samedi 4 mars 2017

الحكومة‭ ‬الفاشلة‭... ‬إلى‭ ‬الهاوية




وجب
علينا تقييم عمل الحكومة الفاشلة في إطار فرض المواطنة من خلال نقد لأعمالها واستقراء لمسارها طيلة ستة أشهر من حكم البلاد .
فحكومة الإملاءات الخارجية والشخصيات المسقطة عجزت عن الدوران في فلكها ، بل حادت عن مسارها غير عابئة بالظروف الإجتماعية والنفسية والإقتصادية والمالية لأفراد الشعب التونسي ممن تعرضوا للغبن والتحيل السياسي زمن الإنتخابات الأخيرة بعدما صوروا له حزب النداء حزبا منقذا يرأسه قائد حكيم قادر على إحداث الموازنة مع حركة النهضة الفاشلة في إسلامها السياسي  .
لقد حادت الحكومة وعجزت عن بداية تنفيذ مضمون وثيقة قرطاج المتمخضة عن الحوار الوطني الذي أفرز حكومة كرطونية ضمت أعضاء من المعارضة ممن لم يتحوزوا على سجل تاريخي سياسي يستحق الذكر عدا حضورهم المكثف في المنابر التلفزية زمن الحملات الانتخابية كما ضمت أطرافا أخرى في شكل محاصصة حزبية لأحزاب مهتزة ذات شقاق وكسور   وضمت أطرافا أخرى هاوية في مجال التسيير والسياسة وإدارة الأزمات وقيادة المؤسسات   فكان النتاج حكومة صبى جراء تصرفاتها وقراراتها الارتجالية والمختلة لتبعيتها لزمرة القصر  .
فالمتفحص للنظام السياسي القائم يلمح ظاهريا نظاما رئاسويا يجمع السلطة بيدي رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة على خلاف ما تم التسويق له بأن البلاد يسوسها النظام البرلماني  كما أن المطلع على خبايا الشأن السياسي يلمس انفراد رئيس الجمهورية ومستشاريه وأفراد عائلته بالقرار السياسي مع تكفل رئيس الحكومة بالتنفيذ لما أمر به مما يؤكد أن رئيس الحكومة أضحى كبيرا للموظفين مكلفا بالتنسيق مع رئيس الجمهورية القائد الأعلى للقوات المسلحة والمتصرف الأول والزعيم الأوحد الذي سيصبح حتما المجاهد الأكبر الثاني للبلاد للقرن الواحد والعشرون .
فالمشهد السياسي يشكو اهتزازات وارتدادات نتائجها وخيمة على المستقبل القريب للبلاد كيف لا ورغم كثرة الأحزاب والأطياف السياسية فإن مشاريع الإنقاذ الوطني لم ترى النور بعد رغم طول فترة المخاض السياسي ، بل اكتفت الحكومة بالوعود الزائفة المسوق لها عن طريق وسائل الإعلام الموالية وشركات سبر الأراء المزيفة للواقع السياسي والمغالطة لعامة الشعب قصد بعث الطمأنينة الواهية التي تنضاف لمبادرة رئيس الجمهورية بإباحة استهلاك المخدرات لضمان التلهية التامة للشباب قصد ضمان غيبوبتهم المتأرجحة بين دخانهم المتنافث وارتباطهم بشبكة التواصل الإجتماعي للإبحار في المتاهات والملذات الافتراضية في إطار استقالة إجبارية عن الحياة الواقعية  .
فسياسة رئيس الجمهورية المتظاهر بالإهتمام بالشباب ، تكمن في الاستيلاء تدريجيا على ناصية الحكم بعد مهادنة راشد الغنوشي المتحوز على الملك المشاع لحركة النهضة بعد انسلاخ البعض من قادتها التاريخيين وانفراده بالقرار وتحديده للمصالح الداخلية والخارجية للحركة .
فالرئيس المنتخب يعتمد على فريق من المستشارين تجمعهم المصالح الذاتية والتوجهات الحزبية المكرسة للهبوط الاخلاقي المحرك للسياسة العامة بالبلاد ، مما أهلهم للتخطيط والتدبير في ضبط السياسة العامة لإدارة الدولة وفق أهوائهم وأهدافهم مع تكليف رئيس الحكومة بالتنفيذ تحت ما يسمى بهيبة الدولة ذاك الشعار الذي يتم ترديده قصد احباط كل محاولات التصريح بفشل الحكومة الهاوية التي عجزت عن التفاوض مع نقابات التعليم واحتارت في حلحلة أزمة المجلس الأعلى للقضاء وفشلت في رأب الصدع بوزارة الداخلية تلك الوزارة التي تم تجريدها من مضمونها بالتدخل في شؤونها باستبعاد قادة وتعيين آخرين معوضين حفاظا على درجة الولاء والانصياع للتعليمات الصادرة من القصر الرئاسي ، فحكومة الشاهد لم تفلح في استبعاد جزئي للبطالة وهي حكومة لم تقدر على تشجيع الاستثمار من الداخل والخارج ، وهي حكومة لم تنجح في التفاوض الإجتماعي والسياسي بل فشلت في اقناع المثقفين وعامة الشعب رغم تدجينها للإعلام العمومي وعقدها لصفقات مع بعض أصحاب المؤسسات الإعلامية الخاصة في المجال المكتوب والمرئي والمسموع لضمان التسويق الوهمي للنجاحات وتبطئة الحراك الإجتماعي لضمان إطالة العمر الإفتراضي لحكومة عاجزة عن التسيير والصمود وايجاد الحلول ، فما يعيبه بعض السياسيين أن رئيس الحكومة يتظاهر بجدارة القيادة والتسيير وفق مضامين الدستور رغم وقوعه في فخاخ الارتجال القيادي والصبيانية في ردود الأفعال والتبعية لزمرة القصر الرئاسي .
فعجز الحكومة ظاهر للعيان ولم يعد يحتمل تدجيلا أو تغطية أو تسويفا ، ولا مجال لتمرير مسكنات لشعب ذاق ذرعا بالمهدئات ولم تسعفه المسكنات السياسية ، مما يتعذر معه القبول بالمضادات الحيوية الجنيسة المرفوضة من عقول وأجسام التونسيين ممن غبنوا في استحقاقات ثورتهم التي فرطوا فيها بعد تعرضهم للتحيل السياسي والخزعبلات الحزبية والتطمينات الإعلامية ونتائج سبر الآراء المزيفة والموجهة ، وذلك قصد تشريع عمليات الإحتيال والتدجيل والمداهنة والتغرير السياسي ، حيث لا يختلف عاقلان في تقييم الوضع السياسي والاجتماعي والاقتصادي الكارثي بالبلاد زمن حكومة تابعة للدول الغربية كانت قد سوقت لضمان الحريات وحماية الحقوق والمكتسبات مع حرص مزيف على مقاومة الفساد وإعادة تأسيس لمنظومة الوظيفة العمومية بتحديثها وإعادة تأسيسها على أسس علمية مدروسة ، والحال أن الحكومة عاجزة عن محاسبة اللصوص المتسترين خلف لوبيات المال والسياسة وغير قادرة عن الإذن بالتدقيق المالي للمؤسسات العمومية التي تشكو عجزا ماليا منذرا بالإفلاس ، إلا أن مختلف الحكومات المتعاقبة رافضة للتركيز والتدقيق على صناديق التغطية الإجتماعية نظرا لتشغيلهم لأبنائهم ومعارفهم صلبها مما مكنها من حصانة حكومية بالتواتر في غفلة من شعب تائه بين تصريف حياته اليومية ومتطلباتها المالية وتحت تخدير وسائل الإعلام بالبرامج السياسية والرهان والفكاهة والبرامج الرياضية والفنية .
في ظل استقالة للطبقة المثقفة التي خذلت الشعب بعدم انارة سبيله والتخلي   عن تأطيره ، الأمر الذي اثقل كاهل الاتحاد العام التونسي للشغل في تصديه لجشع لوبيات المال والسياسة واستهتار الحكومة الفاشلة التي أزمت أوضاع البلاد وفوتت فرص الإنقاذ الوطني  ولم الشمل السياسي والإجتماعي قبل حصول حالات الانفلات الشعبي التي قد تنتهي بثورة مطولة يتعذر تحديد أطرها والتقليص من عواقبها لأنها ستكون بمثابة ثورة الجياع ضد الامبريالية البورجوازية تبعا لاهتراء الطبقة الاجتماعية الوسطى وتوسع الهوة بين طبقتين إحداهما كادحة وعاجزة عن ضمان العيش وطبقة أخرى متغولة ومستأثرة بالمال والسياسة ، فهل تحصل المعجزة باستبعاد الحكومة الهاوية لإنقاذ البلاد من المصير نحو الهاوية .




Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire