vendredi 17 mars 2017

مسلسل الرئيس (الحقلة الثانية) : الماضي الباهت...والقرار السّياسي الفالت





كتب ذات مرة الوزير الاسبق للتربية والنائب الحالي في مجلس نواب الشعب سالم الابيض مقدما رئيس الحكومة الثانية ما بعد الثورة ورئيس الدولة الحالي الباجي قايد السبسي معرجا على فترة من حياة الرئيس السابقة وانخراطه في المنظومة السابقة وتشفيه من اليوسفيين من خلال التعذيب في في زنازين الداخلية ما يلي : سأفترض أيها السيد الوزير الأول السابق أنك لا تعرفني ولكني أجيبك بأني أعرفك جيدا لأني مهتم ودارس للفترة البورقيبية منذ 20سنة خلت وقد نَشرت كتابات عدة في الموضوع. أعرفك جيدا لأنك كنت مديرا عاما للأمن الوطني ما بين بداية جانفي 1963 وجويلية 1965 وفي تلك الفترة عرفت تونس إعدام ثوار اليوسفية المعروفين بانقلاب 1962 في 25 جانفي 1963 وتعذيب المسجونين منهم. أعرفك جيدا لأنك كنت وزير الداخلية ما بين 1965 و1969 وفي تلك الفترة عرفت تونس موجة كبرى من الاعتقالات والمحاكمات السياسية لمختلف فصائل اليسار الماركسي وكذلك القوميين ولنشطاء الحركة الطلابية على خلفية أحداث جوان 1967 التي سُجن فيها الطالب بن جنات الذي أصبح أحد أعلام الحركة الطلابية، ولكنه رغم نضاله ترك الساحة لمن هم من أمثالك من ذوي الشهرة والنفوذ،أعرفك جيدا لأنك اشتغلت وزيرا للخارجية ما بين 1981 و1985 وشهدت تلك الفترة تزوير انتخابات 1981 من قبل الحكومة التي تنتمي إليها والقمع الواسع والقتل الممنهج للشرائح الشعبية المنتفضة في جانفي 1984 من أجل حقها في الخبز الكريم.أعرفك جيدا لأنك كنت في سنة 1987 سفيرا لحكومة مارست كل صنوف القمع على الطلاب وقد كنت حينها أنا في رجيم معتوق ضمن الطلبة المجندين.


أعرفك لأنك كنت برلمانيا في برلمان حكومة بن علي ما بين 1989 و1994 بل ورئيسا لذلك البرلمان المزوّر للقوانين، في حين كنت أنا وأمثالي من المطرودين من التعليم الثانوي من قبل تلك الحكومة على خلفية مواقف نقابية وسياسية.
أعرفك لأنك غبت عن المشهد السياسي وبت تكتب مذكراتك التي نشرتها في كتابك سنة 2009 حول بورقيبة ولم تظهر إلا في بعض جلسات الذاكرة في مؤسسة التميمي.
أعرفك لأنك لم تكتب مقالا واحدا أو تدلي بتصريح واحد ضد حكم بن علي المافيوي.
أعرفك ولكن شباب الثورة الذين أسقطوا حكومة الغنوشي الثانية يوم 25 فيفري من السنة المنصرمة لا يعرفونك، لذلك سمحوا لك بتولي أمرهم فشكّلت المشهد السياسي والقانوني والتشريعي والإداري بما يضمن لك البقاء في السلطة أو تسليمها لمواليك ممن وضعتهم في الهيئات والمناصب المختلفة إبان حكمك الانتقالي ولكن السحر انقلب على الساحر.أعرفك وأعرف عنك الكثير وعن تجاربك في الحكم خلال النصف قرن المنقضي وقد لا يتسع الأمر لذكره وستكون له منابر أخرى.أعرفك وأعرف بأن انخراطك في الدفاع عن قناة نسمة تم تسويغه باسم حرية الرأي والتعبير لكنه لم يكن مبدئيا وإلا كيف تتورط أيها السيد الوزير الأول في هذا التناقض الصارخ وترفض مشاركة جامعيّ في منبر تلفزيّ لمجرد أنه يخالفك الرأي.أعرفك وأعرف أن طموحاتك السياسية وتاريخ عائلتك في ممارسة السلطة لاسيما إلى جانب بايات فرنسا في ظل استعمار تونس غير متناهية، لذلك تجد نفسك تمارس نوعا من الوصاية لم ينج منها حتى المجلس التأسيسي الذي يمثل الشعب ولكن الزمن غير الزمن ولكل دولة رجالها كما يقال...



 القرار السياسي 

يتفق الكثيرون على تعريف الشيخوخة بأنها مرحلة العمر التي تبدأ فيها الوظائف الجسدية والعقلية في التدهور بصورة أكثر وضوحاً مما كانت عليه في الفترات السابقة من العمر... ففي هذا السنّ يكون الشيخ عرضة للخرف ولمرض الزهايمر ويقلّ عطاؤه البدني ويتقلص تفكيره ويدخل في مرحلة هذيان على اعتبار أن لكل سنّ وعمر نواميسه وتلك سنة الله في خلقه 
يقف وراء الباجي قايد السبسي لوبي مالي كبير فضلا عن لوبي إعلامي يشتغل بصفة كبيرة جدا ... ولئن يساهم هذا السند المالي والإعلامي فإنها تمثل حجر عثرة له خاصة فيم يهم استقلالية القرار السياسي وهو ما يرو فيه العديد نقطة ضعف ومصدر إحراج له .. 
ابتعد الباجي قايد السبسي عن النشاط السياسي طويلا حيث ظل منذ سنوات 91 تقريبا لمّا تخلى عنه النظام السابق من منصب رئيس البرلمان التونسي إلى ما بعد الثورة يعيش فترة ركود سياسي ولم ينشط في أي مهمة ثم إن المدة التي قضاها على رأس الحكومة غير كفيلة لإعادة إحياء وتجديد النشاط من جديد...


وحتى ان التصريح الذي ادلى به فؤاد المبزّع أنّ محمّد الغنوشي اتصل به يوم 28 فيفري 2011، وقال له سأستقيل وذلك بعد سماعه في إحدى النشرات الإخبارية، لطفل صغير السنّ يطالب بإعدامه، وقال له حرفيّا “معادش فيها سأستقيل” .وأضاف ا أنه احتار حينها بشأن الشخصية التي ستعوّض الغنوشي ودون أن يقوم باستشارة أي أحد تجنّبا للتجاذبات والحسابات، قرّر بدافع شخصي أن يتصّل برئيس الجمهورية الحالي الباجي قائد السبسي على اعتبار وجود علاقة مودّة بينهما، إضافة إلى أنه شغل سابقا مناصب وزير للداخلية والخارجية والدفاع ويعرف جيّدا ركائز النظام في تونس. وتابع بالقول إنه قام بالاتصال بالباجي قائد السبسي حينها وطلب منه القدوم إلى منزله واقترح عليه منصب الوزير الأوّل حينها فوافق، فتم على اثر ذلك الاتفاق نهائيا على إعلان السبسي وزيرا أولَ وذلك بعد أن يعلن الغنوشي استقالته فيه من المغالطات ما فيه على اعتبار ان عملية اختيار السبسي لم تكن من وحي تفكير فؤاد المبزع بل هناك اطراف سميت بحكومة الظل دفعت باختيار المبزع للسبسي ... اطراف زكت السبسي الذي كان ينام على اريكة في مكتب احد الفاعلين في المشهد السياسي في تونس زكت فيما بعد تعيين نور الدين بن نتيشة مستشارا للسبسي. 


و المعلوم ان السبسي الذي تلبس بجلباب الزعيم الراحل الحبيب بورقيبة نسي أن هنالك شخص اسمه الحبيب بورقيبة منذ 7 نوفمبر 1987....فدعم الانقلاب الطبي عليه لكبر سنه...و ترشح على قائمات التجمع وتولى منصب رئيس مجلس نواب بن علي وكان عضوا في الهيئة المركزية للتجمع... ولم يطلب من بن علي يوما أن يرفع عن بورقيبة الإقامة الجبرية....و لم يزره يوما في «سجنه» ولم يسأل عنه... ولم يكلف نفسه حتى حضور جنازته..و اليوم يبني كل مشواره السياسي على إرث بورقيبة وهيئة بورقيبة ونظارات بورقيبة وحركات بورقيبة وأقوال بورقيبة و«قبر» بورقيبة ... صحيح اعاد الصورة ولكنه عجز عن اعادة الفعل والمضمون ...
 الى حلقة قادمة.

 الحبيب العرفاوي


Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire