lundi 7 novembre 2016

هذْه ليْسَت دَوْلتِي




في محبسي أكتب إلى الأحرار من أبناء وطني، أكتب الافتتاحية وأنا في سجون الطغاة... مكبلا مقيدا... أكتب عن الباي العَضُوض... عن صغير البايات... وعن حكومة الخيْبات... ما عاد يشرفني أن أنتسب إلى بلد سَاسته خسَاسة... أنا ألتفت إلى الجزائر الحرّة...أبحث عن ذاتي فيها... أبحث عن مزارع مقاوم يطارد جلاده.
في ذكرى تحرير الجزائر، وانتصار الحريّة على السَيّاف... مليون ونصف شهيد قدّمتها الجزائر قربانا من اجل الاستقلال... 7 سنوات من القتال والنضال والكفاح... كان درسا لكل العالم... ان تعيش بكرامة وشرف.
كنت كلما استمعت إلى النشيد الوطني الجزائري، أخذتني قشعريرة غريبة في جسدي.. ذلك النشيد فيه رُوحانيات وطنية مدهشة تشعلك حماسة... الجزائر شرف التاريخ والنضال ضدّ القوى الاستعمارية... وضدّ القهر والإذلال والاستعباد... ثارت الجزائر محاربة مقاتلة... أحيانا اشعر انني لا انتمي الى هذه الدولة اللاوطنية... أخَالُني جزائريّا حتى النخاع... تَبْهرُني شجاعتهم وإباؤهم وانتماؤهم إلى الذات والهويّة والوطن... سحرتنا الجزائر سنة 1982، صفّقنا ل"ماجر ومناد وعصاد"... هزموا المانيا... ذكّرونا ببطولات المقاومين الأشاوس... خرجتْ فرنسا ذليلة، وهرب معها القوَّادة والحَرْكيّون، في فزع يرعبهم نشيد 

" قسما بالنازلات الماحقات
       والدماء الزاكيات الطاهرات
       والبنود اللامعات الخافقات ".


الجزائر كانت دائما ظهيرا تاريخيّا لأهل تونس... هم مِنّا وإلينا... عَربُنا عَربُهم وبَربرُهُم بَربرُنا... أغانيهم ورقصاتهم وأكلاتهم وتراثهم تنبعث منّا وفينا... ما عادت تفصلنا سوى تلك الحدود السياسية الزائفة.
غير أن المؤسف حقا أن الزعيم بورقيبة وهو في نرجسيّته، قد ولّى ظهره عن الجزائر... اصطفّت تونس في الحلف الغربي، ومالت الجزائر إلى الحلف الاشتراكي زمن الحرب الباردة... بقيت العلاقات جامدة وأثّر ذلك في المعاملات الاقتصادية خاصة.


جاء "بن علي" وفصل النزاع حول ترسيم الحدود، غير أن العلاقات التونسية الجزائرية بقيت مستقرة دون أن تتطور. وبعد انتفاضة 2011 زادت نسبة التدخل الخارجي لدول "الكومسيون"، إنهم يبتلعون كل الخيرات... ويقررون مصير شعب بأكمله... لقد اختار الساسة المغفلون الخضوع إلى الإملاءات الخارجية بإخلاص ووفاء... وهذا ما ترفضه الجزائر.
يا سادتي منذ متى يريد الغرب لنا خيرا... بل عجبت ويسألون، إنهم يريدون تحقيق الغلبة السياسية، أن يخضعوك وأن يسلبوك كل ما تملك.
الآن يتدخل صندوق النقد الدولي في كل تفاصيل الاقتصاد التونسي، وترى القوم يفخرون بمسؤولة البنك وهي توجه تعليماتها الى رئيس الحكومة وهو مطأطأ الرأس، أو إلى اللجنة المالية بمجلس النواب...
يا قوم، قد ضاع الاستقلال... وماتت السيادة الوطنية.


بل إن الأخطر من كل ذلك هو ما يتردد حول انتصاب قاعدة أمريكية في تونس، هذا التوجّه يُفضي إلى فقدان السيادة والاستقلال الوطنيين... وهو يتهدّد الأمن القومي للجارة الجزائر، وسيُفضي قطعا إلى تدهور العلاقات التونسية الجزائرية.، وسيحطم امال الأجيال القادمة في ان تعيش في حرية.
الولايات المتحدة نفسها لا تخفي أن سياساتها في تدمير الشرق الأوسط يمكن أن تمتد إلى الجزائر والى المغرب... إنها سياسة تقسيم المقسّم، وتجزئة المجزّأ من اجل إخضاع الشعوب ومصادرة ثرواتها.
هل تمتلك الحكومة التونسية تصورا عميقا واستراتيجيا لهذا الرهان؟
جميع الحكومات السابقة وهذه الحكومة الحالية تسير حثيثا إلى بيع السيادة الوطنية للقوى الإقليمية... هل تعتقدون أن يوسف الشاهد ومستشاروه يعرفون تاريخية العلاقات مع الجزائر... ويفهمون دلالات التجاذبات الدولية والصراعات في البحر المتوسط... قطعا لا.
حكوماتنا تسير كالعميان، بلا وجهة، وبلا وطن.
يا سادتي أنا من سجني أناديكم، لقد باعوا الوطن، باعوه وهم منشغلون في صراعاتهم ومكائدهم... ليبرالية ضد إسلامية ضد يسارية... ومن هناك نقابة وعمال يواجهون الرأسمالية المتوحشة... وغير بعيد جواسيس ولصوص نهّابة نهّاشة... والفساد قد أطبق فكيه... على هيئة الفساد... وعامّة الناس قد ضّج بهم الفقر والبطالة وأخذهم اليأس كل مأخذ... حتى الأخلاق ما عادت أخلاقا...انهارت وتهاوت. ولا حول ولا قوة إلا بالله.

سجين الرأي محمد الحاج منصور


Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire