vendredi 14 octobre 2016

يَا ظَلاَمَ السَّجْنِ خَيِّمْ




   من مَحْبسي هناك، في غَيَابَة "المرناقية"، أعلنت إضراب الجوع ضد الاحتلال الجديد لتونس، احتلال المافيات وعصابات النهب والسلب ولوبيات الشر... تلك التي تقود الدولة التونسية إلى الإفلاس والتَّهَاوِي... تذكرت  قصيدة سياسية طالما طَرِبتُ لسماعها أيام الدراسة في الجامعة بداية الثمانينات، في سياق الحراك السياسي والايدولوجيي العربي، كان لحنها رائعا وكلماتها ممتلئة... تحكي محنة النضال من أجل الوطن والحرية ومقاومة الدكتاتورية والفاشية وكل أشكال الظلم... 
  وها أنا من سجني في مقدمة الصراع ضدّ عودة الاستبداد... أنا هنا، أدافع بكل شرف من أجل المحافظة على المرسوم الضامن لحرية الصحافة، وهو المكسب الوحيد لانتفاضة جانفي  2011...
  لن أقبل أبدا بأن أمثل أمام القضاء العسكري... قد وَلّى ذلك العهد الجائر... هذا القضاء الاستثنائي يريد أن يكون خصما وحكما، مثلما يريد به نخاسة السياسة تمزيق المرسوم 115 والمرسوم 116 ، إنه قضاء خاضع وتابع للسلطة التنفيذية لا استقلال له، ولا يوفر أدنى شروط الحياد وضمانات المحاكمة العادلة،  إنه مرتهن لدى لوبيات الفساد المسيطرة على مراكز النفوذ لأجل إسكات صوت الحرية...


  وسأستمر أنا، صامدا شامخا، وسأرابط أسيرا في سجني... ولن يراني قاضي الزّور أبدا... ذاك الذي أمره سادته بإصدار بطاقة إيداع في السجن في خرق فاضح للقانون، رغم أن المرسوم ينصّ بكل وضوح على إلغاء كل النصوص القانونية السابقة بما فيها الفصول القمعية لمجلة المرافعات العسكرية.
  ماذا تفعل يا قاضي الزور؟؟؟  أيموت فيك الضمير... سوف امتنع عن الحضور لديك... فَاْفعل ما أنت فاعل، فإنّا ها هنا قاعدون.
  "يا ظلام السجن خيّم"... رسالة عربي حرّ، تتحدى الفاشية والاستعمار الجديد العائد بالوَكالة، و تواجه قوى الردّة من كبار الفاسدين ومن حالفهم، أولئك الذين أفقروا البلد فتركوه لا ضَرْعًا يُحلب، ولا زرعا يُحصد... لم أنخرط أبدا في أي حزب من أحزاب السياسة تلك الأحزاب الفاشلة، بقيتُ مستقلا، وقد علمت أنهم كاذبون... سأُعرّي أكاذيبهم، وأفضح سترهم وفسادهم...  وسأستمرّ...
  ماذا بقي الآن في تونس البائسة... فشلٌ يتلوه فشل، انهار الاقتصاد، وخرِب المجتمع، وتهاوت القيم والأخلاق، وكثر النهب والسلب، وتفشى التهريب والإرهاب، وتفكّكت الإدارة وطمع اللصوص في الدولة...حتى أصابوها في مقتل، وباعوها إلى البنوك والشركات الدولية...
  ونحن ننشر هذه القصيدة لقراء الثورة نيوز، وهي التي تختزل ذلك الصراع الأبديّ، ضد الظلم والطغيان والقهر، انتصارا للوطن المنهوب والشعب المسروق.
  وصاحب القصيدة ليس سوى "نجيب الريّس"  1898- 1952 ، الصحفي والسياسي السوري، نظَم هذه القصيدة عام 1922 ، في منفاه بجزيرة "أرواد" على الساحل السوري ، وبقي في سجون الاستعمار الفرنسي إلى سنة 1943 من حبْس إلى حبْس، ثم لحّنها الموسيقي البارع "محمد فليفل".

يا ظلاَمَ السّجن خَيّمْ       إنّنَا نَهْوى الظّلَاما
ليس بعدَ اللّيل إلاّ          فجْرُ مَجْد يَتسَامى
وتعَاهدْنا جميعا           يوم أقسَمْنا اليَمِينا
لن نَخُون العهْد يوما     واتَّخَذْنا الصدق دينا
أيّها الحرّاس رِفقًا        واسْمعُوا منّا الكلَاما
مَتِّعونا بهواء             منعُهُ كان حرَاما
لستُ والله نَسيًّا           ما تُقاسِيه بلادي
يا رنين القيد زدني      نَغْمة تُشْجِي فُؤادي
إنّ في صوتك مَعنى    للأسَى والاضْطهاد


Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire