من ليث القلال قبل الثورة إلى سليم فخفاخ بعد الثورة : العدوى ظلت و الفيروس
لم يستأصل بعد ؟
قال احد المتفقدين: تشهد
الدّراسات في علوم التربية اليوم اهتماما متزايدا بالتطوّرات التكنولوجية التي
تصحب عصر المعلومات. و يتمثل ذلك الاهتمام في السعي إلى حسن توظيف التجديدات
التكنولوجية في جميع مجالات التعليم قصد تجويده و تحقيق أهدافه بفاعلية، نظرا لما
يبدو في تلك التكنولوجيات من فرص توظيف في مواقف تعليمية متنوعة و مرتبطة بواقع
الحياة.
فالمتأكد أن الحاسوب حقّق نجاحات
متعددة في مختلف ميادين الحياة العلمية والتعليمية وغيرها . و قد عملت دول عديدة متقدّمة على
إدخال التجهيزات العصرية والإعلامية إلى المدارس الابتدائية ضمن خطة تجديد شاملة
في ميدان التربية ..فكان ذلك دافعا قويّا للمشرفين على التربية والتكوين
بالجمهورية التونسية لإدخال تكنولوجيات المعلومات و الاتصال عموما في البرامج
التعليمية بمختلف مراحل الدراسة....
يد العبث تسقط الفكرة النبيلة
و الأكيد أن فكرة تمكين التلاميذ من
مختلف الأصناف سواء في التعليم الابتدائي أو الأساسي أو الثانوي من توظيف
المعلوماتية لتحصيل المعرفة و جمع العلوم ضرورة لا غنى عنها ....إلا آن " الحلو ما
يكملش " كما يقول أهل الفراعنة على
اعتبار أن عملية تزويد المدارس بالحواسيب شابتها الشوائب و اعتراها الفساد و التلاعب
بمستقبل جيل كامل من شباب الغد .
فثمة أشخاص قتلوا الطفل الصغير
الذي يسكن كل امرئ بعد أن استحوذوا على كل الصفقات المتعلقة بتجهيز المؤسسات
التربوية ليث القلال نجل عبد الله القلال الوزير المتجبّر في عهد المخلوع و الذي أعدت له شروط فنية لا تتوفر إلا في شركته
...و كراس شروط على المقاس لإرساء العرض
بكل الطرق عليه بالاعتماد على لعبة الظاهر
و الباطن فالظاهر يشير إلى آن العملية
قانونية و في الباطن ألاعيب لا يقدر عليها
حتى الشيطان ...حيث بسط ليث سيطرته على كل الصفقات الخاصة بالمدارس و بالمعاهد
الثانوية و استجلب حواسيب من نوع مترد جدا سريعة العطب و الإتلاف بل جهز بعض
المدارس البعيدة بحواسيب معطبة لا تعمل أصلا إضافة إلى التقليص في عدد الكمية و
رداءة الجودة و غياب تام للجدوى بل مضرة
أيضا بصحة التلاميذ و مضارها أكثر من
منافعها دون آن يحاسب أو يعاقب على اعتبار
تنفذه و استنصاره بوالده...
فما زال الشارع التونسي يتذكر جيدا عملية
حرق اكبر مراكز الإعلامية في تونس التابعة لوزارة التربية و تحديدا في سنة
2007 و الذي كان الهدف من حرقها إخفاء
الألاعيب و التستر على الفساد و إبعاد الشبهة عن المتورطين و طمس كل الحقائق و قد
قدرت قيمة ما وقع إتلافه من معدات إعلامية و تجهيزات قرابة عشرات المليارات ...
بين الأمس و اليوم :
بقيت دار لقمان على حالها
في الأمس القريب سيطر ليث القلال
على صفقات وزارة التربية و التعليم بإسناد من أبيه عبد الله القلال و كنا نحسب أن عملية إسناد الصفقات في هذا
المجال و بذات الطريقة قد اندثرت و لكن
سرعان ما عدنا في حكومة الترويكا إلى نفس
القرص القديم لنستمع لنفس الاسطوانة
المشروخة و مشاهدة نفس فصول المسرحية السيئة الإخراج مع تغيير طفيف في أبطالها
بعد أن تغيروا و برز على السطح اسم سليم الفخفاخ شقيق وزير
السياحة السابق و ووزير المالية الحالي إلياس الفخفاخ بدلا عن ليث القلال نجل عبد
الله قلال ....
و أصل حكاية شقيق وزير المالية الحالي تتمثل في بسط
سليم الفخفاخ كامل نفوذه على القطاع مستغلا مكانة أخيه في الحكومة بل أن
جل المسؤولين تسارع إليه خوفا من
بطش قد يأتي من بهو وزارة المالية على
اعتبار أن الياس المشرف الأكبر على الرقابة المالية ...
و بتقصينا عن واقع الاحتكار تأكد لنا
أن سليم الفخفاخ أسس في سنة 2006 و
تحديدا بنهج طارق ابن زياد المنزه 5 أريانة 2080 مجمع كارفور للإعلامية بالجملة في محل ّ ضيق ... و تمكن بقدر قادر من بسط
يده على عقود وزارة التربية و ظفره بكل الصفقات المخصصة بتجهيز المؤسسات
التربوية بالتجهيزات الإعلامية ( حواسيب و كاميرات واب كام )
... و من الصفقات الكبرى التي
استحوذ عليها هي صفقة تجهيز المدارس الابتدائية بولاية المنستير و قيمتها 3 مليون دينار ...
و أفضى بنا البحث إلى أن
رقم معاملات الشركة قبل الثورة لا يفوق
بعض الملايين ،بل هناك معلومات موثوق بصحتها أكدت أنها تشكو حالة انهيار
مالي و كادت رياح الإفلاس تعصف بها ليتحول إبان الثورة و خاصة في حكم الترويكا رقم
معاملاتها إلى عشرات المليارات إن لم نقل
مئات المليارات ...
نعم هو احتكار وتغوّل نتيجة صفقات موجهة وفق شروط فنية لا تتوفر إلا
في شركة الفخفاخ بل هي معدة على المقاس و
الأغرب أن هناك معلومات مستقاة من داخل المجال تشير إلى توصل سليم فخفاخ
إلى معرفة كامل العروض المقدمة و
بالتالي يستطيع تقديم عرض اقل منها جميعا ليظفر وحده بمشاريع الصفقات و إرساء كل
العروض على شركته ...
أنموذج فاضح للفساد
ما يزال تقرير طلب العروض
الوطني عدد 12/2012 المتعلق باقتناء معدات
إعلامية للمندوبية الجهوية للتربية بسوسة شاهدا على التحيل الذي يسلكه سليم الفخفاخ عبر
شركته مجمع كارفور للإعلامية بالجملة .. و تقول الوقائع الحادثة انه كالعادة أرست الصفقة على شقيق وزير المالية عبر
شركته (كارفور للإعلامية بالجملة ) ووقع إعلام المزود بنتائج الصفقة فوزها بها يوم 25 01-2013 و تتمثل في عدد 907 حاسوب و 40 كاميرا بقيمة جملية تقدر ب 842 ألف دينار و 556 دينار
و 960 مليم ...
و قامت المندوبية بمراسلة سليم الفخفاخ
مدير عام "سيج" عبر مراسلة عدد
848/2013 تعلمه فيها بفوزه بعد عمليات الفرز الفني و المالي و تطالبه بالحضور بمقر
المندوبية الجهوية للتربية بسوسة لتسلم الإذن الإداري و عقد الصفقة بتاريخ 28-01-2013 و تحديدا بالطابق الرابع مكتب كتابة الصفقات
...
و أول خيوط المماطلة و التعنت و إبراز العضلات انطلقت لما خالفت الشركة مواعيدها و بدل أن تكون في التاريخ الموعود يوم 28 -01-
2013 أرسلت موفدا لها بتاريخ 4-02-2013 ( تأخر بأسبوع كامل )المسمى حمزة النوري
صاحب بطاقة تعريف وطنية عدد 06081430 و الذي يعمل
في نفس الشركة و قد مرّ على المندوبية التربية بسوسة مستغلا
تواجده في المنستير حيث في نفس
اليوم قامت الشركة بتسليم نزر من معدات إعلامية لمندوبية المنستير في الصفقة التي
فازت بها و المقدرة ب 3 مليون دينار ...
و تواصلت
المهزلة بعد أن مرّ أكثر من شهر وأسبوع و
المزود الفخفاخ لم يقم بإرجاع الوثائق الخاصة بالصفقة للمندوبية و تمت مراسلته في الغرض رغم تجاوزه للقانون ...
و من جانبه رد على الإنذار الموجه له في مراسلة أكد فيها انه حدد يوم 13 -03-2013 تاريخ تسليم عقد
الصفقة مسجلا بالقباضة المالية و عقد الالتزام ... و في اليوم الموالي و تحديدا يوم 14 -03-2013 راسلت شركة كارفور
للإعلامية المندوبية الجهوية للتربية تطالب بإدخال تغييرات في الخصائص الفنية
بشاشة الحاسوب المطلوبة فجوبه طلبه بالرفض و شفع بمراسلة بتاريخ 26-03-2013 طالبت
فيها المندوبية المزود بتسليم الضمان النهائي للصفقة ... ليستجيب و يقدم ما طلب
منه من الغد بتاريخ 27-03-2013 ...
و مرت
الأيام بل و مرت الشهور ، بل تجاوزت
الصفقة الآجال القانونية و المحددة بمدة
شهرين (60 يوما) بأسبوع ثم بأسبوعين ثم بثالثة فشهر فشهر و نيف حيث لا جديد يذكر و لا تجهيزات حلّ ركبها و لا
من مجيب ... و في وقت كان على المندوبية الجهوية للتربية بسوسة أن تبطل الصفقة وفق
ما يخول لها القانون خفضت جناح الذلّ لصاحب الشركة و تذكرت فنّ المحسوبية فأبى
المندوب إلا أن يساير الفخفاخ في صورة توحي كأن بالرجل "عامل مزية عليها
" و قامت بمراسلته تستجديه عبرها و
تترجاه تحديد اجل تسليم المعدات الإعلامية
و كان ذلك يوم 10-05-2013 إلا أنها تفاجأت
بمماطلة ثانية على اعتبار أن الفخفاخ طالب
تمديد آجال التسليم ب 20 يوما ...
فتمسكت الإدارة و امتنعت حينها سارع صاحب مجمع كارفور للإعلامية بالجملة إلى
عقد جلسة مع المندوب بتاريخ 14-05-2013 فراوده و كاد أن يسايره في طلبه لولا وقوف
الشرفاء ... و في وقت تم إعلام المزود أنه
تجاوز كل الخطوط الحمراء و خاصة فيما يهم الآجال
القانونية سارع هذا الأخير لذر الرماد في
العيون إلى تسليم المندوبية 3 آلات حاسوب من جملة 907 آلة حاسوب نصت عليها الصفقة نعم 3 حواسيب فقط لا أكثر و يشهد على ذلك مكتب الضبط المركزي
بالمندوبية ...ثم أي آلات تلك التي
سلمها ؟؟ حيث ثبت انها مغشوشة و شاشاتها مخالفة لما تم الاتفاق عليها بل هي مضرة بعيون التلاميذ و لا تتطابق
والشروط المقدمة في كراس الشروط ...
و بقيت المسالة معلقة بين مد و
جزر إلى
أن سقطت الصفقة في الماء بعد أن
تصدت النقابات إلى العملية التي كادت تمر على اعتبار ميل المندوب إلى مواصلة
التفاوض مع المزود بتعلة انه شقيق وزير المالية الياس الفخفاخ و " عندو
شكون" ؟؟؟
الجانب الإنساني الغائب
صحيح أن المسالة تجارية أولا و
بالأساس و لكن هي لا تخلو من جانب إنساني عميق و يتمثل خاصة في حرمان فلذات أكبادنا
من أجهزة حواسيب قد تكون سندا لهم في مواكبة العصر و قد تفتح لهم نافذة على
الافتراضي و تمكنهم من أولى لبنات العمل على ما يسمى بالتكنولوجيات الحديثة و التي
نقسم برب الكعبة بدل المرة مرات أن نسبة كبرى من أطفال مدارس ريف سوسة لا يعرفون عنها شيئا ..بل هم يحلمون أن يجلسوا على حاسوب وان يداعبوا فأرة و يتمرسوا على
طريقة استعماله ... و لعمري أن سليم
الفخفاخ ما فكّر في ذلك أو وضع نصب أعينه التلاميذ المنحدرين من العائلات ذات الدخل المحدود على
اعتبار آن الهم ّالأول و الأخير من الصفقة
وهو ما يجنيه من لفافات المال الذي.." أعمى البصيرة تصويرا لقوله عز و جلّ: "وختم
على سمعه وقلبه وجعل على بصره غشاوة" و قتل الفؤاد تجسيدا لقوله تعالى
:" وأصبح فؤاد أم موسى فارغا
.."
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire