mercredi 27 novembre 2013

الشركة التونسية لتربية الأسماك (سيدي بوعلي): عقد اللزمة انتهى .. و بلغ سيل الفساد الزبى ... ووكالة تهيئة الشريط الساحلي عمياء لا ترى ؟؟؟





    عقد اللزمة انتهى منذ 1999 و الشركة ما تزال تستغل العقار مع  انتهاكات صارخة لم يحدّها حتى البحر ؟؟ا

لم يمر المقال الذي نشرناه عن  الشركة التونسية لتربية الأسماك بسيدي بوعلي و هرقلة  لصاحبها أمحمد إدريس بسلام حيث أثار ضجة  و تفاعلا بين  عديد المتساكنين بالجهة ... و من الصيادين من مختلف الجهات ... الصيادين الذين قاسوا الويلات و لا زالوا من تجبّر هذا المارد البحري ...إذ منذ ما يزيد عن 25 سنة و شركة تربية الأسماك تضرب في بفسادها في البحر... وأكثر من عقدين  ونصف  والتجاوزات و الانتهاكات لم تنته ... و قد يتشدق أصحاب المعالي من الخانعين أن الأمر يتعلق بمورد رزق لعديد العملة و استثمار بمئات الملايين لا يمكن بالمرة الوقوف ضده على اعتبار مواطن التشغيل التي يوفرها  غير أنهم تناسوا المضار والاخلالات التي لحقت  بالبحر و بملك الغير وبالصيادين و المصطافين  و البيئة  و غيرها  ...
فما أن تطأ قدماك تخوم  الشركة التونسية لتربية الأسماك بسيدي بوعلي أو بهرقلة   حتى تجول بخاطرك الأبيات الشعرية التي  رددها الإمام الشافعي لما قال :

الدهر يومان ذا أمن وذا خطـر **** والعيش عيشان ذا صفو وذا كدر
أما ترى البحر تعلو فوقه جيف **** وتستقر بأقصى قاعـه الـدرر

 ورغم الفساد و مخلفاته فقد ظل إدريس كما  ذكرنا عصيا على التفتيت كصخور البحار ... و عصيا عن التطويع و الترويض كالأمواج الهائجة و لم تقدر لا السلطة القديمة التي  ولد من رحمها و لا  السلطة الحالية و لا القادمة على تركيعه وفق القانون الوضعي للدولة المدنية  بل  بقى شامخا بفساد لا يضاهيه فساد ... والشركة التونسية لتربية الأسماك  كما سبق أن ذكرنا جعلها إدريس بمثابة الكارثة حيث  أصبحت العنوان البارز لطغيان الرجل و فساده و منحت كلاّ من ألقى نظرة على محيطها و مجراها و مجاريها  دهشة قوية  تجعله يبقى صامتا لا تحركه أمواج الشتاء من هول المشاهد وهول الخراب ...



المشروع الاستيطاني

 في صورة  تتشابه و الصور القادمة من أرض العزة غزة  و المتمثلة خاصة في عملية  الاستيطان العشوائي التي ما  انفكت قوى  الظلم  تهندسها بدقة وحسبان   ضاربة عرض الحائط بكل المعاهدات الدولية   اتخذ إدريس  نفس التمشي  من خلال  الاستحواذ  بشكل مجحف و ظالم على ملك الغير و المتمثل في العقار المسمى " النصر" الكائن بهرقلة موضوع الرسم العقاري عدد 50641 سوسة مساحته 6 هكتار و 6آر و 150 ص وهو عقار تابع لعائلة "بوغرارة" ... حيث أفتكه إدريس واستغله في مشروعه دون وجه حق و في إطار توسعة مساحة شركته...



و أتمت  وكالة تهيئة الشريط الساحلي  مشروعه  بعد أن أقدمت هي الأخرى على انتزاع  جزء من عقار الغير  التابع لنفس العائلة سنة 1992 و مساحته هكتار و 700 متر و أعدته ملكا عموميا بحريا  بل و منحته إلى إدريس في إطار عملية التوسعة التي تشهدها  الشركة التونسية لتربية الأسماك...
و الغريب في الأمر أن إدريس لم يكتف بفساده  حتى الشاطئ و الرمال  بل استحوذ على ارض صلبة  تم عدها  على كونها   جزءا  من الملك العمومي البحري  و قام بتحفيرها   حفرا حفرا ثم حولها إلى أحواض لتربية الأسماك ...
 و أما باب الغرابة الأكبر  فان الأرض التي تم الاستيلاء عليها و التي وقع البناء فوقها هي جزء لا يتجزأ من  محمية حلق المنجل  و هي مصنفة عالمية كونها منطقة  رطبة ذات أهمية عالمية  منذ فيفري 2012 وفق منظمة "رمسار" ( المختصة في تعداد المحميات).


عقد اللزمة

ما يذكر في هذا الباب أن وكالة تهيئة الشريط الساحلي فوتت في العقار المذكور سلفا  إلى محمد إدريس منذ سنة 1989   و كانت صيغة الاتفاق وفق  ما تم ذكره في عقد اللزمة المبرم بين الطرفين  نصّت على  استغلال العقار لمدة 20 سنة و بلغت قيمة الكراء سنويا  2 ملايين و 880 دينارا و المساحة المستغلة مساحتها 48 هكتارا ... و بعملية حسابية بسيطة نخلص أن معلوم الهكتار الواحد من ارض ساحلية   بلغ  تقريبا 62500 و المتر المربع الواحد تقريبا ب625 مليم فقط ..
و من  التجاوزات  التي اقترنت باللزمة هي أن أجالها انتهت  منذ 2009 و بقيت الشركة تعمل  خارج إطار القانون  بل أصبحت تحرث في البحر لا  بالمعنى المجازي  و إنما بالمعنى الفعلي  دون  حسيب  و لا رقيب و ارتكبت في حق الملك العمومي البحري كوارث بيئية لا تحصى و لا تعد...



 الاعتداء على معالم بيئية وتراثية

 إضافة إلى ما أسفلنا الذكر  حول  انتصاب شركة إدريس  في قلب  محمية حلق المنجل  المنضوية ضمن قائمة المحميات العالمية،  فإنها أيضا داست على معلم تراثي روماني  يتمثل في القنطرة الرومانية  العتيقة  التي ضمها إدريس إلى محيط الشركة الذي يشهد اتساعا من  سنة إلى أخرى و لا يعترف بالحدود الموضوعة من قبل ديوان قيس الأراضي ...كما ضمإدريس بطريقة غريبة الطريق الجهوية القديمة  814  بعد أن تم قطعها بسياج من الأسلاك الشائكة دون  أن تتدخل أي من السلط الجهوية و المركزية لإعادة الاعتبار للمحمية و للمعلم الروماني و للطريق .



مخالفات بالجملة

 لم تكتف شركة إدريس بإنتاج الأسماك في الأحواض الخاصة بها بل تجاوزت ذلك و قامت بطريقة تنم عن جشع و طمع لا يتوقفان  باستغلال الثروة السمكية  في سبخة حلق منجل  وهي مقصد لعديد الصيادين من كل جهات الجمهورية و خاصة من مدن الساحل على غرار اكودة و سيدي بوعلي و هرقلة و خنيس و صيادة ...
و من   غرائب  الأمور أن الشركة  قامت بإغلاق المجرى الرابط بين  البحر و السبخة و أغلقت الفتحة   و سارعت  إلى  فتح منافذ اصطناعية من الاسمنت مؤدية إلى الأحواض الاصطناعية التي أرساها  والتي هدفها  تغيير اتجاه الأسماك فبدل الاتجاه إلى السبخة  يكون الاتجاه إلى الأحواض الصناعية التابعة له .. و تسببت هذه العملية  في  قتل كميات كبرى من الأسماك على اعتبار أن عملية سد المنافذ حال دون عودة الأسماك إلى البحر و قطع مد الماء البحري الذي يتدفق إلى السبخة و الذي كان عاملا أساسيا في تعديل ملوحتها  فهو  يجدد مياهها و يمنع عنها الجفاف على اعتبار أن السبخة   كانت مرتبطة مباشرة بالبحر و تستفيد الثروة السمكية التي تختزلها من عمليتي المد و الجزر الطبيعيتين اللتين يقوم بهما البحر ...
و من الأعمال  الرخيصة  و الأفعال الرديئة التي   برزت   تتمثل في ضخ المياه الملوثة  في السبخة و التي كانت الطريقة السهلة التي  اتخذتها  الشركة  لقطع دابر قدوم الأسماك  و تحويلها إلى فضاء مناسب للحشرات و الناموس  و مرتعا جيدا لها ..




إدريس استحوذ على قرابة 50 هكتارا من الملك العمومي البحري  و ملك الغير ب ألفي و 800 دينار فقط ...

و قامت الشركة في ضفة أخرى  بحفر مقابر مفتوحة لقبر الأسماك الميتة و المقابر هي  في الحقيقة كانت في شكل خنادق لا   يتجاوز عمقها 2 متر على أقصى تقدير  يقع إلقاء الحوت الميت فيها و لا يقع ردمه إلا حالما تبلغ الكمية السطح  و ذلك مدة تقدر بشهر أو أكثر .. و في الأثناء فان كل عملية إلقاء الحوت الميت ّ " الجيفة" يتبعها انتشار لروائح كريهة تزكم نفوس الأهالي و القاطنين بالقرب من الشركة..


القضاء  على الأراضي الفلاحية

 المياه الملوثة التي  تضخها الشركة التابعة لإدريس  تتم بصفة دورية تقريبا دون انقطاع ... و على اعتبار  انه قام بإغلاق المجرى الطبيعي  فان المياه تسربت  إلى أراضي الغير و خاصة ارض عائلة "بوغرارة" و أراضي عائلات أخرى على غرار عائلة "سوقير" ... و تسببت المياه الملوثة في إلحاق  الضرر بالطبقة من خلال تصليب الأراضي التي كانت معطاء في زمن غير بعيد ... كيف لا وهي التي كانت حبلى بالزراعات الكبرى  خاصة الحبوب  حيث يصل الإنتاج فيها إلى آلاف الأطنان  من القمح و الشعير  لتصبح اليوم غير قادرة على إنجاب حتى  " الحرمل " ...


متفرقات من عالم التجبر

 من مظاهر التجبر و التسلط التي كان يقوم بها أصحاب الشركة  أنهم  أغلقوا  الطريق المحاذي لسور الشركة من الجهة اليمنى  لها  و ذاك الطريق هو في الحقيقة  طريق  يؤدي إلى شاطئ حلق المنجل المعروف في أوساط المصطفين بنظافته و توفر الخدمات الشاطئية به من  حماية مدنية و مظلات و أكشاك لبيع مستلزمات  الترفيه و الخلاعة و غيرها  ... و بناء عليه فقد عمدوا إلى قطع الطريق عنهم و حال دون ولوجهم الشاطئ ..
و لم يعد اليوم ذاك الشاطئ الذي كان القبلة الأولى لأهالي سيدي بوعلي و احوازها و أريافها على اعتبار الإضرار التي لحقت به  و على اعتبار الشغب الذي تسببت فيه الشركة على غرار إطلاق عنان كلاب الحراسة على  المصطافين فضلا عن الروائح الكريهة المنبثقة من  خنادق الحوت الميت  و التلوث  البحري الناجم  عن المياه الملوثة للشركة ...


 تواطؤ وكالة تهيئة الشريط الساحلي

أولا لابد من نقل الصورة كما هي و المتمثلة في كون أمحمد إدريس فتح طريقا في البحر ...نعم ... طريقا في البحر ... و شيد على الملك العمومي  بناءات مخالفة للقانون ... وقام بعديد الأشغال بعد أن جرف كما هائلا من الرمال باستعمال آلات الرفع  الكبيرة والثقيلة الحجم ... و ألقى بكم هائل من الفضلات و الأوساخ على الشواطئ هنا و هناك .... و في باب التلوث  لا بد من الإشارة  إلى كونه عمد إلى إرساء منافذ اصطناعية خصصت للتحكم في تسريب المياه مشكّلة من الاسمنت المسلح و أقام أشغال بناء تتمثل في  إنشاء بيت صغير المساحة بواسطة الأجر  قام  بالاستيلاء على مساحة كبرى من الشواطئ و تسييجها بسياج من الأسلاك الحديدية الشائكة و المتماسكة بعوارض إسمنتية ...



 و من الأضرار الفادحة التي خلفها نشاط  شركته انه جعل المياه  تتدفق من  الأحواض الاصطناعية   في مجرى شبيه بالوادي امتد جريانه على مسافة طويلة على الشريط الساحلي و متواز مع ضفاف البحيرة  وبطريقة غير طبيعية وقد أدت كثافة تدفق المياه به إلى جرف الرمال الشاطئية و تأكلها و حملت المياه في مجراها الفضلات و قطعا من الحديد المخزز  مما تسبب في هلاك كميات هائلة من الأسماك بفعل تسممها ....
و أمام حقيقة الصورة و هول الكوارث البيئية التي يعجز القلم   عن وصفها ... صمّت وكالة تهيئة الشريط الساحلي  أذانها  عن  التجاوزات و لم تحرك ساكنا ... بل إن الغريب في الأمر أن كل المسؤولين الجهوين في كل القطاعات تغيروا في سوسة إلا  المدير الجهوي للوكالة  مولدي خليفة الذي ظل في مكانه من قبل الثورة  وإلى حد هذه الساعة  دون أن يستطيع احد إبعاده على اعتبار  الدعم الذي يجده من  إدريس الذي   فرض بقاءه في عرشه...
ووكالة تهيئة الشريط الساحلي بانت و كأنها لا ترى و لا تسمع  و لم تكلف نفسها عناء التفقد رغم أنها على علم بشكاوى الأهالي وتذمراتهم  تلك التذمرات التي  بلغت مسامع المدير الجهوي و المدير العام  أيضا محمود الشيحاوي... و الجدير بالذكر  إن الوكالة وفق ما نقله لنا العديد من المتضررين  تحولت إلى  بيدق  أو قل دمية يحركها إدريس كما يشاء و  الدليل  أنها  لم تقدر أن تضع حدا ولو بنزر قليل  لسلسلة الانتهاكات التي لحقت الملك العمومي البحري ...


و الحديث عن الوكالة يجرنا إلى الحديث عن السلطة الجهوية التي ظلت صامتة لا تنطق خاصة في عهد الوالي النهضوي كما أنه  لا معتمد هرقلة و لا معتمد سيدي بوعلي جمال الدين العلوش ( و سنعود إليهما في أعداد قادمة لكشف المستور )   بادرا ولو لمرة إلى   الحديث عن  الفساد الذي عمّ  و بلغ سيله الزبى ...الأدهى و الأمر  أن احد قيادات النهضة  وهو من أبناء الجهة( العجمي الوريمي )  رأى بأم عينه تلك الكوارث البيئة  و عاين الفساد  و لم يرفع الأمر إلى  كبار المسؤولين بل تغاضى عن ذلك لغاية في نفس يعقوب ...

يبقى القول أن لا أحد يستطيع رفع عصا التهديد في وجه أمحمد إدريس ... و لا يستطيع احد أن يحرك ساكنا أمام هذا الفساد الغاشم ... لكن الهجمة قد تكون من صغار الصيادين  و الفلاحين ... و الذين يستطيعون أن يقاوموا طغيانإدريس و أن يوقفوا نزيف الفساد ؟؟؟

عبد الرحمان عمران

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire