samedi 22 octobre 2016

ثورة الجياع: اتّحاد الشغل ... والحكومة الفاشلة




  أنا في سجني، حزينٌ لأجل وطن يتهدَّم، ينخُره سوس الفساد حتى النخّاع، وتنهشه قُطعان ذِئاب عَاويَة، ولا أمَل... هذا الوطن قد انقسم إلى أحزاب، والأحزاب تَجزّأت إلى حُزَيْبَات، والسلطة المركزية تَفتَّتَتْ... صرنا اليوم نتحدث عن سلطات تتنازع السيطرة على القرار داخل جسم الدولة... هي دولة ذات رؤوس متعددة، وكل رأس فيها يمثل أحد اللّوبيات السياسية والمالية والإعلامية المتحالفة، في ما يشبه العصبيات الصغيرة.
  فالسلطة المركزية لدى رئيس الحكومة ورئيس الدولة، صارت سلطة مُتداعية ومُهتزّة، بِالكَادِ تقدر على تصريف شؤونها، رئيسٌ هرمٌ مريض، ورئيس حكومة مُراهق في السياسة، هو لا يعدو أن يكون سوى كبير الموظفين... وهذه الأزمة السياسية المستمرة منذ 6 سنوات أدّت إلى تشكيل 7 حكومات فشلت جميعها بما فيها الحكومة الحالية، فشلت في إنقاذ الاقتصاد وفي المحافظة على السيادة واستقلال القرار الوطنيين وفي تحقيق العدالة الاجتماعية.
  وقد اتضح أن هذا النظام البرلماني المُشوّه قد فشل في التجربة التونسية وأدخل المشهد السياسي في اضطرابات وأزمات متتابعة... هذه هي الحقيقة، كان اختيارا خاطئا ووجب أن ترتفع الأصوات من أجل تغيير هذا القانون الوضعي. لان الاستمرار في التمسك بهذا الخيار ستكون نتائجه وخيمة.
  كان حزب النداء أملا لإنقاذ البلاد، بعد أن فشلت النهضة... فإذا هو خَرَابةٌ من الخرَابات، صار حزبا للعائلة، هي خيبة الانتظار، واتضح أن "السبسي" كان يرتدي قناع بورقيبة ولكنه يُخفي عُقدة "البَلْديّة"، كانت الانتخابات حرب استرداد للسلطة، إنه  يريد أن يكون "بَايًا" صغيرا... أمّا النهضة ذلك الحزب الإسلامي فانه بات يتآكل سريعا، فتراجعت قوته وشعبيته إزاء استبداد راشد الغنوشي بالرأي وبالحزب لخاصة نفسه، فأزاح كل القيادات التاريخية وأصبحت النهضة خاوية أشبه بمزرعة خاصة.
  من لهذا الوطن ؟... فالجبهة الشعبية تُظهر وحدة زائفة، ولم تستطع أن تخرج من قُمْقُم الأيديولوجيا، وان تتحول إلى حزب حاكم.


  بقي الأمل مشدودا إلى اتحاد الشغل، هذه المنظمة التاريخية تنتصب للدفاع عن حقوق الكادحين وطالما صارعت هي السلطة السياسية من أجل حقوق الشغالين... فقد رَمَّم الاتحاد كيانه من الداخل، واستطاع أن يواجه جموح النهضة إلى الاستبداد بالحكم، بل إنه كان الفاعل الرئيسي في إزاحتها.
  والآن يواجه الاتحاد تلك اللوبيات الرأسمالية في السلطة، تلك التي تريد أن تحوّل العامل والموظف والكادح إلى عبْد أو قِنّ يعمل بالسُّخرَة وبالمَجان لقاء الطعام واللباس، في إقطاع صاحب رأس المال.
  سيكون الاتحاد في مواجهة مفتوحة ضد حكومة الشاهد العمياء في السياسة... هذه الحكومة فاشلة قبل أن تولد... فشلت في أزمة "بتروفاك"، وفشلت في قضية "جمنة"، وفشلت في مسألة الحريات، وفشلت في الحوار مع الاتحاد، فاندفعت إلى التصعيد.


  يوسف الشاهد يسير حثيثا إلى الهزيمة... لأنه بلا تجربة، ولا يمتلك أي مشروع وطني في الاقتصاد والصحة والتعليم والثقافة... لقد جاؤوا به ليكون دمية يحركونها متى شاؤوا... وهاهو يدفع إلى مجابهة مع اتحاد الشغل تطبيقا لتعليمات صندوق النقد الدولي والدوائر السياسية للقوى الإقليمية.
  هذه المواجهة ستكون دامية وشبيهة بانتفاضة الخبز سنة 1984، ستكون ثورة للجياع... انه صراع الفقراء ضد الأغنياء، في بلد تخلّت فيه الدولة عن وظيفتها الأساسية، في أن تحدث التوازن بين الطبقة الغنية وبين الطبقة الفقيرة... في أن تأخذ من الأغنياء وتعيد توزيع الثروات، وان تحافظ على التوازنات المالية، وعلى العدالة الاجتماعية... حكومة الشاهد ضعيفة مأمورة وخاضعة وتابعة... لن تنقذ الوطن... بل هي لعنة حلّت بالوطن.
  أراني هنا في محبسي أنموذجا لفشل هذه الحكومة في المحافظة على الحريات، إنه فشل أخلاقي وسياسي وقيمي... سوف تحاول تلك اللوبيات أن تصادر حرية الرأي تمهيدا لمعاودة الاستبداد...
بَيْد أنّي سأخرج إلى أولئك الجبناء، صَلْب العود، قويّ الشّكيمة، وسأنتقم من تلك المافيات بقلمي الجارح، مستذكرا موّالا فلسطينيا يقول:

     يَمَّا مُوِيلِ الهَوَى يَمّا مُويِلِيَا         ضَرْبِ الخَنَاجِرْ ولاَ حُكْم النَّذِلْ فِيَّا.


Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire