوحدات الأمنية
لم يكن لغاية الانتقام أو القتل العشوائي أو حتى القتل العمد بل كان للسيطرة على
الوضع الأمني المتدهور وفق منطوق الفصل 98 م م ع ع " أنه " لا يعد مجرما مستعمل السلاح لإرجاع الهاربين
اثناء مجابهة العدو أو إيقاف أعمال العصيان أو السلب أو التخريب "وبما أن جريمة القتل العمد قصدية يشترط
قيامها إثبات ركن القصد الجنائي أي تفكير الجاني بشكل مسبق فيما هو مقدم عليه
وإصراره على القتل دون تردد .
توفر صورة
الإباحة بالفصل 42 م ج
حيث أن الأحداث التي وقعت وأسفرت عن سقوط شهداء وجرحى تعتبر حوادث أليمة
ومأسوية بكل المقاييس ولدت خسائر لا تجبر وآلاما لا تنتهي لكن السؤال المطروح هل أن الامنيين المسجونين حاليا كانوا طلقاء
الإرادة أحرارا عند حصول تدخلات مسلحة من
قبل منظوريهم ؟ وهل يمكن اعتبار استعمال السلاح بالذخيرة الحية صوب المتجمهرين كان
فرديا ودون سند قانوني أي دون تعليمات واضحة ؟
المؤكد أن الوحدات الامنية تحت إشراف الأمنيين السجناء قد تدخلت إثر حصول
تهديدات للأمن الداخلي للبلاد تطبيقا لاللقانون عدد 4 لسنة 1969 حيث يمكن اعتبار
إذن السلط التي لها النظر في قضايا الحال مطلقا لا شرط يقيده حيث تتوفر الشروط
القانونية لانطباق الفصل 42 م ج على الأافعال المنسوبة من ذلك :
-
الإذن قد
صدر من السلطة التي لها النظر ( رئيس الجمهورية )
-
المأذون
لهم يتوافرون على الصفة التي تبيح لهم التعاطي مع الوضع الأمني المنفلت .
-
جواو أن
يكون الإذن شفاهيا خصوصا إذا صدر عن رئيس الجمهورية .
-
عدم
استغلال الإذن القانوني لارتكاب أفعال انتقامية رغم ما تعرضوا إليه من أعمال
مناوئة ومهددة لحياتهم وللنظام العام .
لذا يمكن اعتبار أن الافعال
المنسوبة للأمنيين تتأطر موضوعيا تحت الفصل 42 من المجلة الجزائية وبالتالي فإنها
غير موجبة للتبع الجزائي مقابل وجوب تكفل الدولة بالمسؤولية المدنية وجبر الأضرار
المادية والمعنوية لأهالي الشهداء والجرحى درءا لمظاهر السلبية التي قد تطبع العمل
الامني في المحطات الساخنة المقبلة كعبرة
لما عانه زملائهم القابعين حاليا في السجون في ظل جمود وترهل القانون عدد 4 لسنة
1969 وتجاهل محنهم من قبل مكونات المجتمع
المدني وانشغال السياسيين بتقاسم السلطة
وصمت العقلاء مما ينذر بتفاقم البلاء تبعا للتهديدات المناوئة لسيادة
الدولة المهددة بالزوال بزوال الأسباب التي أدت لظهورها خصوصا إدا تواصل
التحامل على المؤسسة الأمنية لغياب الإستراتيجيات المعاصرة وضعف اللوجستيك وانهيار
لمعنويات الأمنيين وضعف الأطر القانونية
مما قد يمس بالأهبة العملياتية للوحدات الساهرة على الأمن الداخلي للبلاد .
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire