jeudi 21 février 2013

قطاع الاتصالات بتونس : فضاء مباح لأبالسة الفساد النوفمبري






تونيزيانا لصخر الماطري واورنج لمروان المبروك ... الأول سهت عنه الحكومة الرشيدة والثانية رفعت عنه المصادرة

نفاجئ بين الفينة و الأخرى بفواجع الصفقات الكارثية التي أثثته عائلة الرئيس المخلوع و أصهاره و بحجم الثروات المالية التي تتدفق بزخم عنيف لخزائن مافيا الفساد المالي و التلاعب الإداري.
تعترينا قشعريرة رهيبة كلما بحثنا في الملفات السوداء لكبار رؤوس الفساد و التحيل لمن عاشروا بن علي و استغلوا تقربهم منه بصورة تحول فيها اقتصادنا إلى كومة مؤسسات نصفها عاجز و مشلول و النصف الآخر سقط في براثن الخواص الذين التهموا كبريات المشاريع تحت غطاء الخوصصة التي لا تعدو أن تكون فلسفة مشوهة لسلب أموال المجموعة الوطنية و تخريبها في معادلة حسابية بغيضة اقتسمت بمقتضاها مؤسساتنا الاقتصادية إلى فتات بين آل بن على و آل الطرابلسي و آل  الماطري و آل المبروك و آل  شيبوب و آل زروق و آل  الجيلاني وغيرهم كثير..
امتدت أيادي مافيا الفساد إلى كل القطاعات الحيوية في البلاد و لم تستثني شيئا كالجراد المجيش فاتت على الأخضر واليابس بل لم تسلم منهم إلا مشاريع الملاوي و الشباتي والفطاير...
أبالسة الفساد فرضوا خلال العهد البائد سيطرتهم الكاملة والمطلقة على كل القطاعات الاقتصادية والمالية والصناعية والتجارية دون استثناء شعارهم اقتسام خبزة القاطو ونهب خيرات البلاد بأقصى سرعة ممكنة ...
ومن جملة القطاعات التي نهبوها واحتكروها قطاع الاتصالات وخاصة منها لزمات الهاتف الخلوي او الجوال او الجي.اس.ام....من المشغل الوطني "شركة اتصالات تونس"  إلى شركة اوراسكوم "تونيزيانا"  مرورا بشركة اورونج تونس لتكون العواقب جد وخيمة عادت بالوابل على الاقتصاد و الشعب و البلاد.

مأساة اتصالات تونس ..

كانت شركة اتصالات تونس جزءا هاما من المنظومات التي استشرى فيها الفساد و نخر إدارتها و هي التي تعد من أهم المؤسسات العمومية و المشغل الوحيد الذي احتكر لسنوات عديدة سوق الاتصالات في تونس قبل أن تسقط في شبكة العنكبوت او بالأحرى في قبضة مافيا الفساد النوفمبري.
بدأت عملية الاستحواذ عليها منذ أن قرر إخضاع مجال الاتصالات في تونس إلى إعادة الهيكلة و الشروع في خوصصة هذا القطاع منذ التسعينات غير أن نضالات بعض النقابيين في تلك الفترة حالت دون تنفيذ هذا المخطط.
لكن بداية من سنة 1996 وتحت إدارة الحسومي زيتون المدير العام زمنها للإدارة العامة للاتصالات بشارع 9 افريل بالعاصمة وقع تمرير البرنامج ببطئ كبير تزامنا مع مرور اتصالات تونس بعديد المراحل في إطار ما سمي بفتح سوق الاتصالات للخواص ليتم في سنة 2000 الإعلان عن مناقصة لبيع لزمة للهاتف الجوال لمشغل ثان و كانت من نصيب الشركة المصرية "اوراسكوم" المملوكة لرجل الاهمال القبطي نجيب سواريس
وليطلق عليها التسمية التجارية "تونيزيانا" على وزن "دجيزي" بالنسبة للفرع الجزائري... في وقت كانت فيه اتصالات تونس المحتكرة للهاتف القار و الهاتف الجوال و تحظى بإمكانيات هامة مقارنة بآي مشغل جديد لكن و مع تفاقم حالة الفساد المالي و تحكم عائلة المخلوع و أصهاره بمقاليد البلاد و بسط سلطانهم على المؤسسات الاقتصادية العمومية اتخذت حكومة بن علي قرارا من سنة 2002 إلى سنة 2004 يمنع اتصالات تونس من بيع أي خط جوال من خلال تعقيد الإجراءات الإدارية للحصول الشرائح "كارت سيم" ومن خلال منعها من ممارسة حقها في المنافسة الشريفة عبر عروض استثنائية في منح الحرفاء "البونيس" وغيرها و ذلك لفسح المجال للمشغل الثاني ليكون له نصيب الأسد في سوق الاتصالات وفق مخطط يفسح المجال للعائلات المتنفذة في البلاد للاستثمار في قطاع الاتصالات المتميز بالربحية العالية على حساب شركة اتصالات تونس حيث منحت شركة تونيزيانا لصخر الماطري و شركة اورنج تونس إلى مروان المبروك و كليهما صهرا الرئيس المخلوع.
جاء هذا الإجراء في وقت كانت فيه اتصالات تونس تستعد للدخول في شراكة مع الشريك الاستراتيجي الفرنسي "فرانس تيليكوم" ولينقلب الملف ولتسند إلى الشريك الإماراتي خلال العرض الثاني غير القانوني والذي دفع خلاله الشريك الجديد 2700 مليار فوق الطاولة و500 مليار تحتها (حول مباشرة لحساب صخر الماطري الصهر المبجل المكلف من طرف حاكمة قرطاج بجمع الإتاوات والعمولات والرشاوي واستثمارها صلب مجمع برانساس هولدينق.
الصفقة المريبة إلى جدت خلال سنة 2005 حيث تم الإعلان عن مناقصة دولية لاختيار الشريك الاستراتيجي لشركة اتصالات تونس تقدمت إليها عديد العروض من كبرى الشركات العالمية (فرنسية – برتغالية – خليجية -..) و تم اختيار الشريك الإماراتي الذي كان ترشيحه منذ البداية مغلوطا و هو ما أثبته تقرير لجنة تقصي الحقائق حول الفساد التي رأت انه لا يرتقي إلى منزلة الشريك الفاعل  و اثبت التقرير وجود تلاعب في المواصفات و الشروط المقدمة لحساب المشغل الإماراتي تيلكوم ديق من قبل اللجنة التي أوكلت إليها مهمة الاختيار مما يفضح انخراط مافيا الفساد العائلية في الموضوع التي كان لها نصيب من كعكة اتصالات تونس.
و لم ينته الأمر مع شركة اتصالات تونس عند هذا الحد بل تم في سنة 2009 اقتناء مشغل ثالث المتمثل في شركة اورونج التابعة لمشغل عالمي معروف دوليا تيليكوم فرنسا في إطار صفقة مشبوهة أبرمت مع مروان المبروك.
و على ضوء هذه الإجراءات الجائرة في حق شركة اتصالات تونس فقد خسرت هذه المؤسسة عديد النقاط لصالح بقية المشغلين بسبب سوء تصرف سلطة الإشراف المنبنية على المحسوبية و نهب المال العام و الاثراءعلى حساب المصلحة الوطنية و سقوط منشاة عريقة كاتصالات تونس لقمة سائغة في يد الشريك الإماراتي الذي سارع بعد دفعه 35 بالمائة من رأس مال الشركة إلى إملاء شروط مجحفة تمثلت أهمها في صياغة قانون داخلي استبعد بمقتضاه كل الطاقات و الخبرات من أبناء المؤسسة و هو ما دفع بعضهم إلى الهجرة و البعض الأخر إلى الانتقال للعمل في المشغل الثاني "تونيزيانا" كما سهل هذا النظام على انتداب عديد الأعوان من خارج المؤسسة لا يزيدون في خبراتهم عن أبناء المؤسسة و السبب الوحيد لانتدابهم هو تمرير عديد الصفقات المشبوهة على حساب المؤسسة بالتعاون مع منظومة الفساد خاصة و أن اتصالات تونس كانت تحقق من الربح الخام ما يزيد عن 400 مليار إلى حدود سنة 2004قبل أن يبدأ في التفويت في جزء من رأس مالها مع العلم أن رقم معاملاتها السنوي يفوق ب 1000 مليار.
و يستشف من الملابسات التي حفت بمسار اختيار مجمع "تلكوم ديق" الإماراتي للتفويت له في 35 بالمائة من رأس مال مؤسسة اتصالات تونس حصول تجاوزات للقواعد و الأحكام الواردة سواء بملف الانتقاء الأولي أو بنظام طلب العروض و الخاصة بسير اختيار الشريك الاستراتيجي.
لم يكن قطاع الاتصال بتونس بمعزل عن صولات و جولات عائلة المخلوع و أصهاره لما كانت توفره من إيرادات مالية كبيرة جعلت صخر الماطري يتربع على شركة تونيزيانا و نصبت مروان المبروك الحاكم بأمره لشركة اورونج تونس..
فماهي ملابسات هاتين الصفقتين؟

تونيزيانا في قبضة صاحب النمر المدجن...

نجيب سواريس حصل على لزمة المشغل الثاني بسعر مخفض وبتسهيلات غير مسبوقة ... المبلغ لا يتعدى ال460 مليون دولار ...بما ان سواريس لم يكن يملك الأموال المطلوبة لعقد الصفقة فقد تعهد بتحويل قيمة العمولة 500 مليون دولار إلى حسابات صخر الماطري بأحد مصارف الجنان الجبائية في حين تكفلت سهى عرفات بتشجيع من ليلى الطرابلسي بدفع الجزء الأول أي 230 مليون دينار من أموال الشعب الفلسطيني المنهوبة بعد وفاة الزعيم عرفات ... بعدها انقلب عليها نجيب سواريس وباع قرابة 50 بالمائة من الأسهم إلى الشريك الخليجي لقاء تعهده بخلاص الجزء المتبقي والذي عجز عن الإيفاء به نحو الدولة التونسية ... ودفع مبلغ مماثل لخزينة اوراسكوم... ولتخرج سهى عرفات من المولد بلا حمص ...
بعدها وأمام تطور مداخيل شركة تونيزيانا دخل على الخط الصبي صخر الماطري بفضل زواجه من نسرين الابنة المدللة لبن علي و حاكمة قرطاج والتي ارتبط معها في علاقة محرمة قبل الزواج بوساطة من شقيقته بية الماطري حرم العنابي(متزوجة من ابن شقيقة الهادي الجيلاني صهر المخلوع ثلاثي الابعاد ).
وبتاريخ سبتمبر 2010 فوتت الشركة المصرية المالكة لتونيزيانا في 25 بالمائة من رأس مال شركة تونيزيانا لفائدة شركتي برنساس هوليدينق غروب و شركة الزيتونة للاتصالات التابعتين لصخر الماطري و رجل الأعمال حمدي المدب الشريك الثاني في صفقة العار بمبلغ قدره 866.5 مليون دينار  و تكفلت مجموعة من البنوك التونسية و المؤسسة العربية المصرفية بتقديم القروض اللازمة على أن يتم تسديدها في اجل أقصاه 31 ديسمبر 2012 و نص عقد القروض الممنوحة على انه في صورة العجز عن تسديد تلك الفروض تتحصل المؤسسة العربية المصرفية على حصة 15 بالمائة من حصة الماطري و المدب في حين تذهب 10 بالمائة المتبقية لباقي البنوك التونسية المقرضة و الجدير بالذكر ان الحصة المذكورة قد بلغت قيمتها سنة 2012 حوالي 1447مليون دولار أي ما يعادل ملياري دينار تونسي و هو مبلغ يساوي ضعف ثمنها عند الشراء من طرف الماطري و المدب الذي لم يكن سوى واجهة لأنشطة سرقة المخلوع و زبانيته و أداة للتمويه لا غير .
الصفقة التي أبرمت في سنة 2010 بدأت لما طرحت تونيزيانا جزءا من رأسمالها للبيع ورغم التعتيم الإعلامي الذي رافق إسناد القروض المذكورة و مدة خلاصها و كيفية إسنادها و سدادها لتتعقد المسالة بعد الثورة سيما و أن 25 بالمائة من الشركة هي موضوع رهن لفائدة عديد البنوك مما حتم تسوية وضعيتها المالية مع المؤسسات البنكية 
المقرضة ليتم بعدها الشروع في بيعها أو التفويت فيها.

شركة اورونج تونس ...الإرث الثمين لمروان المبروك..

يبدو ان الرئيس المخلوع في سياسة توزيعه و تفريك قطاع الاتصالات اختار أن تكون الغنيمة من نصيب أصهاره لا غير عملا بالمثل القائل الأقربون أولى بالمعروف فبعد أن كانت شركة تونيزيانا من نصيب الصهر الصغير صخر الماطري عادت أسهم شركة اورونج تونس إلى الصهر الأكبر للمخلوع مروان المبروك بامتلاكه 51 بالمائة من أسهمها مقابل 49 بالمائة لفائدة فرانس تيليكوم بعد أن منحت هذه الأخيرة رخصة الحصول على الجيل الثالث و الانتصاب بالسوق التونسية وفق صفقة مشبوهة أبرمت تحت إشراف عراب الفساد المافيوزي مروان المبروك و بحسب مصادر إعلامية فرنسية مضطلعة فان اورنج لم تدفع مبلغ 130 مليون يورو المشار إليه في الصفقة لفائدة الدولة التونسية و إنما تحصلت على ترخيصها القانوني بفضل استثمارها في شركة ديفونا التابعة لمروان المبروك و لزوجته سيرين ابنة الرئيس المخلوع من زواجه الأول من نعيمة ابنة الجنرال الكافي و تأتي هذه المعطيات بعد أن تداولت معلومات تفيد أن اورونج استثمرت قرابة 95 مليون يورو في شركة ديفونا سنة 2009 و ذلك للنفاذ إلى السوق التونسية بطريقة غير شرعية لتحصل بعدها على نسبة 49 بالمائة في جويلية من نفس السنة من خلال مرسوم يحمل توقيع الرئيس المخلوع بن علي شخصيا و الذي منح بمقتضاه الصفقة إلى الشركة المذكورة التي تعود لابنته و زوجها و التي تحولت فيما بعد من ديفونا إلى اوررنج.
و شركة اورونج تونس هي شركة خفية الاسم تأسست في أكتوبر 2009 و بدأت في نشاطها في 5 ماي 2010  اثر تحالف بين شركة الاتصالات العالمية اورونج و شركة انفستك التونسية التابعة لمجموعة المبروك.
مروان المبروك الذي تعلقت به عديد التهم و الجرائم في حق المال العام و صدر ضده قرار من المحكمة السويسرية يقضي بتجميد أمواله سرعان ما تراجعت عن تنفيذه بفعل ضغوط ووفق ما تقتضيه مصالح أطراف معينة ترى في مروان المبروك ورقة لعب رابحة و بيدق تحركه وقت الحاجة و الشدائد .
و عن مصير نصيب صهر المخلوع في اورونج صرحت مصادر مضطلعة أن لجنة المصادرة قامت بمصادرة حصة مروان المبروك في شركة الاتصالات اورونج المقدرة ب 26 بالمائة من رأس مال الشركة بعد أن صادرت في وقت سابق حصة سيرين بن علي زوجة مروان المبروك و التي تقدر ب 25 بالمائة ليصبح نصيب الدولة 51 بالمائة من رأس مال الشركة... لكن سلطة الإشراف عادت وتراجعت عن قرار المصادرة ورفعته حصريا عن مروان المبروك متحججة بان الأموال متأتية من ارثه عن أبيه صاحب مصنعي البسكويت التقليدي سيدة والشيكولاطة العديمة المذاق"سعيد" ... شركات كانت تعيش خلال التسعينات على القروض المصرفية وتعرف صعوبات مالية كبيرة .
عديد التسريبات تؤكد ان عملية رفع قرار المصادرة من الحكومة الحالية جاء بعد ان دفع مروان المبروك لجهات متنفذة داخل حكومة الجبالي مبلغا خياليا يقارب 300 مليار.
كان لبن علي و عصابته خارطة طريق واضحة و إستراتيجية مدروسة مكنتهم من إتمام صفقاتهم القذرة بحرفية و مرونة وفق تخطيط جهنمي لشياطين أعماهم جشعهم و تسلطهم فاستباحوا البلاد التي أضحت تنوء بأوزار الفقر و البطالة و الديون و التبعية مما يشرع لبروز مافيات جديدة تستسيغ اغتصاب البلاد في زمن بات فيه العنف حجة بقاء الأقوى و حيلة ذوي النفوس المريضة.حماك الله يا بلدي...
لمياء القضقاضي



Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire