lundi 5 octobre 2015

جريمة نكراء في المدينة العتيقة بتونس : "دار جعيط" Dar Djaïtتحتضر، فهل من مغيث؟




صرخة استغاثة تطلقها جمعيات المحافظة على التراث في بلدي،إثر الأضرار التي ألحقتها مؤسسة "ليرا" للبعث العقاريLira Hospitalityبمدرسة العنقيّة Ecole la Onkia، وبجامع الطّرازMosquée Tarraz، في إطار مخطّط شيطاني للتّحوز دون وجه على الجزء الأكبر من رصيدنا الاثري ... حيث عبثت هذه الشركة الخاصّة المشبوهة بالمعلم التاريخي الهام "دار جعيط" Dar Djaitوالكائن بنهج بن عروس في قلب المدينة العتيقة... ولمشروع سياحي مربح، قامت شركة كمال لزعر بأشغال فوضوية شوّهت الطابع المعماري الأصيل للمعلم الأثري ، وسلخت منه هويته... وعلى طريقة جدتنا "عليسة" استغل صاحب الشركة المتغولة حالة الانفلات والفوضى وغياب أجهزة المراقبة لتوسيع أعمالها من تشييد طابق ثانجزئي Construction sur un deuxième étage partiel حسب التّرخيص الممنوح في ملابسات مشبوهة تفوح منها روائح الفساد ..إلى تجاوز الترخيص بان اجاز لنفسه ما لا يجوز وليتوسع في الاتجاهين أي فوق الأرض وتحتها وليرتفع عن العلوّالمرخص فيه بحوالي 12 مترا Dépassement en hauteur de 12 mètresوفي الاتجاه المعاكس تعمد حفر طابقين أرضيين Creusement d'un sous sol de deux étages وهو ما شكّل خطورة على سلامة البناية ...

جريمة بشعة ترتكب في وضح النّهار في حق ما سلم من تراثنا من بطش عصابات الطرابلسية، اشغال هدم واعمال بناء يقوم بها منذ فترة مضارب البورصة وسمسار العقارات كمال لزعر في قلب "البلاد العربي" تحت غطاء "مخطط خصخصة الثقافة " الذي وعدتنا به حكومة مافيا المال للمهدي جمعة ...وما يعنيه ذلك من فتح باب الاستثمار في المواقع والمعالم الاثرية أمام الشركات الخاصةبدعم من الثلاثي المافيوزيمهدي جمعة وأمال كربول ومراد الصكلي....والله عيب ان تستباح تونس وتنهب أثارها بمثل هذه الطريقة الوقحة والمقيتة.... حالة استنكرها المجتمع المدني و كل متساكني  المدينة العتيقة، و اقترفها جهلة التاريخ...



ولئن اختلفت طبيعة الجرائم وأوجهها الماديّة والمعنويّة فإنّ الجريمة التّي لا يختلف فيها اثنان و نتفق حول فظاعتها ووقعها، هي تلك التي تستهدف مقوّمات تاريخ أمّة لأنَها تمسّ تراثها وتدنّسه وتحرّفه وتنتهك حرمته... و ليس هناك أفظع مما نراه اليوم في المدينة العتيقة بالحاضرة تونس حيث تعمد مؤسَسة "ليرا العقارية"والتي انقلبت فجاةإلى Lira Hospitalityلتضليل الراي العام ...إلى تشويه جانب من طابع المدينة العتيق المتأصّل في تاريخه والمتجذَر في حضارته، من خلال تشويه يستهدف بناية "دار جعيط "بنهج بن عروس بالمدينة العتيقة وتحويلها الى بناية غير متجانسة وغير متناسقة.


و قد تحرّكت للغرض ولقطع الطريق أمام المؤامرة التي دبرها صاحب الشركة..العديد من الجمعيات ومكونات المجتمع المدني للتّنديد بهذه التّصرفات الهمجيّة التي شوّهت المعمار بواسطة معاول شقتها طولا وعرضا ومن خلال توسعة لا تخضع لمنطق حماية التراثوصيانة الطابع المعماري وهي حسب راي الخبراء خارجة عن المألوف ومنتهكة لحضارة شعب و مقومات أمَة ... حيث اعتبروا إقدام شركة "ليرا" للبعث العقاري على الامتداد الأفقي والامتداد التحتي في بناية "دار جعيط" بمثابة التشويه الفظيع لطابع المعمــــاري لبــناية اثرية تعود الى القرن الثالث عشر و تستمد جذورها من الحضارات المتعاقبة هندسة و تصميما... و كان مسؤول عن شركة "ليرا" العقارية قد أدلى لبعض وسائل الإعلام ما مفاده أن الشركة المذكورة تحصّلت على التراخيص القانونية التي تخوّل لها القيام ببناء طابق إضافي.... و بعد التثبت من كراس شروط المدينة العتيقة، اتّضح أن علوّ الطابق الإضافي تجاوز الحدود ب 12 مترا ، وهو ما اعتبر خرقا صارخا للقانون... و إذا كانت التحسينات التي يدعيها أصحابها على "دار جعيط" قد حازت على موافقة سلطة الاشراف و جمعية صيانة المدينة فان هذه التّراخيص لا يمكن استساغتها لأنها في الواقع تتنافى و مقوَمات الطابع المعماري للمدينة العتيقة وما تحمله من عبق الماضي و شذى التاريخ.


فلم كل هذه الخروقات؟ و لم تتحدى شركة "ليرا" كل الجمعيّات و تخرق كل القوانين في غياب تام، أو ربما تواطؤ، للسلط المسؤولة؟.. بعد بحث و استقصاء، تمكنت "الثورة نيوز" من الكشف عن هوية المالك الحقيقي لـ"دار جعيط " و المتخفي وراء الشركة العقارية "ليرا"، ألا وهو رجل الأعمال المثير للكثير من الجدل كمال الأزعر(أصيل منطقة سيدي علوان من ولاية المهدية)، حيث كان هذا الأخير قد اشترى هذا المعلم التاريخي سنة 2008.... فهل أنَ ما تقوم به مؤسَسة كمال الأزعر تحت غطاء حماية التراث يبرّر ما تقوم به في بناية "دار جعيط" التاريخية الأصيلة؟ و مهما كانت التبريرات من دعوة إلى تنشيط السيّاحة في المدينة العتيقة أو غيرها من الأنشطة فانَ ذلك لا يمكن أن نقبله كمطيّة لانتهاك التاريخ و النّيل من حرمة البنيات التاريخية والمعالم الاثرية  وأصالتها لأنَها ستظل  شاهد عيان على حضارة أمَة متجذَرة في تاريخها ... فمتى سيتوقف هذا السمسار عن استبلاه الشعب التونسي و انتهاك عرض الوطن و تراثه ، الوطني منه و العالمي باسم الثقافة ؟؟؟ فبئس الثقافة التي تخوّل له خرق القوانين .؟؟؟ وهل سيعلى بشأن الثقافة ببناء طابق إضافي ؟؟ 
إن تحركات مكونات المجتمع المدني لرفض الانتهاكات الصارخة التي يرتكبها المتحيل كمال لزعر لها ما يبرَرها لأن المسَ من حجارة واحدة في بنيان أو تشويه بأَي صيغة هو إعدام مع سابقية الإضمار و التّرصد لحضارة شعب يرفض أن تطمس حضارته .... ان إيقاف الأشغال مسألة مصيريّة و لا حلَ من دون هذا الاجراء، و التّراخيص الممنوحة زمن حكومة مافيا المال او قبلها لا تهمنا لشبهة الفساد التي تحوم حول طريقة وكيفية اسنادها ...هي بلغة القانون و منطقه، تجاوز للسلطة في معناه الواسع، لانَ السلطة بالأســـاس هي تقديـــريَة و هي قابـــلة بــذلك للخطأ....وتصويب الخطأ في هذا المضمار هو سحب الترخيص و إعادة النَظر فيه، و التتبع القانوني لكمال الأزعر و من يقف وراءه، حتى نحمي بذلك بناية شاهدة على تاريخنا و ما أحلى التاريخ عندما نحمي شواهده.




Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire