samedi 7 janvier 2017

يوميات معتقل من سجن المرناقية : في محكمة التفتيش..وكيل النيابة العسكرية يطغى ويتجبّر


يوميات معتقل من سجن المرناقية
في محكمة التفتيش... وكيل النيابة العسكرية يطغى ويتجبّر

 كنت في سجني أعد الأيام عدا... فالحكم الابتدائي قضى بسجني مدة 9 أشهر... كان حكما استبداديا قاسيا... وكنت أعلم أن عصابة السوء التي يقودها شوقي طبيب والغلام بن تيشة ومن معهما من مافيا السياسة إنما تحصنوا خلف الأجهزة الرسمية للدولة من اجل خنق الأصوات المعارضة للفساد وللنهب المنظم.
الناس جميعهم انتبهوا إلى سوء اختيار حزب النداء وأنا منهم... كان خطيئة كبرى... أنا ساندت الباجي في الانتخابات... كنت أراه أملا يشبه الزعيم بورقيبة... لست مغفلا غير أن أخطاء المرزوقي والنهضة هي التي صنعت صورة وهمية للباجي.
اكتشف الناس بعد سنتين أن النداء قد تحطم وما بقي سوى ابن السيد الرئيس حافظ... النداء تحول إلى أعجاز نخل خاوية على عروشها... خرج كثير من السياسيين من الحزب... مشكلة النداء انه حزب بلا ايدولوجيا... ما وحد بين مريديه إنما هو الخوف من النهضة ومن الإسلام السياسي... سياسة النهضة أرادت أن تغير نمط المجتمع ففشلت وأحدثت خوفا عميقا في المجتمع.
جماعات الإسلام السلفي المتشدد هي التي أخافت الناس... قطع الرؤوس والتنكيل والحرق والتهجير والتشريد ... كان إخراجا مرعبا لإسلام متطرف يحارب كل العالم... كانت صور الدمار القادم من سوريا والعراق مرعبة ومفزعة... كره الناس كل ما ينتمي إلى الإسلام السياسي... كل الإسلام السياسي تهاوى كايدولوجيا في تجربة الربيع العربي بتاثير الارهاب المتوحش.
أعطى الناس قيادهم للباجي... ماذا فعل الباجي لا شيء... شؤون الدولة تنهار سريعا.... أساء الرئيس اختيار مستشاريه... اختار نور الدين بن تيشة في القصر... الرجل ضحل التكوين... بلا تجربة سياسية سوى ظهوره في بعض البرامج السياسية... ثم ماذا.... كريم بالضيافي... خاصة الخاصة في القصر.... هو مرافق الباجي حيثما حل... الرجل بلا شهادة ثانوية ... ما عدا انه كان حمال لواء النداء في حي الملاسين... انه يحكم باسم الرئيس المفدى... والرئيس نائم، نائم.
ذات غداة، وردني استدعاء من محكمة تونس، كانت قد تعلقت بي قضايا رفعها بعض من كشفت فسادهم صحيفة الثورة نيوز... الفاسدون يسارعون إلى الشكاية في مرحلة أولى ... ثم يتصلون بي كي اكف قلمي عنهم بشفاعات الأصدقاء.
كنت قد قررت في البدء أن لا اذهب، فالقضية استئنافية بمحكمة تونس... وكنت قد ربحت القضية بعدم سماع الدعوى في الطور الابتدائي... غيرت موقفي... اذهب إلى المحكمة وأغادر السجن البارد ليوم... وأتوجه إلى المحكمة لأنه بالإمكان أن يتآمر الأعداء فينصبون لي شركا خارج القانون.
كان كثير من الفاسدين الذين تفضحهم الثورة نيوز بالوثائق يسارعون إلى تقديم شكاياتهم إلى محكمة تونس... والحال أن مقر الثورة نيوز يقع في مدينة سوسة... كانت كل قضاياهم تسقط في الحال شكلا.
تحولت يوم الخميس 29 ديسمبر إلى محكمة حاضرة تونس... تم تأجيل المحاكمة إلى اجل لاحق... التف حولي كثير من الناس يسلمون ويتصايحون... كانت علاقاتي واسعة مع الناس.. كنت منفتحا على الغني والفقير القوي والضعيف والسياسي والمستقيل... كنت أساعد الضعاف والفقراء والمساكين لوجه الله لا اطلب جزاء ولا شكورا.
ثم عدت في المساء إلى الحبس... استقبلني الناس في المحكمة بحفاوة بالغة... تأكدت حينها أنني صرت امتلك ناصية الوطنية... أنا لم أبع يوما موطني... كثير من الكذابين والمنافقين باعوا أوطانهم من اجل النفوذ السياسي.
حين اغتالوا محمد الزواري ابلغت المحامي ان يتصل بشقيقي مستشار التحرير بصحيفة الثورة نيوز وطلبت منه مناصرة قضية المهندس القسامي بلا تردد... أنا لا أساوم في قضية فلسطين نشأنا فيها شبابا وتعلمنا حب القدس فيها.
الأجواء داخل السجن رتيبة ... الجماعة من قدماء المساجين قد ألفوا حياة الحبس... بالنسبة إلي أنا 9 أشهر حدث هام ومقلق.. البعض محكوم بمدد طويلة سنوات من السجن أولئك ألفوا حياة القيد... أنا أترقب انتهاء الأزمة... وانفراج الغمة... الأعداء يخافون دائما خروجي إليهم... قبل الحبس كنت شخصا آخر... الآن تغيرت كثير من المسائل والقضايا.
بعض الناس كنت أحسبهم أصدقاء مقربين... كانوا خونة ومنافقين... البعض ممن كانوا بعيدين عني وقفوا وقفة الرجال... هذه المحنة مصفاة لمعرفة معادن الرجال... بعض المعارك الحاسمة يفصلها بطل من الأبطال أحيانا... أنا أحمد الله أن خلفي جمعا من الأبطال الأشداء الأقوياء برجولتهم ومروءتهم ومبادئهم... أولئك الرجال جعلوا صحيفة الثورة نيوز تصمد وتتقدم.
الريح ستغير اتجاهها قريبا لان السياسة لا تستقر على حال... الريح كانت تسير في مركبهم لكنها لن تستمر... تلك العصابة من المافيات تلك التي تنهب أموال الشعب وتسرق قوته وقوت الفقراء وتمتص منهم دماءهم... سوف ينقلب بها الريح وسيغرقون.
ذات ليلة من ليالي السجن أتاني الحلم... وكنت في سريري في الطابق الثالث من طوابق الأسرّة... جاءني حلم من الأحلام... لقيتني أسير مفردا في العالم الواسع، جبال ووهاد وصخور سوداء وحمراء... وأنا روح منطلقة بلا جسد، تسير سيرا حثيثا إلى الله الغائب.... كان من هناك لصوص ير فعون سيوفهم متوعدين، وكان من هناك رجال ينادون أن قد سلمنا إليك القياد يا عبد الله... طرت إلى السماء في معراجي إلى الله... فقدت كل ما يربطني بالعالم الأرضي... سبحت في الغيب... طرقت سجف الليل والظلماء... كنت واثقا من الحقيقة.
الحقيقة أن هذا الكون الواسع مطلق، أبدي... كون ممتد... وغامض.. الأديان فسرت ذلك بان القوة الغائبة في العالم هي ما نسميه... الله أو الرب أو الخالق... هؤلاء البشر يعتقدون أنهم هم العالم ... أنهم مركز العالم... الحقيقة أن كل البشرية غبار فتات في هذا الكون...تونس بطمّ طميمها صغيرة في العالم الإنساني... هي غبار الغبار.
تونس الصغيرة سكانها لا يساوون سكان مدينة من مدن العالم.... 10 ملايين او يزيد... هل يساوون شيئا إنهم نصف سكان القاهرة أو مكسيكو... وحين تشاهد برامج التلفزات التونسية تخال أن تونس هي مركز العالم... يبيعونك الوهم بان تونس هي الحضارة والحداثة والتقدم... يوهمونك أن تونس رمز الخير والبركة والقوة... مصانعنا أفضل المصانع في إفريقيا وملاعبنا أفضل ما في إفريقيا... وطرقاتنا أفضلها... كله وهم وكذب.
نحن في العالم الإنساني حلقة ضعيفة... اقتصادنا هزيل وثرواتنا قليلة ونخبتنا تعيسة.
الآن يحكمنا الفرعون... السبسي يسير فينا سير الفرعون وقد بلغني وأنا في السجن أن ابن حافظ السبسي قد طغى وتجبر في النزل والملاهي... المساجين الوافدون حديثا نقلوا ان الفتى صار يشبه عماد الطرابلسي وان مراكز نفوذه تتوسع خاصة في المرسى وقمرت وقرطاج والحمامات...هو حفيد الفرعون... قد يخال الفرعون نفسه انه هو مركز العالم... والحال أن السبسي يحكم مدينة صغيرة هي تونس... الرجل نسي انه على مشارف الموت.
مشكلة الإنسان انه يتناسى دائما انه إلى زوال... فالخلود والاستمرار والبقاء الأبدي مستحيل... الحاكم المسكون بالاستبداد أو ذاك الذي نسميه فرعونا ينسى أن الحكم زائل وانه إلى قبر سائر... بن علي نفسه دالت دولته وانتهت... ما من احد من منافقي السياسة كان يقدّر أن حكم بن علي سوف ينتهي... أزفت به الآزفة وصار إلى الفوت... السبسي كذلك لن يستمر... المأساة أن ابنه حافظ يعلم يقينا انه لن يقدر على الاستمرار في السياسة بعد والده... أخشى أن يكون مصيره شبيها بعائلة الطرابلسي.
السبسي استطاع ان يفوز بدعم مطلق من راشد الغنوشي... قد ينقلب السبسي في أي لحظة على حليفه رئيس النهضة... فرعوننا الآن يتقدم سريعا نحو الاستبداد بالقرار... لقد سحب كل صلاحيات رئيس الحكومة إليه هو ... يوسف الشاهد لا يتخذ أي قرار إلا بالعودة إلى قصر مولانا... والفرعون شرع في تعيين مقربين منه في حاشيته في الادارات العامة كذلك... انه يسعى إلى استرداد سلطة البايات... والنهضة ممثلة في شيخها الغنوشي سوف تتحمل لوحدها تبعات ولادة مستبد جديد في تونس... لان السبسي إنما هو حليفها الآن.
مجلس النواب ماذا بقي فيه... انه مجلس بلا روح ما عدا بعض النواب الوطنيين الذين يصيحون ليل نهار في مواجهة حلف النداء والنهضة... القرارات الكبرى تدعمها الأغلبية الحاكمة وتفوز بها دائما، لان النهضة تمتلك قطيعا مطيعا لأوامر الغنوشي... كان بالإمكان أن تبقى النهضة في المعارضة كان ذلك أفضل للنهضة أولا حتى لا تتحمل تبعات الفشل السياسي والاقتصادي والاجتماعي... وكان بإمكانها أن تبقى خارج الحكم كقوة معارضة تحدث التوازن في مواجهة حزب الفرعون.
الآن ماتت السياسة في تونس، لان الفرعون الجديد لا معارض له... الجبهة نفسها لا تمتلك الأغلبية داخل المجلس فبقيت قوة احتجاج ليس أكثر.
كنت داخل السجن أقدم دروسا في التحليل السياسي لأولئك السجناء... كانوا يسمعون رأيي بانتباه... أنا ساندت الباجي هذا الفرعون الهرم... أخطأت في ذلك وما خاب من اعترف... المأساة أن الوطن ما عاد يحتمل أكثر... البلد قد أفلس وغرق في التداين... حتى إن استقلالية القرار الوطني قد صادرتها القوى المالية والسياسية التي تقرضنا... نحن الآن عبيد في أرضنا للأسياد في اروبا وامريكا والخليج... وتحت مسمى الاستمرار بتنا نفقد أرضنا نبيعها إلى الكمبرادور... كل ما فعله رجالات التحرير والحزب الدستوري بورقيبة وحشاد وصالح بن يوسف والفلاقة... كل جهدهم في استعادة الأرض من المستعمر ذهبت جفاء... الاستقلال الزراعي كان من انجازان بورقيبة.
الآن هم يبيعون الأرض إلى الأجانب تحت مسمى تشجيع الاستثمار... بعد سنوات سنتحول إلى مستأجرين في أرضنا... إلى عبيد نعمل عند السيد الإقطاعي القادم من الغرب... هل يفكر السبسي في هذا... قطعا لا... انه يعلم يقينا انه لم يبق له من العمر إلا قليله انه يفكر في مصلحة أحفاده ليس أكثر.
السبسي وحاشيته لا تفكر سوى في مصالحها الآنية... حاشيته في اغلبها جماعة من الانتهازيين واللصوص يرأسهم بن تيشة غلام الفرعون... أنا يحز في نفسي أن أرى قصر بورقيبة وبن علي يدخله بن تيشة ... هل هو أهل لهذا؟
بن تيشة قد كف عن الظهور الإعلامي... انه يخبئ في القصر لأنه يعلم أن أقصى طموحاته قد حققه... هو الآن يجمع الأموال والهدايا والمكوس والإتاوات... وسيخرج من القصر بعد أن يجمع ثروة من أعمال السمسرة والمضاربة بمستقبل شعب بأكمله.... سوف يسقط قريبا... لن يتركه القادم الجديد سليم العزابي...
العزابي هذا الفتى يمثل بعمق الليبرالية الجديدة... لكنه ليبرالي بلا تجربة ولا يعرف عن الليربرالية شيئا، استفاد الرجل من قرابته من الباجي مثل يوسف الشاهد تماما انه صغير السن، سطحي في السياسة لا خبرة له... انه اشبه بالحاجب لكنه لن يقدر على تسيير دولة... الرئاسة أضخم منه وسيمون لعبة في يد كبار الساسة الذين يحكمون خلف ستار... انه يحكم عندما ينام الباجي فقط.
شوقي طبيب ذاته واحد من المضاربين أيضا انه عراب الفساد الأكبر.... انه يشرف على عمليات تلميع وتنظيف رجال الفساد وفي كل مرة يقرب قربانا يتقرب به إلى الدهماء من العامة زاعما انه حريص على مكافحة الفساد.. شوقي طبيب سوف يخرج من الهيئة بعد أن يراكم ثروة طائلة بعرق جبينه وكد يمينه... من حلال الحلال.
في الليالي الباردة لسجن المرناقية لا يدفؤك سوى الغطاء الثقيل... انه بؤس الحرمان من الحرية... كنت دائما أسترجع صورا من المشهد.. أتذكر تلك الحملة الإعلامية التي قادها شوقي طبيب وزبانيته... ناجي البغوري والطيب الزهار وبعض من أدعياء حقوق الإنسان الكذابين.
كنت أعاود المشهد حين التقيت بقاضي الزور الصحبي عطية لأول مرة... تأكدت يومها أن الرجل لا يحمل قيم العدالة بقدر ما يريد التقرب إلى ذوي الجاه والسلطان.. هو مسكين لأنه يظن أن صاحب الجاه مستمر إلى الأبد... سيأتي سلطان ويموت سلطان... وسآتيه من بعيد.. أطالب بدم الحرية .. سوف اطلب القصاص ولو بعد حين.
أتذكر مشاهد المحاكمة والقاضي العادل جدا منير صولة وهو يستمع بانتباه الى مرافاعات المحامين .. كان أمامي وكنت أمامه... كان يعلم يقينا انه مجرد موظف في قصر العدالة وانه كان يريد الحفاظ على امتيازاته في السيارة والبنزين والرتبة والمنصب.. انه لا يمكن أن يكون قاضيا للتاريخ ومن اجل المبدأ... انه قاضي السلطة ينفذ تعليماتهم في طاعة.
انه يخشى وزير الدفاع فرحات الحرشاني... كنت اعلم انه لا يصلح وزيرا... بل لا أرضى أن أعينه قيّما على قنّ دجاج... الرجل لا يقدر على تركيب جملة سليمة... ولعلني أعجب كيف درس لسنوات في جامعة الحقوق... ماذا درسهم؟ هل درسهم مبادئ القانون والعدل والإنصاف... هو لم يكن سوى متسلق يدرس بكراس ينقل درسه من كتاب ويمليه في الصباح إلى الطلبة... بلا ابداع ولا انتاج.
الطلبة يعرفون ويميزون جيدا بين الاستاذ المميز والأستاذ التافه... ولم يكن الحرشاني مميزا أبدا... وكذا شانه وزيرا... أنا أتحسر على قواتنا المسلحة لان رئيسها الآن أسوأ وزير في تاريخها.
علمت يوم الأربعاء أن النيابة العسكرية ضغطت بقوة على فرقة مقاومة الإجرام ببن عروس من اجل ممارسة تضييقات على عائلتي... قاموا باستدعاء شقيقي العقيد بالداخلية... واستدعاء شقيقي الأستاذ واستدعاء محامي جلال... النيابة دخلت في هيستيريا... إنهم يريدون منع عائلتي من الوقوف إلى جانبي... إنهم حمقى .. هل يعني ذلك أن أفراد عائلتي يجب أن يساندوا الفاسد شوقي طبيب او المحتال كمال اللطيف ... هذا حمق.
إنهم يريدون إيقاف الصحيفة... وهي لن تتوقف.. من أراد إيقافها عليه أن يلجأ إلى القانون وان يمارس صلاحياته... النيابة العسكرية تتغوّل وتتجاوز كثيرا من حدود القانون... أنا سأسخر ما بقي من حياتي للنضال من اجل إلغاء القضاء الاستثنائي... هذا القضاء الظالم يجب أن يتم إدماجه مع القضاء العدلي... والنيابة العسكرية التي صرفها جهابذة مثل العميد "قزقز" والعميد "عبان" ... هؤلاء أطفال أمامهم... يسيرها الآن قضاة بلا تجربة... إنهم يظنون أن التفاني في إرضاء الحرشاني سيمكنهم من مناصب وترقيات... كل تلك الترقيات سوف افضحها سأسخر قلمي لترصد كل أشكال المحاباة.
انا افصل تماما بين النيابة العسكرية وبين من يشتغل فيه... سوف أسأل المحامي عن هوية رئيس النيابة العسكرية... سيكون حفيّا باهتمامنا.

✔ سجين الرأي رقم 169531 

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire