كما كان منتظرا بعد الزيارة الفجئية التي أداها رئيس
الحكومة المؤقتة حمادي الجبالي إلى ميناء رادس التجاري يوم الاثنين 21 ماي 2012 تم
الإعلان بعد أكثر من أسبوع عن تغيير المدير العام للديوانة بتنحية العميد بالجيش
محمد عبد الناصر بلحاج وتعيين العميد بالديوانة محرز الغديري.
تغيير تكتيكي باركته عديد الاطراف خصوصا أمام الفشل الذي رافق المدير العام السابق بلحاج من تاريخ تعيينه أوائل شهر جويلية 2011 إلى تاريخ تنحيته خصوصا وان الرجل ترك الحبل على الغارب وانفرد داخل برجه العاجي يعد الايام ويحصي الساعات في انتظار تحسن الأحوال بقدرة قادر وهو الذي لم يفهم من المصالح الديوانة المعقدة إلا بعد المفردات المبهمة التي حفظها عن ظهر قلب لتأثيث تدخلاته خلال المجالس والجلسات والاجتماعات.
تغيير تكتيكي باركته عديد الاطراف خصوصا أمام الفشل الذي رافق المدير العام السابق بلحاج من تاريخ تعيينه أوائل شهر جويلية 2011 إلى تاريخ تنحيته خصوصا وان الرجل ترك الحبل على الغارب وانفرد داخل برجه العاجي يعد الايام ويحصي الساعات في انتظار تحسن الأحوال بقدرة قادر وهو الذي لم يفهم من المصالح الديوانة المعقدة إلا بعد المفردات المبهمة التي حفظها عن ظهر قلب لتأثيث تدخلاته خلال المجالس والجلسات والاجتماعات.
زيارة حمادي الجبالي فاجأت المدير العام السابق بلحاج والذي كان زمنها في زيارة إلى صفاقس للإشراف على ندوة حول التهريب وبمجرد إعلامه هاتفيا بالزيارة ظهر عليه الارتباك لأنه استشعر خطورة الموقف وإمكانية تغييره بين ساعة وأخرى وليسرع بعدها بلحاج إلى استخدام علاقاته لتنظيم منبر حواري على القناة الوطنية 1 جاء متأخرا بعض الشيء لان قرار إقالته وتغييره سبق وان اتخذ على عجل خلال المجلس الوزاري المضيق ليوم الأربعاء 23 ماي 2012 (سجل غياب وزيري التجارة والنقل خلال المجلس المذكور والحال أن الأمر يهمهما)... البرنامج التلفزي المذكور زاد في تعقيد وضعية عبد الناصر بلحاج والذي لم ينجح في إقناع المشاهدين بل زاد تعقيد الأمر خصوصا بعد أن تحدث عن لية العلوش والشعير.
تعيين إطار سام بالديوانة على رأس كبرى إدارتنا الوطنية (8000 موظف) جاء نتيجة حرص حكومة حمادي الجبالي على عدم إضاعة الوقت والدخول مباشرة في الموضوع فالمخاطرة بشخص من خارج السلك سيؤجل حتما عمليات التطهير والإصلاح المنشودين خصوصا وانه ولأول مرة يعين على رأس الديوانة 4 مدراء عامين في سنة ونصف أي بمعدل 4 أشهر لكل مدير عام (محمد السعيد الجوادي – الطاهر بن حتيرة – محمد عبد الناصر بلحاج – محرز الغديري
اذا رشحت عديد الظروف الجيو- سياسية تعيين العميد محرز الغديري بتاريخ 29 ماي 2012 في الخطة السامية على خلاف كل الانتظارات خصوصا وان هذا الأخير من المتورطين في منظومة الفساد النوفمبري من خلال إشرافه لأكثر من 8 سنوات على إدارة الامتيازات الجبائية التي عملت على خدمة عصابة السراق والتشريع لمنحهم امتيازات جبائية وقمرقية غير مستحقة مما تسبب في إضرار جسيمة للاقتصاد تقدرها أطراف مطلعة بأكثر من 600 مليون دينار
فالمدير السابق لادراة الامتيازات الجبائية محرز الغديري صادق في خرق فاضح للقانون على منح امتيازات غير مشروعة للمؤسسات التالية (نذكر بعضها على سبيل الذكر لا الحصر):
1- المدرسة الدولية بقرطاج المملوكة لليلى الطرابلسي حرم الرئيس المخلوع والتي استوردت أكثر من 100 حاوية معبأة بمختلف التجهيزات إضافة إلى أكثر من 10 حافلات نقل دون دفع أي مليم لقباضة الديوانة بعنوان معاليم قمرقية مستوجبة.
2- مجمع محمد عاطف بن سليمان والذي حصل بحكم علاقته الشخصية بمحرز الغديري على عديد الامتيازات الغير مشروعة ليعبث بمصالح الاقتصاد الوطني من خلال استغلال المنظومة الديوانية المعتمدة لتوريد آلاف التجهيزات الكهرومنزلية تحت غطاء إعادة التصدير والتفويت فيها في الأسواق الداخلية الموازية بعيدا عن أعين الرقابة.
3- مجمع "برانسيس ماطري هولدينق" والذي متع على خلاف كل القوانين والتراتيب بحزمة من الامتيازات القمروقية والجبائية وخصوصا شركة "لاقولات شيبينق كومبني" والتي تحصلت على تراخيص لتوريد قرابة 70 حاوية من تجهيزات المطاعم والقرية السياحية وأكثر من 60 نخلة.
4- مجمع "محمد مقني" لصناعة وتجارة التجهيزات الكهرومنزلية والذي حصل دون وجه حق أيضا على حزمة من شهادات الإعفاء من دفع المعاليم الديوانية المستوجبة وليثري بطرق غير مشروعة على حساب المجموعة الوطنية ولينتهك حدودنا البرية والبحرية والجوية وفضاءاتنا القمرقية.
والمجال لا يسمح بذكر كل المخالفات والخروقات التي ارتكبها محرز الغديري زمن النظام البائد.
ورغم أن غالبية المتتبعين للمشهد الديواني كانوا ينتظرون إحالة مدير إدارة الامتيازات الجبائية على التحقيق طبقا لمنطوق الفصل 96 من المجلة الجزائية من اجل استخلاص فائدة لنفسه أو لغيره لا وجه لها والإضرار بالإدارة ومخالفة التراتيب الجاري بها العمل ... فان العكس هو الذي حدث إذ تم بفعل فاعل التستر على تاريخ الرجل وإخراجه في ثوب الرجل الأوحد المقترح لإنقاذ الديوانة ولتطبيق أجندة الإصلاح التي أقرتها حكومة الجبالي.
وبمجرد تسلم محرز الغديري لمقاليد حاكم الديوانة حتى سارع إلى الإعلان عن حزمة من النقل والتعيينات غير المدروسة اعتمدت على أشكال الفساد من المحاباة إلى المحسوبية والتي أتت بجل معارفه وحلفائه وأصدقائه على رأس أهم إدارات ومكاتب ومصالح الديوانة وليصل الأمر أن تقترح التعيينات من طرف عدد من المتدخلين المشبوهين (مافيا التهريب بالخصوص) وان تتم اعتمادا على مكالمة هاتفية من احد متنفذي حركة النهضة الحاكمة حاليا للتدخل لفائدة فلان أو بعد زيارة أو لقاء مع احد أباطرة عصابات التهريب المتفرخة عن عصابة السراق المخلوعة أو بعد ورود رسالة مجهولة تقدح في احد الإطارات الشريفة.
والنتيجة انحراف الديوانة من مؤسسة وطنية تعمل لفائدة المجموعة الوطنية وتحمي اقتصاد البلاد وتثري خزينة الدولة وتسعى لتجفيف منابع التهريب والكونترا إلى مؤسسة خاصة مشخصنة تعمل لفائدة آل الغديري وشركائه في الفساد.
بعض الأطراف المطلعة على خفايا الديوانة تؤكد على أن المدير العام الجديد للديوانة لم يصدر إلى حد الساعة ورغم مرور قرابة 3 أشهر على تعيينه أي مذكرة عمل أو خارطة طريق أو ما شابه ذلك من القرارات والتراتيب الخاصة بإدارة مرفق الديوانة بل انحصرت جل القرارات في النقل والتعيينات التعسفية والفوضوية والتي أربكت موظفي الديوانة وتسببت في خسائر كبيرة وليلقب بعدها المدير العام "بمحرز نقلة".... كذلك سجل رفض عدد من الإطارات التي تقرر نقلتها التحاقهم بالخطة الجديدة وليمارس عدد منهم تدخلات جانبية أتت أكلها وليتراجع المدير العام عن قرارات سبق له البت فيها(قرابة 65 حالة) ووصل الأمر أن كل من يقابله للاحتجاج لا يغادر مكتبه بالطابق السادس إلا والنقلة المطلوبة بين يديه.... تداعيات خطرة تنذر بالوبال وتؤكد على ضعف شخصية المدير العام محرز الغديري.
أما عن إدارة الحرس الديواني (القوة الضاربة بالديوانة لانجاز المداهمات الميدانية وعمليات الحجز الفعلية) فقد سارع محرز الغديري إلى إفراغها من كفاءاتها وخبراتها خصوصا منها العسكرية التكوين (خريجي الاكاديميات والمدارس العليا العسكرية ) وليعين مكانهم إطارات عرفت بتورطها في الفساد المالي والإداري ومنهم على سبيل الذكر لا الحصر رؤساء الوحدة الأولى والثالثة للحرس الديواني وعدد من أمراء الفصائل والإشكال هو أن تعيين رؤساء وحدات وفصائل لا يحسنون استعمال السلاح على فرق مختصة مجهزة بالأسلحة ومطالبة بالتدخل الميداني على كامل تراب البلاد.
وكذلك الأمر لا يختلف الكثير في إدارة الأبحاث الديوانية والتي قرر محرز الغديري بجرة قلم إفراغها من كفاءاتها وخبراتها وإحالتهم إلى ثلاجة الإدارة وتعويضهم بإطارات غير مختصة لا علاقة لها بالأبحاث ولا تحسن التحقيق والاستنطاق أو حتى تحرير المحاضر الديوانية .
أيضا إدارة التتبعات والنزعات والتي تركت على حالها لتواصل شطحاتها الموروثة عن العهد البائد خصوصا عملية إحالة المحاضر الديوانية بعد فوات الآجال القانونية المحددة ب3 سنوات لسقوط حق التتبع بمرور الزمن وآخرها محضر لعماد الطرابلسي صهر الرئيس المخلوع تمت إحالته عمدا إلى النيابة العمومية لتسقط اوتوماتيكيا خطايا بعشرات المليارات
والحديث عن الديوانة يحيلنا حتما إلى أهم المداخل البحرية للبلاد التونسية والتي تنتهك يوميا مئات المرات وخاصة موانئ رادس وحلق الوادي وسوسة وصفاقس أين ينجح عادة محترفي الكونترا في تهريب عشرات الحاويات المجهولة المصدر والحمولة والوجهة والتي تغادر عادة الموانئ المذكورة معتمدة على وثائق شحن وبيان بضاعة مغلوطة دون أن تترك في خزينة الديوانة أكثر من معلوم الطابع الجبائي 7 أو 8 دنانير(باستغلال إجراءات العبور والترانسيت أو باستغلال منظومة مخازن التسريح الديواني "مقازان كال")... إذ يؤكد مصدرنا الموثوق أن التهريب شهد طفرة غير مسبوقة تحت إشراف محرز الغديري وليتضاعف الفساد المالي والإداري أكثر من 20 مرة.
فكل المؤشرات تدل على أن تعيين محرز الغديري جاء متسرعا واعتمادا على وثيقة السيرة الذاتية المقدمة من طرفه والدعم الذي وجده هذا الأخير من سيدة أعمال متنفذة "ل.لزرق"(زوجة مرابي معروف متورط في قضية 50 مليار سنة 2005 مع احد كبار المقاولين "ع.م" إضافة إلى إدارتها مع زوجها لكبرى شبكات التهريب بين تونس والجزائر وليبيا ولبنان وأوروبا والصين) لها علاقة وطيدة برئيس الحكومة حمادي الجبالي ... ولتدخل الديوانة في دوامة من الفساد ظاهرها إصلاح وتطهير وحسن إدارة وتدبير وباطنها تهريب وتحيل وابتزاز ووساطة مشبوهة.....
والمطلوب اليوم ممن يهمه أمر الديوانة أن يسارع إلى قطع الطريق أمام مافيا التهريب التي نجحت بعد الثورة في اختراق الحكم الانتقالي والمؤقت وفي وضع اليد على أهم مفاصل الديوانة وذلك لن يكون حتما بتثبيت محرز الغديري الذي اتضح انه ليس بالرجل المناسب في المكان المناسب ولا في الوقت المناسب... ربما قد يكون مكانه بإحالته على القضاء وفي اخف الحالات إحالته على التقاعد .... وتعيين خلف له لا يكون بالضرورة من منتسبي سلك الديوانة أو الجيش بل المطلوب أن يكون من الإطارات العليا لوزارة المالية المشهود لهم بالكفاءة والخبرة في ميدان الجباية ونظافة اليد خصوصا وان الديوانة إدارة فنية مختصة تعتبر من أهم مكونات وموارد الجباية في نظامنا الحالي(ففي المغرب مثلا الديوانة والجباية يكونان إدارة واحدة تسمى إدارة الجباية والديوانة).....
منقول عن جريدة المساء ليوم 22 اوت 2012
تصحيح : تسرب خطا مطبعي إلى المقال المنشور على صفحات الجريدة
الاسبوعية "المساء" حيث سقطت سهوا فقرات هامة وللغاية نعيد نشر المقال
كما كتبه صاحبه الصحفي والمدون محمد الحاج منصور
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire