samedi 22 octobre 2016

ام العجائب ... توضع الصقور في الأقفاص...وتتكاثر الجرذان والثعالب


مساندة لصحيفة -الـــثورة نـــيوز- هكذا المخلصون في كل صوبٍ رشقاتُ الردى إليهم مــــتاحه!


حادثاتُ الدهر تأتي بالبدعْ!..
لم نجد ما نقول غير هذا حين بلغنا نبأ إيداع  الحاج منصور السجن!....يطلقون الأفاعي والعقارب والثعالب وبنات آوى والجرذان الخ.. ويودعون الأقفاصَ الصقورَ والعقبان!..
قيل أن رجلا دخل قرية فهاجمته كلابها السائبة، فتناول الحجارة فوجدها كلها لصيقة بالأرض،فصاح حتى  شق أنينُ صوتِه سكون ليل  القرية النائمة( على أذنيها..): يا أولاد الـــ.... تطلقون الكلاب وتربطون الحجارة!
دون الخوض في المسائل القانونية فتوجد بديهيات يحق للجميع  الخوض فيها، ومنها حرية الصحافة التي يكفلها القانون والدستور،وأيضا السيرورة التي يفترض أن تمر بها أي قضية. وهذا الذي وقع للحاج منصور مدير جريدة الثورة نيوز(المختصة أصلا في القضايا الاستقصائية!!!) فقد تم استدعاؤه كشاهد فتفاجأ بإيقافه كمتهَم !!..وهذا غير معتاد! فعملا بالمبدأ المنظم لسيرورة المحاكم الذي يفرض الفصل بين مراحل متابعة القضية الذي لا يسمح في أي محكمة ،عسكرية أو مدنية، بارتكاب هذا الخلط الذي  يصطلح عليه بــ - تغيير المركز القانوني للقضية-  وما يترتب من عدم التمييز بين المتهم والمدان والشاهد! فالمتهم هو أصلا بريء  ما لم تثبت عليه الإدانة،ناهيك عن الشاهد. وحتى ديننا الإسلامي نفسه نهى عن هذا: ولا يضارّ كاتبٌ ولا شهيدٌ،وإنْ تفعلوا فإنّه فُسوقٌ بِكُمْ.


وتتلخص القضية  في أمرين(من حيث المظهر على الأقل..فكل المؤشرات تؤكد وجود خلفية سياسية كيدية!!) الأمر الأول هو مقال كتبه الحاج منصور يشكك في ثمن صفقة مشتريات قام بها وسطاء مدنيون للمؤسسة العسكرية، واعتبرها باهظة  Gonflé.والأمر الثاني(وهو أيضا تشكيك!) وفيه تنبيه إلى خطورة وتداعيات "أخونة " المؤسسة العسكرية وتحَوصِله هذه الفقرة التي كتبها منذ أسبوعين من السجن الحاج منصور، وهي منشورة بعدد الجمعة 7أكتوبر من الجريدة ،ص12، يقول :(هل تعلمون سادتي موضوع التهمة؟ لقد نشرنا بيانا صادرا عن جمعية قدماء العسكريين، وقد وقّعه عدد من جنرالات الجيش السابقين إلى رئيس الدولة والحكومة وبعض المنظمات المدنية، ونبّهوا إلى تداعيات دخول الوعاظ الدينيين إلى الثكنات...).وعلى كل حال،من الأكيد هنا يلاحظ القارئ الكريم أن "هاجس الشك" هو القاسم المشترك في كلا الحالتين،وهو دليل على شفقة الحاج منصور على الوطن سواء من حيث المسألة المادية أو الأمنية،لا سيما وأن التلاعب بأموال وأملاك الدولة أمر شائع، وكذلك أيضا محاولات اختراق المؤسسات الأمنية والعسكرية لا تخفي على أحد، وهي قديمة قدم الدولة نفسها...(والجميع يعلم أن بعض الاختراقات  وقعت بشكل فعلي،وبعضها الآخر "بشكل تحرّش" ومن ذلك الفيديو الشهير الذي  رأينا فيه الغنوشي وهو يقسّم الشعب التونسي إلى صنفين" نحن  و  هم" وفيه يقول: الجيش غير مضمون والأمن غير مضمون..الخ.. راجع الفيديو: راشد الغنوشي:الشرطة غير مضمونة و الجيش غير مضمون... ويوجد فيديو آخر شهير يقول فيه أن الجيش أداة لقمع الشعب كالشرطة أو أكثر).


 أما المسألة الكيدية عن خلفية سياسية التي اشرنا إليها،فهذا أمر بديهي لا يخفى على أحد،وقد قيل قديما : إذا أردت أن يكرهك الناس فقل الحق. وقيل أيضا :دع الجهول، يظن الحق عِدوانًا!..وقيل أيضا : إذا ساءَ فعلُ المرءِ ساءتْ ظنونُهُ* وصدّق ما يعتادُهُ من توهّمِ!.......
فجريدة الثورة نيوز هي أصلا مُجلِبة للعداوات، ويكفي عنوانها المرعب المرسوم في مقدمة صفحتها ( المرعب طبعا للفاسدين!): أسبوعية استقصائية مستقلة ترفض الإشهار مختصة في محاربة الفساد والرشوة...إن جريدة هذا اختصاصها تكون مستهدفة لا محالة! فقد تعرّضت هذه الجريدة  والقائمين عليها إلى ما لا يحصى من "حملات صليبية"وأساسا رئيس التحرير، وخاصة مديرها الحاج منصور، فلم تسلم حتى أسرته الكريمة  من اعتداءات حرق المنزل والسيارة،ناهيك عن مسلسل المقاضاة..هذا كله بسبب قول الحق دفاعا عن الوطن!..
والغريب في الأمر هو أن الدولة نفسها تحرض المواطنين ليكونوا عيونا يقظة ضد الحرق والتخريب والإرهاب( بل توجد أصلا بعض الفصول التي تعاقب المتكتّمين أحيانا.. فأين المفر!؟؟؟) ونحن،ومن خلال معرفتنا بالحاج منصور، وجدنا فيه وطنية صادقة  قل نظيرها،حقيقة هذا الشخص خلق ليكون زعيما!..زعيما وطنيا دون حزبية أو شعبوية أو دمغجة..هذا الشخص هو فعلا عاشق البلاد! والأتعاب التي تعرض لها هي  في الحقيقة متوقعة: 

تهونُ علينا في المعالي نفوسُنا** ومن خَطَبَ الحسناءَ لم يُغلِها المهرُ......
أراك عصـيَّ الدّمـعِ شيمتُك الصبرُ**أمَا للهوى عليكَ نهيٌ ولا أمرُ؟...

والحاج منصور،هذا  الشجاع الصنديد،هو أيضا صديق الشعب، ولكن طبعا للصداقة ثمن! قال نيتشه في كتابه- زرادشت-:
  Si l’on veut avoir un ami, il faut vouloir se battre pour lui; et pour se battre, il faut pouvoir être ennemi.
إن إيداع الحاج منصور السجن عيب كبير لمن يدرك معاني العيب، وفعلا لقد انقلبت المقاييس!...بالله هل تمت محاسبة ذلك الذي هدد الأمن التونسي،الذي قوامه "خمسون ألف" كما قال هو مستصغرًا، "بمائة ألف استشهادي" ودعاه وليد زروق للمواجهة لكنه جبن ولم يستجب،؟؟؟هل تمت محاسبة ذلك الذي كان وزيرا للتعليم العالي وقال ردا على مسيرات شعبنا حين انطلقت مُندِّدَةً بمقتل شكري بالعيد:نحن مسلحون ومرتبطون بالثورة المسلحة في ليبيا( راجع الفيديو:خطير جدا المنصف بن سالم القيادي في حركة النهضة نحن حركة مسلحة. وأيضا الفيديو: سمير ديلو في سوق السلاح في ليبيا)؟؟؟ هل تمت محاسبة ذلك النائب بالتأسيسي الذي يقر بمشروعية قتل لطفي نقض؟؟؟( راجع الفيديو :مداخلة النائب علي فارس في جلسة المساءلة مع وزير العدل). هل تمت محاسبة الذي كان يكتب بجريدة الـــسور منذ حوالي ثلاث سنوات المقالات الداعشية  الصريحة، وفي خاتمة  إحداها كتب :إنني احترم هؤلاء الشبان الذين يقاتلون من أجل قناعتهم، ولو كنت في سنهن لانضممت إليهم،لكنني الآن أقاتل بما يناسب سني،  اليراع.... وهذا أيضا كان  نائبا بالتأسيسي (..!!!...)
إنها "أم العجائب والغرائب" أن توضع الصقور في الأقفاص زمن تكاثر الجرذان والثعالب والعقارب...
إن اتهام الحاج منصور بإهانة الجيش الوطني لا يمكن أن يصدقها حتى الأبله الغبي،فمن يراجع ما قامت به الجريدة دفاعا عن قواتنا المسلحة وكل حماة الوطن من الإرهاب والإرهابيين والمارقين ( وكذلك من الذين أهانوا العلم الوطني في جامعة منوبة...فأين معنى القداسة وأين الذين تنافخوا شرفا!!!!!..)يتأكد بطلان هذا الاتهام،هذا ناهيك عن أن الحاج منصور هو ابن المؤسسة العسكرية أصلا(والده كان ضابطا ساميا) فهل يعقل هذا الاتهام ؟؟
 وعموما هل العسكر "مقدس" حتى لا يحتمل مجرد التنبيه أو الإشارة أو النقد؟؟؟ من هو القائد الأعلى للقوات المسلحة؟ أليس الباجي قائد السبسي الذي لم يسلم من الانتقاد اليومي(وهل نسينا المرزوقي: مقالات  وصور كاريكاتورية وأغان هزلية وسكيتشات...) فأين " القداسة"..التي لم تهتز لها قصبة؟؟!!.


نحن نعلم طبعا أن المؤسسة العسكرية  في كل زمان ومكان وفي كل حضارة إنما تنشأ على الانضباط الصارم والاحترام ،وهذا طبعا صحيح وضروري،ولكنه يبقى في نطاق المؤسسة نفسها( فمثلا المواطن ليس بملزم أن يقدم التحية لملازم أو  حتى لمارشال إذا قابله في الشارع ،وإن كان بزيّه العسكري)فالقداسة مسألة داخلية!..أليس هذا صحيح؟؟؟ وفي تقديرنا كل مقدس هو نسبي، أي داخل منظومته الخاصة ،(فقانون اللعبة،مهما كانت اللعبة،يظل مقدسا طالما نحن نمارس اللعبة.فمثلا رخ الشطرنج  او حتى الملك، خارج الرقعة هو نوع من الحطب او البلاستيك حين يعترضنا ملقى على قارعة الطريق!! فأي قداسة مطلقة؟؟؟( لكن طبعا في نطاق اللعبة،ملك الشطرنج  وحتى بيادقه،لهم قداسة تؤكدها الكتب الضخمة التي كُتِبت والعباقرة الذين أضاعوا  أعمارهم عاكفين عليه في محرابه...كابابلانكا.. الخين.. لاسكر..) القداسة إذن مسألة نسبية، والمقدس المطلق هو الله فقط، وبعد الله تأتي الحرية والحق والحياة، ولكن أيهم أهم؟ طبعا الحق هو الأهم!فبالحق تُحَدَّد الحريةُ وبه  يُحدَّد حق الحياة في حد ذاتها( ولا تَقتلُوا النّفسَ التي حرَّمَ اللهُ...إلا بالحقِّ!) ولقد شكك ديكارت في كل شيء إلا في الفكر الذي به أقر وجوده الذاتي!..فحتى الفلسفة الوجودية التي "تقدس الحرية" تُخضع الحرية للحق وللعقل!( بدليل انها تعالج كل شيء بالعقل!!) يقول عبد الرحمان بدوي في كتابه دراسات في الفلسفة الوجودية:(..الحق هو ما يلتزم به المرء ويكون متأهبا للمخاطرة في سبيله،فإن شئت ان تعرف معيار الحق عند إنسان فعليك بملاحظة ما إذا كان يحياه دون تحفظ ويلتزم كل نتائجه، والفرد جوهره هي الحرية، والحرية اختيار مطلق والاختيار  ينطوي على المخاطرة...)وهكذا يتبين ان جوهر الــجوهر هو الحق( طبعا نحن نتكلم هنا في نطاق مجتمع مدني حضاري وليس "الغاب"..).
 وفي الدين الإسلامي لا فرق بين الحق والله ( ذَلِك بأنّ اللهَ هُو الحقُّ..)فالحق هو من الأسماء الحسنى أصلا!. وهنا ننبه إلى أن العقل العربي، خاصة ما بعد النهضة، ولا سيما الأصيل منه ( الطهطاوي..الأفغاني..محمد عبده..وفي تونس: بن أبي الضياف، خير الدين،  محمود قابادو، بن عاشور..) أغفلوا هذا  ولم يتطرقوا فلسفيا إلى قضية المقدس وإنما أخذوها "كما هي معهودة بالوراثة"( وهو نفس ما تقوم به الآن الحركات الإسلامــويــة ...التي كرّهت العباد في الدين أصلا!) فهذا هو عين الخلل الذي به وقعت القطيعة بين الفكر الحداثي  الذي "يقدس" الحرية وبين الفكر التأصيلي الذي من حيث لا يشعر جعل من قضية المقدس في تضارب مع قضية الحرية!( أي جعل المقدس نوعا من الاستعباد)...وأخيرا نلاحظ أنه إلى الآن في تونس بعد الثورة مازالت هذه القضية لم يتطرق إليها المفكرون والمثقفون كما يجب،وإنما أضاعوا الوقت في ما هو أقل أهمية وحتى في  مهاترات ومناكفات، فبقيت هذه المسألة المحورية كالهوة الضخمة الرهيبة..إن هذه القضية هي روح الثورة الحقة، وما خالف هذا فهو عبث في عبث،فالثورة الحقة قضيتها بالأساس أخلاقية مئة بالمائة لأنها تعالج مجتمعا إنسانيا وليس مدجنة  ولا إسطبلا ..إن مفكري المسلمين مقصرون في هذا فتركوا الإسلام  بمنزلة "الهامشي"، فنحن نعلم أن الإنسان في كل الحضارات، ولا سيما ما بعد عصر الأنوار وخاصة الحديثة صار "مقدّسًا"، وللأسف ،ورغم أن كل هذا  يوجد له أسس كبيرة في الإسلام (إن لم نقل يتماهى معه تماما، فالإسلام يعتبر الإنسان خليفة الله في الأرض!!!ومنذ الخلق أودع الله فيه القداسة بأن نفخ فيه من روحه!!!)...ومنتهى القول هو أن المقدس نسبي، والمطلق هو الله وحده ،جل جلاله!
كلمة أخيرة : من يراجع كتابات الحاج منصور دفاعا مستميتا عن الوطن ودفاعا عن  قواتنا الحاملة للسلاح، ولا سيما الجيش الوطني الأبي، يدرك أنه هو في حد ذاته جندي من الجنود الشرفاء الأوفياء!.
 فلا عاش في تونس من خانها**
 ولا عاش من ليس من جندها.
 نموت ونحيى على عهدها**
حياة الكرام وموت العظام!



2 commentaires:

  1. الحياة تنتقم وتعاقب من يستفزها حقا و تكافئ الأغبياء و الخونة اذن وجب علينا تعريتها وكشفها للسيطرة عليها من مفاتنها.
    # محمد الفاضل الشعيبي
    كن دائما فاتحا للعقول و نورا للتاريخ9/6/216

    RépondreSupprimer
  2. الحياة تنتقم وتعاقب من يستفزها حقا و تكافئ الأغبياء و الخونة اذن وجب علينا تعريتها وكشفها للسيطرة عليها من مفاتنها.
    # محمد الفاضل الشعيبي
    كن دائما فاتحا للعقول و نورا للتاريخ9/6/216

    RépondreSupprimer