samedi 7 décembre 2013

حوار السفهاء : من اغتيال العباد إلى اغتيال البلاد




الترهيب والوعيد والاغتيال ثلاثة أقانيم  نسجتها حركة النهضة في مسلسل متصل الحلقات يتطور بترتيب دقيق ومنطق عجيب غريب  ..فبعد مشاهد الترويع التي عاشها التونسيون مع ما يسمى بروابط حماية الثورة وبعد الاعتداءات على المتظاهرين في ذكرى الشهداء في شارع الحبيب بورقيبة وبعد الهجوم على مقر الاتحاد طوّر الإخوان نوع إرهابهم فرشّوا أهالي الحواري الفقيرة في ولاية سليانة بالرش فتركوهم عميا لا يبصرون ... ولما أيقنوا أن ' الميدان قد خلا لحميدان " بدؤوا ينحون بمسلسلهم نحو الدراما وكان الاغتيال الموجع للشهيد شكري بلعيد يوم 6 فيفري 2013  مؤذنا بمرحلة جديدة في تاريخ البلاد التونسية مرحلة اغتيال زعماء الوطن وذبح حماته من جهة ومرحلة السقوط الأخلاقي والسياسي  من جهة ثانية .


أما عن الاغتيال فلا ترانا في حاجة كبيرة إلى التّذكير بمآسينا فرصاصات الغدر التي رحلت بالشهيد محمد البراهمي ما يزال وقعها كالوقر في آذان التونسيين وما يزال أثرها يدمي القلب ويبكي العين ، وأما صور الجنود الذين ذبحوا بل نحروا  في سفح جبل الشعانبي فلن تمحى من الذاكرة لأن مرارتها محفورة في الذاكرة مثل النقش في الحجر ، وإن تنسى الذاكرة فلن تنسى أرواح الأمنيين الأبرياء الذينتم قنصهم بالرصاص فيقبلاط من ولاية باجة وبن عون من ولاية سيدي بوزيد مهد الثورة التونسية . كل ذلك حدث ولا حزن رأيناه على محياهم فكأنهم لا يشعرون ، كل ذلك حدث ولا موقف اتخذ فكأنهم صم بكم عمي في غيّهم يعمهون .



وأما عن السقوط الأخلاقي و السياسي فصوره أكثر من أن نستطيع  لها عرضا في هذه المساحة النصية وسنكتفي فقط بنقطتين تتعلق الأولى بحكومة الإخوان التي جاءت  بعد اغتيال الشهيد شكري بلعيد وترتبط الثانية بالحوار المزعوم الذي انخرطت فيه النهضة بعد اغتيال الحاج البراهمي 25 جويلة 2013  . فقد تبين بما لا يدع مجالا للشك  أن حكومة الإخوان الثانية هي أسوأ بكثير من حكومة الإخوان الأولى ، وليس في ذلك ما يدعو على الاستغراب فهي حكومة ولدت من رحم الفشل فولدت خليطا مشوها : فرئيسها  لما كان وزير داخلية  لم يتورع عن رش الفقراء والمساكين بالرصاص الذي يعمي العيون ووزير ماليتها أبان عن فشل ذريع في وزارة السياحة  فلّما وضعوه على وزارة المالية خرب الاقتصاد ولعل ميزانية 2014 ستكون قاصمة الظهر لهذا البلد الآمن أما وزير تجارتها فنوادره الآن لا تقل غرابة عن تلك التي آتاها لما كان وزير تشغيل ..


وما قيل عن الوزراء الثلاثة يكاد ينسحب على بقية الوزراء الذين يتشدقون بالشرعية لذلك تراهم يناورون لا يحاورون ، فهم ومنذ اغتيال البراهمي قد جعلوا أصابعهم في آذانهم خوف المحاسبة :  فهم  مرة  ينقضون عهودهم من بعد ميثاقها ،  وهم  مرة يتخذون المعارضة هزوا ،  وهم مرة يوهمون بالمستيري خليلا لإرضاء أنصارهم فإذا  خلوا إلى شياطينهم بدلوا المستيري  تبديلا مخادعين قواعدهم ومحاوريهم وما يخادعون إلا أنفسهم وما يشعرون ، إنهم يريدون بالمخادعة والمخاتلة ترك الحكومة لأيام معدودات  والعودة إليها في لمح البصر  لإفناء ما تبقى من روح هذه الثورة المغدورة .

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire