قد يبدو للوهلة الأولى أن المسلسل الذي ارتأت الثورة
نيوز كتابة سيناريو له معهود عند
التونسيين مستهلك غير أن الأمر غير ذلك و هدف المسلسل عميق ذو
مغزى ...و ما مبادرتنا بإعادة تدوين أحداث الماضي إلا للكشف أولا على عديد الحقائق الجديدة و الكواليس التي لم تظهر و
ظلت متسترة و ثانيا للتأكيد على أن
الحقيقة ضاعت فعلا من اللحظات الأولى
و ثالثا للوقوف عند الاخلالات و أوجه
التلاعب و رابعا لتأريخ الأحداث و خامسا لاستشراف
للمستقبل و إصلاح ما يمكن إصلاحه في قادم الأيام خاصة و أننا على مشارف بروز حكومة
جديدة
... و ما جرنا
للحديث عن حكومات ما بعد الثورة إلا هذه
الفوضى العارمة التي ظلت البلاد تعاني
منها ...ثم لا ننسى أن نار الفضائح طالت العديد من المسؤولين في حكومات
ما بعد الثورة ..فقد ظن أصحاب المعالي أنهم بسلطتهم النافذة قادرون
على إخفاء انحرافاتهم و عوراتهم و أساليبهم القديمة الجديدة لكن يبدو أن حظهم عاثر
و فكرهم سقيم ..ففضائحهم لا يمكن حصرها و السلطة لم تستطيع سترها ... و تأكد أن
دولة ما بعد الثورة لم يحكمها إلا الضالعون
في الفساد و العارفين بأسراره
"الثورة نيوز" ارتأت آن تمنح للقراء مسلسلا
دراميا حزينا يروي فضائح الحكومات و أوجه الفساد و التلاعب فيها فضلا عن جملة من الأسرار الأخرى ...فمتابعة شيقة
حكومة
محمد الغنوشي : السقوط و مسرحيته... والذود عن التجمعين و الطرابلسية ؟؟
لم يكن الشعب يوما راضيا عما آلت إليه الثورة إبان حكم المخلوع أو يختزل
بداخله قناعة بمسك محمد الغنوشي الحكم بعد بن علي ...بل هبت قوى الشعبية
لإزاحة الغنوشي و أتباعه و إعادة وضع سيرورة الثورة على السكة الصحيحة ...
و قناعة الشباب بالإطاحة برأس محمد الغنوشي من دكة الحكم كان مرّدها أن هذا الاخير لا يمت بصلة
إلى الثورة. فهو نائب رئيس حزب التجمع الدستوري، وعضو هيئة أركانه، أي الحزب الذي
تسلط على البلاد واضطهد وعذب وشرّد وروّع كل من تجرّأ، أو حاول الوقوف في وجه
الطغيان. و على اعتبار أنه من ابرز الرؤوس
السياسية التي لا تعترف في عمقها بالثورة التونسية وتعاملت معها كحركة احتجاجية
تفرض جملة من الإصلاحات لا غير ..بل حاول قبل فرار بن علي إنقاذه وإنقاذ مشروع
شركائهم في الخارج بتركيز حكومة تقوم بجملة إصلاحات وتحتوي الثورة أو تقزمها وهي
خريطة عمل معلومة...
المطالبة
بإسقاط الغنوشي
لذلك واصل
محمد الغنوشي بالاعتماد على
جهاز الدّاخليّة الذي رعى أمن بن علي بكل تفان في قمع المظاهرات السلميّة
الرّافضة لمحاولة السطو على مكاسبها التي ضحى فيها الشعب بالعديد من أبنائه. حيث
فرّقت قوات البوليس بوحشيّة، يوم 14 جانفي
و بأمر من بن على وبإشراف الغنوشي الوزير الأول وبتنفيذ من فريعة وزير
الداخليّة، المظاهرة الشعبيّة السلميّة. ثم في يوم 18 جانفي، فرّقت نفس القوات
وبنفس الوحشيّة، المسيرة السلميّة المعارضة لحكومة الغنوشي ولوزير داخليته فريعة
دون مراعاة حقّ التظاهر السلمي، وهو الحقّ الذي لم تمارسه
الجماهير البتة، طوال فترة حكم بن علي والغنوشي، إلا في حالات استثنائيّة نادرة
وبتضييق شديد.
و المطالبة
بسقوط محمد الغنوشي من أعلى قصر الحكومة
بالقصبة كانت إيمانا من القوى الشعبية أن
هذا الأخير ما هو إلا امتداد للسياسة الرّأسماليّة الليبراليّة. تلك السّياسة التي مارسها نظام بن علي منذ 1987،
والتي اكتوت بنارها الجماهير الشعبيّة التونسيّة، وفي مقدمتها الجماهير الكادحة
وجماهير الشباب، وتكبدت وصبرت حتى لم تعد تحتمل المزيد، فهبت كالبركان المُنفجر ضد
الاستغلال والفقر والتهميش والتجويع، ولتطالب بحقها في مقومات الحياة وفي مقدمتها
الحقّ في الشغل. هذا هو بالتحديد المعنى الأساسي، إلى جانب البعد الديمقراطي،
لثورة الجماهير الشعبيّة العظيمة في تونس.
سقط الغنوشي و بعد ؟؟
17
فيفري 2011 كان يوما مشهودا للشارع التونسي و الجماهير الشعبية التي بارحت ساحة القصبة بعد اعتصام مفتوح توج بسقوط محمد الغنوشي ... و مغادرة محمد الغنوشي لرئاسة
الحكومة لم تكن وليدة احتجاجات فقط و إنما هي نتاج انتهاء من عملية إتلاف عديد
الملفات الخطيرة التي تورط فيها على غرار
ملف حي البراطل بجهة حلق الوادي و التي تعلقت فيها التهم بالتوصل بالقوة والعنف والجبر
إلى أخذ إمضاء أو عقد متضمن لالتزام بالتفويت وتعمد موظف عمومي الدخول إلى مسكن دون
رضاه وإرادة صاحبه والاعتداء بالعنف دون موجب
حق على الناس وافتكاك حوز بالقوة. و كان قاضي التحقيق ومنذ تعهده بهذه القضية قد
أصدر بطاقات إيداع بالسجن شملت 7 متهمين من
بينهم والي تونس الأسبق منذر الفريجي. ...
مسرحية السقوط :
ما
يزال الشارع يتذكر تلك المسرحية السخيفة التي أقدم عليها محمد الغنوشي لما حول اتجاه الأنظار من ساحة القصبة إلى قبة المنزه حيث أرسى
العشرات من التجمعيين مظاهرة لمناصرته
و الذود عنه للبقاء في دكة الحكم ... وهي مظاهرة على قلة عددها فانه أراد
بها إيجاد تيار عكسي ضد رغبة الشعب ورغبة منه في البحث عن شرعية الشارع و لو بعشرة
أنفار ...
حلّ التجمع الدستوري
كما يزال التاريخ يذكر أن محمد الغنوشي حال دون
حل حزب التجمع الدستوري الديمقراطي
على اعتبار انه إعلان
نهاية النظام البائد الذي ظل
الغنوشي يدافع عنه ببسالة و أراد له
العودة من الشباك ... و دليلا عن دفاعه المستميت عن التجمع و أزلامه أقدم في
خطوة أثارت غضب جماهير الجهات على تعيين 19 واليا تجمعيا دون التعريج عن المعتمدين الذين ينحدرون من نفس
المرجع السياسي .. و قد كان
من الطبيعي أن يسقط هذا
الحزب الذي نشر الرشوة والفساد في المجتمع وفي كامل دواليب الدولة، حيث طال أذى
حزب التجمع كافة أجهزتها التي استولى عليها ومدّ فيها شبكته الأخطبوطيّة. كما
انه ليس بالإمكان إصلاحه فإنّه من غير
المنطقي أن يقبل الشارع بارتهان مصير الثورة وتطلعات الكادحين والشباب وعموم
الجماهير التونسيّة إلى الحريّة والانعتاق من نير الاضطهاد برموز العهد البائد،
خاصة عندما يتعلق الأمر بأحد أبرز جنرالات الطاغية بن علي، الذي تربي على خدمته
وطاعته.
عنوان الذود عن الطرابلسية
لا نذيع سرا إذا قلنا إن محمد الغنوشي عمل ما في وسعه
لإطلاق سراح الطرابلسية و
المعلومات المتأتية من إدارة التشريفات بمطار قرطاج تؤكد
أن ضابطا في الأمن التونسي تلقى تعليمات
من قبل الوزير الأول السابق محمد الغنوشي لإطلاق سراح الطّرابلسية الذين احتجزوا في
مطار قرطاج الدولي ليلة 14 جانفي 2011. وأضافت مديرة التشريفات أنّ الضابط رفض تطبيق الأوامر ...
أسئلة حائرة
مما
لا يختلف فيه عاقلان هو أن البلاد خسرت شهرين بعد الثورة تتالت فيهما الاعتصامات
والاحتجاجات على الحكومة الأولى بعد الثورة ورفض الشعب الوزراء التجمعيين رغم
استقالتهم.. و استمرار
أحداث العنف والانفلات الأمني؟ ثم طفت على الساحة مسألة الولاة والمعتمدين
التجمعيين وتأخر الاعلان عن موعد انتخابات المجلس التأسيسي. كل هذا حدث في فترة
الوزير الأول السابق محمد الغنوشي.. وقد ذهب البعض إلى أن التباطؤ في القطع مع
النظام البائد وما حف بتلك الفترة من أحداث وراءه ضغوطات شديدة كانت وفق اجندات
خارجية.. وأسئلة أخرى عديدة طرحت نفسها حول المكاشفة والمحاسبة قبل المصالحة التي
طالبت بها شتى الحساسيات السياسية والمنظمات وغيرها، فقد تساءل عديدون: لماذا وقع
حل التجمع بعد الغنوشي؟ لماذا انطلقت محاسبة رموز الفساد وإصدار بطاقات ايداع
بالسجن في شأنهم بعد استقالة محمد الغنوشي..؟؟؟ و لماذا ظل الغنوشي عصيا عن المحاسبة ؟؟
الأسبوع
القادم :
حكومة البجي
قايد السبسي : من نفخ في صورته... و مخطط تنصيبه
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire