lundi 27 juin 2016

إلى صنّاع القرار السّياسي: أليس منكم رجل رشيد ؟




تحوّل  المشهد السّياسي في تونس منذ أسبوعين إلى ما يشبه سوق عكاظ  بحثا عن العصفور النّادر  الذي سيقود حكومة الوحدة الوطنية  نحو برّ الأمان بعد أن تلاطمتها الأمواج يمنة ويسرة لعجز ربابنة  الحكومات المتعاقبة على مواجهة الموج الذي عصف ولا يزال بديار تونس وجعلها كأعجاز نخل خاوية . وإلى سوق عكاظ  يهرع كل من هب ودبّ عساه يكون سعيد الحظ فيرث الحقيبة التي سيتخلى عنها الحبيب الصيد . وإذا نظرنا في قائمة الأسماء التي يرددها البعض في السر والعلن وجدناها من الكثرة ما يجعلنا لا نستطيع لها عدا ولا ردّا . لعّل أبرزها الحبيب الصيد  - سليم شاكر – يوسف الشاهد – ناجي جلول - خميس الجهيناوي – الشاذلي العياري – نوري الجويني– حاتم بن سالم – منذر الزنايدي - ناجم الغرسلي – كمال مرجان – نجيب الشابي ونبيل القروي و...) وليس من العسير في الحقيقة تصنيف هذه الأسماء إلى صنفين كبيرين : صنف قليل العدد " والكرام قليل " وفيه نجد أصحاب الحنكة السياسية والدراية  بتصريف شؤون الدولة  وصنف كثير العدد  نجد فيه النطيحة والمتردية وما أكل السبع .. وما كان الصنف الثاني الذي يطمح أن يكون قائدا رائدا ليتجرأ  حتى على مجرد التفكير في منصب سياسي في الدرجات الدنيا  لو لم يجد أنّ تونس ومنذ الثورة قد استبدلت الذي هو خير  بالذي هو أدنى  ساعة تحديد  مقاييس اختيار حكامها ..فمن هواة الترويكا إلى مافيا المال بقيادة المهدي جمعة  إلى الحكومة الحالية غاب العقل وحضرت العاطفة ومن ثم كانت الكارثة تتلو الكارثة .


والغريب أنّ صنّاع القرار في بلدي ما زالوا يريدون الاحتكام إلى المقاييس نفسها. فهذا بناقوس يدقّ وذاك بمئذنة يصيح . هذا يوفر أقوم المسالك لقريبه وذلك يشق الطريق شقا حتى يوفّر أسباب النجاح إلى حليفه والكل في حرب وكل حزب بما لديه فرحون . وما يزيد الأمر غرابة أن رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي قد انخرط بدوه في لعبة المناصب السياسية وبدل أن يتعامل مع اللحظة بمنطق المجرب الذي عرف أن السياسة ثقيل محملها وجدناه راغبا في تعيين يوسف الشاهد (قريب صهره الطبيب معز  بلخوجة) . أمّا ابنه فعاقد العزم على أن يكون سليم شاكر خلفا للحبيب الصيد ... 


وإزاء هذا المشهد الذي يتنافس فيه المتنافسون تقف حركة النهضة عن كثب تقول ولا تقول كعادتها شعارها " امطري حيث شئت فسيأتيني خراجك  " ..


وإجمالا ليعلم صناع القرار أن تونس واقفة اليوم على شفا حفرة من النار فإما فناء وإما حياة ولتعلم أنه لا بد من وضع حدّ لهواة السياسة الذين يعملون وفق قاعدة " يتعلم الحجامة في روس اليتامى " فتونس قد تناسل شعرها وجف ضرعها ويبست مفاصلها وليس لها من مخلص سوى رجل يكون قد جرب الحكم سابقا..ودون دعاية رمادية لا يجب أن تخرج اختياراتنا عن سياسيين اثنين هما منذر الزنايدي أو حاتم بن سالم ..أما إذا تمادت حركة النهضة وحركة نداء تونس في المقامرة والمغامرة فسينطبق علينا قول حكيم المعرة : 
يَسوسون الأنامَ بغير عقلٍ ... فينفذُ أمرُهمْ ويُقالُ ساسَهْ
فأُفَّ من الحياةِ وأفَّ منِّي ... ومن زمن ٍرئاستُه خَساسَهْ


Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire