منذ قرابة الشهر ابتدأ اعتصام الصمود الذي ينفذه مساجين سياسيون سابقون يطالبون بتفعيل العفو التشريعي العام.
وقتها لم أكن أتصور ان أولئك الأبطال النبلاء سيبقون كل هذه المدة دون ان تستجيب لهم الحكومة وكنت اعتقد ان الأحزاب والمنظمات الحقوقية وكل المتشدقين بحقوق الإنسان كلها سوف تتداعى لمساندة هؤلاء المعتصمين.
لكن شيئا من ذلك لم يحدث يأتي بعض الوزراء إلى المعتصمين لمساندتهم لكن بصفتهم الشخصية ويصرح سمير ديلو لإحدى الإذاعات بان الحكومة غير قادرة على الاستجابة لمطالب المعتصمين وان الدولة غير قادرة على تشغيل أكثر من ألفين من المساجين السياسيين السابقين.
عفوا أيها الوزير لقد صرحت الحكومة بأنها وفرت خلال سنة 2012 مائة ألف وظيفة الم يكن بالإمكان استيعاب 5000 من المساجين السياسيين السابقين أم ان هؤلاء ليسوا تونسيين أم ان ذنب هؤلاء أنهم صبروا ولم يغلقوا طريقا ولم يشعلوا عجلات ولم يقتحموا مصنعا او يحتلوا بهو وزارة كما فعل آخرون لم يناضلوا ضد بن علي ولم يشاركوا في الثورة ومع ذلك استجبتم لهم لأنهم كانوا فوضويين وعنيفين.
من بين المعتصمين كانت هناك امرأة اتكأت على احد الحيطان وهي تبكي ظلما فادحا حدث عليها هل تعلم يا وزير حقوق الإنسان ان هناك نساء سجن في عهد المخلوع بسبب السياسة وان الكثيرات منهن تحطمت حياتهن وان الكثيرات منهن منعن من الدراسة وان الكثيرات منهن فاتهن الزواج وصرن عوانس بعد ان جاوزن الأربعين هؤلاء النسوة أليس من حقهن ان نعيد إليهن الاعتبار وان نضمن لهن حياة كريمة بعد ان فشلن في حياتهن الخاصة.
الكثير من هؤلاء المساجين السياسيين السابقين داهمتهم الشيخوخة والأمراض والفقر واجتمعت عليهم مصائب الأيام وصاروا يتساقطون واحدا بعد واحد مثل أوراق الخريف آخر هؤلاء المناضلة السياسية مفيدة السلامي رحمها الله التي غادرتنا وهي مريضة مشلولة مقهورة مهمشة منسية مظلومة منكسرة ملوعة حين تنظر إلى صورتها تحسبها في السبعين وهي بعد في الأربعينات ...ان مفيدة السلامي لم تكن الأولى ولن تكون الأخيرة فقد سبقها كثيرون ماتوا تحت التعذيب ( عبد الواحد عبيدلي ، رشيد الشماخي ، عبد الرؤوف العريبي ... ) او بسبب انعدام الرعاية الصحية مثل ( مبروك الزرن ، عمارة الحواشي ، احمد البوعزيزي ).
يا وزير حقوق الإنسان يا من كنت يوما سجينا سياسيا تذكر وأنت في مكتبك الباذخ تذكر وأنت في سيارتك المكيفة تذكر وأنت في فيلتك المنيفة تذكر وأنت تتغذى في أفخم النزل تذكر ان إخوة لك قد جارت عليهم الأيام وخذلهم الجميع.
ان يجوع سجين سياسي
ان تنكسر سجينة سياسية
ان يصرخ أبطال البلد ولا يسمعهم احد
فتلك فضيحة الفضائح
فضيحة لمعارضة تدعي الدفاع عن الشعب
فضيحة لنخب تدعي أنها مع قيم الحق والعدل
وفضيحة لحكومة انتخبها شعب حر .
هل يفعل مرسوم العفو التشريعي العام
أم يظل أولئك الأبطال تحت المطر والريح والبرد
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire