vendredi 27 mai 2016

في تنمية التحيل والقمار وتجاهل التنمية والأعمار


حديث للسمار في  ومضات العار تمرر ليلا  و يعاد بثها في النهار


اختارت حكومات التي جاءت بعد 14 جانفي 2011 أن تغض الطرف عن المرسوم عدد 20 لسنة 1974 الذي جرم العاب القمار واليانصيب وتدع الشعب فريسة بين أيدي المتحيلين من أصحاب القنوات التلفزية والإذاعات والشركات الذين اثروا ثراء فاحشا على حساب الاغبياء والطامعين الذين تبيعهم الوهم بالربح السريع والثراء الموعود. وباعتبار ان تلك الحكومات عاجزة عن احداث التنمية وتوفير مواطن الشغل والرفاه فقد وجدت ضالتها في تخريب المجتمع وتنمية التواكل وتفكيك الاسر وتنمية الجريمة والتواكل ومساعدة المتحيلين على نهب الشعب الفقير والضحك عليه عوض توفير الحماية له.
ولحماية المجتمع، بادر المشرع بتجريم العاب اليانصيب من\ عهد البايات الذي تم تعريفه كالتالي: "يعتبر يانصيبا ويمنع بناء على ذلك بيع العمارات أو المنقولات أو السلع عن طريق الحظ أو عن طريق جمع المنح أو غيرها من الأرباح بناء على الصدف إن كان ذلك في شكل مسابقات أو غير ذلك وبصفة عامة كل عملية تقدم للعموم وتثير لديهم أمل الربح عن طريق الحظ".
هذا وقد نص المشرع على عقوبات جزائية ضد المتحيلين والناهبين الذين ينظمون العاب اليانصيب بخطية من 1000 دينار الى 5000 دينار وبالسجن من شهرين الى خمسة اشهر وفي حالة العود تضاعف هذه العقوبة. كما نص على مصادرة المعدات والتجهيزات والمنقولات والاموال لفائدة الخزينة العامة.
ورغم ان عددا من التلفزات والاذاعات المارقة المملوكة من قبل المتحيلين والخارجين على القانون تنظم يوميا العاب قمار ويانصيب في خرق للمرسوم عدد 20 لسنة 1974 الا ان وزير العدل ووزير الداخلية ووزير المالية ووزير التجارة لم يحركوا ساكنا رغم حجم النهب والسلب الذي يتعرض له المستهلك.
نشير بهذا الخصوص الى ان المرسوم المشار اليه اعلاه تم نقله عن القانون الفرنسي المؤرخ في 21 ماي 1863 الذي يمنع العاب القمار والميسر واليانصيب.
 هذا وقد ادخل المشرع التونسي استثناء لمبدأ منع العاب الحظ  وذلك  من خلال تقنية الالعاب الترويجية التي نظمها بالقانون عدد 62  لسنة 2002 المؤرخ في 09 جويلية 2002 وقرار وزير السياحة والتجارة والصناعات التقليدية الصادر في 9 ديسمبر 2002 المتعلق بضبط الفترة القصوى لتنظيم الألعاب الترويجية والقيمة القصوى للجائزة الممنوحة لها.
وقد عرف المشرع من خلال هذا القانون تقنية الألعاب الترويجية من خلال الفصل الثاني الذي ينص " يقصد في هذا القانون بالألعاب الترويجية: كل عملية إشهارية تهدف إلى تنمية البيوعات وتبعث لدى العموم أمل الربح سواء كان عن طريق الحظ أو القرعة أو المسابقة".
 وتعتبر مسابقات على معنى قانون 2002 كل لعبة تعتمد اختبار فطنة المشارك أو معارفه أو ذكاءه أو كفاءته وتهدف إلى انتقاء الفائزين استنادا إلى نتائج المسابقات ولا إلى الحظ.


اعتبر المشرع التونسي أن شرط مجانية المشاركة من الشروط الأساسية لتنظيم اللعبة الترويجية. فمن خلال تكريس هذا المبدأ، يحمي المشرع المستهلك من التجاوزات التي تمارسها بعض الشركات المنظمة للألعاب الترويجية التي تهدف إلى الإثراء المادي على حساب المشارك من خلال نهبه وسلبه. كما يحرص كذلك المشرع التونسي على قاعدة منع العاب اليانصيب التي عنصر المساهمة المالية من عناصرها الأساسية.                                                       
  من جهة أخرى ضبط القانون عدد 62 لسنة 2002 المتعلق بالالعاب الترويجية القيود التي فرض على منظم اللعبة الترويجية احترامها تخص بالأساس  الأشخاص الموجهة إليهم هذه الألعاب الترويجية كما تخص كذلك المنتوج المراد الترويج له وفترة الالعاب وقيمة الجوائز الممنوحة.                                 
 ينص الفصل الثالث من القانون عدد62 لسنة 2002 انه "لا يمكن تنظيم الألعاب الترويجية إذا كانت تفرض على المشارك أية مساهمة مالية سواء بصفة مباشرة أو غير مباشرة.        
  وفي جميع الحالات يجب أن لا تكون المشاركة في الألعاب الترويجية مشروطة بعملية شراء أو بأية وسيلة تثبت شراء المنتوج . ولا يمكن استعمال المنتوج أو الغلاف كوسيلة أو قسيمة للمشاركة في الالعاب الترويجية".
يؤكد  هذا الفصل على  شرط مجانية المشاركة أي منع المساهمة المالية سواء كانت بصفة مباشرة أو غير مباشرة.                                                        
والمقصود من هذا التحجير هو التأكيد على أن الألعاب الترويجية لا يمكن بأي حال من الأحوال أن تنقلب إلى لعبة اليانصيب التي يحجرها القانون والتي تتمثل في الألعاب التي يغلب فيها الحظ على البراعة وأعمال الفكر وألعاب القمار والميسر  المشار اليها اعلاه.     
 كما حجر المشرع أن تكون المشاركة مشروطة بعملية شراء أو بأي وسيلة تثبت شراء المنتوج مؤكدا بذلك على شرط عدم إجبارية الشراء. وتجدر الملاحظة أنه من الناحية العملية تلجأ بعض الشركات إلى المناورة لنهب المشاركين وتحقيق مداخيل غير شرعية كإجبار المستهلك على اللجوء للشراء قصد المشاركة في السحب وتنمية أمل الفوز لديه.
هذه الممارسة منعها المشرع، إذ أن المساهمة المالية من خلال اقتناء المنتوج تجعل هذه التقنية تحت طائلة المرسوم  عدد 20 لسنة 1974 الذي عرف اليانصيب من خلال الربط بين تدخل الحظ والمساهمة المالية.                                          
كما نص القانون عدد 62 لسنة 2002 على أنه لا يمكن استعمال المنتوج أو الغلاف كوسيلة أو قسيمة للمشاركة في الألعاب الترويجية.                                              
يشدد المشرع التونسي من خلال قانون 2002 على عدم إجبارية الشراء. فقد يلجأ بعض المتدخلين الاقتصاديين إلى تنظيم مسابقة على أن يكون الوسيط الاشهاري هو المنتوج أو الغلاف كاستعمال أغطية القوارير أو تعمير قسيمة على غلاف المنتوج وهو ما يعتبر خرقا واضحا لمبدأ المجانية ومساهمة مالية غير مباشرة.        
عمليا  تعمل في بعض الأحيان الشركات التجارية إلى عدم تشجيع المستهلك على المشاركة المجانية ،أو عدم توفير عدد كاف من قصاصات المشاركة حاثة بذلك إلى اللجوء إلى غلاف المنتوج الذي طبعت فيه قصاصة مشاركة ، وهو ما منعه المشرع التونسي الذي اعتبره قرينة على شراء المنتوج وبالتالي المساهمة المالية في المسابقة. 
ايضا نص الفصل 9 من القانون عدد 62 لسنة 2002 على أنه "يجب أن لا تتجاوز فترة تنظيم الألعاب الترويجية والجوائز المرصودة لها الفترة والقيمة القصوى المحددتين بقرار من الوزير المكلف بالتجارة. ويمكن للوزير المكلف بالتجارة في بعض الحالات الاستثنائية التمديد في فترة تنظيم الألعاب الترويجية والترفيع في القيمة القصوى للجوائز المرصودة لها".                                                          وقد حدد قرار وزير السياحة والتجارة والصناعات التقليدية الصادر في 9 ديسمبر 2002 الفترة القصوى لتنظيم الألعاب الترويجية ب90 يوما قابلة للتمديد في الحالات الاستثنائية. 
كما نص قرار وزير التجارة والصناعات التقليدية الصادر في 19 جويلية 2006 المتعلق بقيمة الجوائز المرصودة على  انه لا يجب ان تتجاوز  القيمة القصوى للجائزة الواحدة المرصودة مبلغ 25000 دينارا.                     
من الناحية العملية نجد عدة ظواهر تفرض التساِؤل حول مدى قانونيتها، اذ نرى في برامجنا التلفزية وبعض الشركات المصنعة خاصة للمواد الغذائية ومواد حفظ الصحة بالاشتراك مع الفضاءات الكبرى تعرض دوريا سيارات بعشرات الملايين للربح. وهو ما يخالف بصورة جلية مقتضيات هذا القرار.  
هذا ويلجا المتحيلون من منظمي الالعاب الاشهارية او بالاحرى العاب القمار واليانصيب المحجرة الى نهب المستهلكين خارقين بذلك مبدا المجانية وذلك من خلال اجبارهم على بعث إرساليات قصيرة غالبا ما يتجاوز سعرها بكثير السعر العادي للإرساليات أو المشاركة من خلال  الترسيم في إحدى مواقع الانترنت. فهل يعتبر الفارق في السعر الموظف على الإرسالية مساهمة مالية من طرف المستهلك أم لا؟  وهل تعتبر مصاريف الربط مع شبكة الانترنت مساهمة مالية من طرف المستهلك كذلك أم لا؟                                         من الناحية القانونية فإن هذه الطريقة تعتبر تجاوزا بما أن الفصل الثالث من القانون عدد 62 لسنة 2002 يحجر المساهمة المالية ولو بطريقة غير مباشرة. اما اذا تعلق الامر بالعاب يانصيب او قمار فان العملية برمتها محجرة وتستوجب العقاب بالسجن والخطية والمصادرة.   
إلا أنه من الناحية العملية، فإن هذه الممارسة المجرمة قانونا تلاقي رواجا كما تجد حماية من جانب المراقبة الاقتصادية على الرغم من خرقها لمبدأ المجانية وتكوّن بذلك جنحة واجبة العقوبة وه\ا شكل من اشكال الفساد الذي ترعاه الادارة. 
بالنظر لخطورة تداعيات العاب القمار والميسر واليانصيب والالعاب الترويجية غير الشرعية المنظمة من قبل كبار المتحيلين من اصحاب التفزات والاذاعات والشركات، هل يبادر رئيس الحكومة ووزير العدل ووزير الداخلية ووزير المالية ووزير التجارة بتحريك الدعوة العمومية ضد هؤلاء وهل يبادر رئيس الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد بتحريك الدعوة العمومية ضد الموظفين الفاسدين الذين لا يحرصون على تطبيق القانون. وهل يبادر رئيس الحكومة بمراجعة التشريع للتصدي لهذه الجرائم الخطيرة.


Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire