استطاع الياس الفخفاخ أن يخلق لنفسه مكانة مرموقة و يكسب ثقة رئيس الحكومة ليفوز بوزارة السياحة و وزارة المالية رغم صغر سنه السياسي و عدم خبرته بالساحة السياسية و منعرجاتها.
خبرة معاليه لا تتعدى مجال إدارة المؤسسات صلب مكاتب شركة "توتال" العالمية للنفط في كل من أمريكا و أسيا و أوروبا و اختصاصه في مجال التصرف في الموارد البشرية و المؤسسات و ابتسامته الهادئة جعلته يفوز بثقة أعضاء المجلس التاسيسي و رئيس الحكومة ليتقلد في ذات الوقت حقيبتين وزاريتين المالية و السياحة.
هذا الوزير الذي لم يعرف له اي سجل سياسي او نضالي قبل الثورة عاد إلى تونس بعد 14 جانفي 2011 و انضوى تحت حزب التكتل من اجل الحريات مستغلا قربه من أبناء مصطفى بن جعفر ليلعب دورا ناجحا في صياغة البرنامج الانتخابي للحزب و هو ما جعله يظفر باهتمام بن جعفر و يصنع لنفسه موقعا متميزا داخل الحزب و في رحاب المجلس الوطني التأسيسي .
عين الفخفاخ وزيرا للسياحة في وقت اتسم بالفوضى و انحدار الموسم السياحي إلى شفير الهاوية و رغم ادعاء معاليه بان الموسم السياحي 2011 -2012 كان موسما ناجحا فان المعطيات تفند مزاعمه.
اعتبر الموسم السياحي التونسي حسب تقدير الخبراء و المهنيين من أسوء المواسم لعدة أسباب أهمها غلق العديد من النزل و تسريح أكثر من 1600عامل فقدوا مواطن شغلهم بالقطاع علاوة على مديونية المهنيين التي بلغت حوالي 3.5مليون دينار بحجم خسائر بلغ زهاء مليار دينار و سجلنا تراجعا ملحوظا في الاستثمار السياحي بحوالي 50بالمائة مقارنة بفترة ما قبل الثورة و تراجع عدد الباعثين أضف إلى ذلك عزوف البنوك عن الاستثمار في القطاع... هي مؤشرات تدل-حتما- على فشل الموسم السياحي و هو ما أيدته جامعة أصحاب النزل موضحة أن تصريحات الوزير فيما يخص تطور عدد الوافدين مقارنة بسنة 2012 ليست سوى معلومات مغلوطة يحاول من خلالها معاليه إثبات نجاحه في إنجاح الموسم السياحي الذي مازال يئن بسبب فقداننا لبعض أسواقنا التقليدية كالسوق الفرنسية و إلغاء ألاف الحجوزات لجميع الأسواق و منها 40 ألف حجز من السوق الأمريكية و إعلان متعهدي الرحلات ان الحجوزات شبه متوقفة منذ 14 سبتمبر 2012 على خلفية أحداث السفارة الأمريكية وواقعة مطار تونس قرطاج في ظل تخوف وكالات الأسفار الأجنبية .
تأتي هذه المشاكل في وقت مازال القطاع السياحي يشكو فيه من ارتفاع حجم المديونية الذي ناهز مبلغ 2300 مليون دينار.
وزير السياحة لم يحقق أية نقلة أو انتعاشة لقطاع حيوي لطالما عانى من عدة إشكاليات أهمها الموسمية و هيمنة المنتوج الشاطئ و تدهور الخدمات السياحية في ظل تقادم جل الوحدات الفندقية مما جعلها لا ترتقي إلى متطلبات المنافسة العالمية و غير قادرة على إرضاء السياح الوافدين .
سيادة الوزير لم ينتبه إلى أن المنتوج السياحي بقى أسير المنتوج التقليدي و لم يطور نفسه في ظل تواضع الميزانية المرصودة للترويج السياحي و غياب الدعاية اللازمة للتعريف بتونس كعاصمة سياحية متميزة و ربط الصلة بكبريات وكالات الأسفار العالمية للمزيد استقطاب السياح و تحقيق انتعاشة فعلية في قطاع بات يحتضر .
معالي الوزير اكتفى بالزيارات السطحية لبعض النزل و بالحديث المقتضب مع بعض المهنيين دون كبير عناء فواقع القطاع السياحي في بلادنا يستدعي من سيادته أن يتجشّم مسؤولية البحث العميق في أصل الداء لمحاولة استئصاله .
و معلوم أن السياسة عالم لا يفهمه ولا يسلم من سقطاته إلا من خبر خباياه و ربما كانت نية سيادة الوزير تتمثل في النهوض بالقطاع السياحي لكن لعل اللعبة السياسية أعجبته و أغرته فانشغل بها تاركا ما عداها و لا عجب ان نسمع في قادم الأيام معاليه يرشح نفسه لرئاسة الجمهورية و "الي خذى الصبع خذى اليد بكلها ".
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire