من أكثر القطاعات التي نخرها الفساد والانتهاكات
والخروقات والتجاوزات قبل الثورة وحتى بعدها، نجد قطاع الرياضة . ورغم أن عمليات
التفقد الإدارية والمالية التي شملت أكثر من جامعة رياضية قد كشفت عديد
الإخلالات الخطيرة فإننا لم نسمع إلى حد
الآن بأي تتبع قضائي طال مقترفيها.
ورغم أن عديد الاتهامات بالرشوة قد وجهت لعديد المسؤولين والموظفين
فإن القضاء لم يتعهد بفتحها بعد . وباختصار فالفساد تَغَوّلَ في جهاز وزارة الشباب
والرياضة وصارت له استراتيجيات و بيادق ينافحون
بالحجة والدليل وأضحت له أقلام معلومة تزين الباطل وتشكك في نوايا الصادقين وتشغل الشعب
بقضايا هامشية. والفساد في وزارة الشباب والرياضة بلغ أوج تطوره فتجاوز الواقع ليكتسب صفة
ميتافيزيقية أسطورية بمقتضاها أضحى قضاء وقدرا
يجب التسليم به حتى تحوّلت الوزارة الى
البيئة المناسبة التي تعبّد طريق
المناصب للانتهازيين ومن باعوا ضمائرهم وانخرطوا في "عصابة" المتآمرين
على المصالح العليا للبلد مستفيدين من الامتيازات والريع الذي "يجود" به
النظام على المتمسحين بالأعتاب المسبحين بحمد النظام ليل نهار...
نقول هذا الاستنتاج العام ونحن نتصفح ملف وثائق من الحجم
الكبير يتعلّق بما يسمّى التصرّف في
المنح المسندة تحت عنوان
دعم الجمعيات والمنظمات
الناشطة في قطاع وزارة الشباب و الرياضة والتي
من المفروض أن تكون
عملية إسنادها بغرض الإحاطة
بالشباب والنهوض بالأنشطة الرياضية غير
أنها حادت عن غرضها وهدفها
وتحولت بفعل فاعل إلى
كاسة بعض الجمعيات النوفمبرية لا يحق
لها التمتع بهذه المنح
...
فالمؤكد أن عديد
الجمعيات الشبابية والرياضية من كبيرها إلى صغيرها
تعيش وضعا ماليا مأسويا على اعتبار
كثرة النفقات و قلّة الموارد مما
جعلها تغرق وجعل الشباب كما الناشئة تهجرها دون عودة
رغم كونها تمثل متنفسا للشباب وتحميهم من مخاطر الانحراف ... فوضعها المالي الخانق كان من بين
أسبابه التلاعب المقيت الذي ضرب عملية إسناد المنح المخصصة.
جمعيات منتفعة دون وجه حقّ
من خلال
الوثائق التي تملك
الثورة نيوز نسخة منها تبيّن أنّ وزارة الرياضة
توّلت في عديد المناسبات
اسناد منح لمنظمات ناشطة في
مجالات غير مندرجة في نطاق
نشاطها على غرار الصحة والبيئة والانترنات منها الجمعية الجهوية للمرأة من أجل التنمية
المستديمة بسيدي بوزيد
والجمعية التونسية للتحسيس بالتبرّع بالأعضاء والجمعية التونسية لحماية الطبيعة والبيئة و الجمعية
التونسية لطبّ الكلى و مجلة مرآة
الوسط والجمعية التونسية للانترنات والوسائط
المتعددة وغيرها من الجمعيات
التي تمتعت بمنح
دعم من قبل وزارة الشباب و
الرياضة في وقت
كانت عديد الجمعيات الرياضية
والشبابية تعاني ازمة مالية حادة .
محاباة
ومحسوبية وتدخل من رموز
النظام
أمام تحوّل خزينة وزارة الرياضة والشباب الى ملجأ
يقصده كل من هبّ و دب ّ
للحصول على اموالا سائبة ... وحيث يدرك
الجميع أن انتفاع بعض
الجمعيات الرياضية و الشبابية لا يكون الا اذا كانت مطالبهم مسنودة بإمضاء رمز من رموز الازلام
... بينما تحرم جمعيات أخرى لها
نفس الاختصاص على اعتبار انه ليس
ورائها من يدفع و ليس
لديها سند او ما يعرف ب" الكتف" لذلك
كان مقياس اسناد المنح
على قاعدة 'واحد فرض و لآخر سنة " او
على مبدأ " انظر للوجوه
وفرّق " حيث
تبين أن وزارة الشباب توصلت بمطالب للحصول على منح دعم
مدعومة من بعض الشخصيات النافذة نذكر منها
على سبيل الذكر دوما لا الحصر المنحة المسندة لشبيبة باردو بتاريخ 5 جوان 2010 و قيمتها
5 ألاف دينار بناء على مراسلة
موجهة من عضو السابقة بمجلس
النواب ريم الشواشي الى وزير الرياضة والشباب و المنحة
المسندة الى الملعب الرياضي بالمكناسي في 22 فيفري 2010 و قيمتها 3 ألاف
دينار بناء على توصية من المكي العلوي
النائب الاوّل السابق لرئيس مجلس المستشارين والذي كان
تدخل لفائدة المهرجان الثقافي بسوق الجديد
بتاريخ 30 جويلية 2010 وهو مهرجان
لا علاقة له بنشاط الوزارة ... وتدخل
عبد الحميد سلامة الوزير المستشار لدى رئيس الجمهورية
السابق لفائدة الجمعية الرياضية بقصيبة المديوني للحصول على منحة قدرها 5 ألاف دينار فيما
تحصلّت اللجنة الثقافية بقفصة على نفس المبلغ بتدخل
من المنجي الزيدي مدير عام وكالة الاتصال
الخارجي سابقا وتحصل الملعب
النابلي على 7 مليون بتدخل من
فؤاد دغفوس مستشار اول لدى الرئيس المخلوع ..
جمعية
الترفيه الأسري: من المنتج إلى المستهلك مباشرة
من أكبر عملية
التلاعب بالمنح تلك
المتعلقة بالمنح المسندة الى
الجمعية التونسية للترفيه الاسري
والتي تشغل خطة أمينة مال بها سميرة
الكوكي بن حمادو المديرة العامة السابقة للمصالح المشتركة
بوزارة الشباب و الرياضة وهي تشغل
في نفس الوقت رئيسة الشعبة المهنية ... حيث لا تمرّ سنة
الا وتنتفع الجمعية كما الشعبة بمنح متعددة من الوزارة مصروفة على حساب
العنوان الاول والعنوان الثاني وصندوق النهوض بالشباب و الرياضة اضافة الى بعض
المنح المتحصل عليها من المندوبيات الجهوية للشباب و الرياضة .
ما هو مؤكد ان جمعية الترفيه الاسري كانت
اغلب انشطتها تندرج ضمن
انشطة الحزب المنحلّ على غرار تنظيم
جناح في القرية الانتخابية في شهر أكتوبر 2009 خصص للتعريف
بدورها في تنفيذ
البرامج و الاجراءات الرئاسية
..كما تأكد أن موقع سميرة الكوكي
كمديرة الشؤون المالية ثم مديرة
عامة للمصالح المشتركة و في نفس الوقت
كأمينة مال الجمعية سهّل عليها الحصول على
منح لفائدة الجمعية حيث
تبين انه بتاريخ 18 جوان 2007 على سبيل المثال طبعا توجيه
مراسلة من مدير عام الرياضة
السابق محمد الزريبي الى مديرة
الشؤون المالية يطلب منها تخصيص
منحة قدرها 5 ألاف دينار لجمعية الترفيه الاسري كجزء من مصاريف تنظيم تظاهرة
رياضية و قد تمّ اعداد القرار
المتعلق بالمنحة و صرفها في
اليوم الموالي 19 جوان بمقتضى
الامر بالصرف عدد 348 .
منح
منهوبة مراقبة مسلوبة
بناء على القانون عدد 154 لسنة 1959 المتعلّق بالجمعيات الذي
أوجب على كلّ جمعية مستفيدة من إعانات دورية أن تقدّم لها سنويا ميزانيتها و
حساباتها و الوثائق المؤيدة لذلك... غير أن لا جمعية من الجمعيات قامت بتقديم
الوثائق... بل ان جمعية الترفيه الاسري بالرغم
من تواصل انتفاعها بهذه المنحة لم
تقع مطالبتها بها من قبل الوزارة ... مما
يؤكد ان
المنح لم تذهب
الى من يستحق الانتفاع بها فحسب بل ايضا صرفت في غير موضعها ... و
تجدر الاشارة ايضا إلى أن بعض المعلومات
والاخبار تؤكد تواصل اهدار المنح حتى بعد الثورة و انتفاع جمعيات أخرى منسوبة
لتيارات حاكمة بهذه المنح دون وجه حق ... موضوع
للمتابعة .
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire