إلى حدود يوم 13 جانفي 2011 كانت تونس ورغم التضييق على الحريات ورغم
انتشار فساد عائلة ليلى الطرابلسي بلدا آمنا يطيب فيه العيش إذ لا إرهاب ينغصّ على
التونسيين حياتهم ليلا ونهارا، ولا غلاء مشطا يجعل ملء قفة المواطن لا يتمّ إلا
بشقّ الأنفس ولا تداين فظيعا يرهن البلاد والعباد إلى زمن غير معلوم ، ولا انفلات
يعصف بالبلاد ويجعل صورتها تهتز عند القاصي والداني بعد أن أصبح التونسي يشار إليه
بالبنان " حذار إنه تونسي ..حذار إنه إرهابي .." وبعد أن أصبح
التونسيون يحتلون المراتب الأولى في
التنظيمات الجهادية التكفيرية التي تسبي النساء وتذبح الرجال وتقتل الأطفال دون
ذنب أو جريرة ..وبعد أن أصبحت حرائر البلد بضاعة رخيصة تهدى إلى الإرهابيين في
سياق ما عرف بجهاد النكاح ..
ولمّا جاءت الثورة ظن التونسيون أن شرّا قد رفع وأن خيرا قد وضع ولكن تجري رياح الثورة بما لا يشتهي التونسيون
وما كل ما تمناه التونسي أدركه ..بل إنه ما فتئ يشعر من يوم لآخر بانتكاسة لا سيما
بعد أن اكتوى بلهيب الأسعار التي تضاعفت مرارا خلال السنوات العجاف التي حكمت فيها
حركة النهضة ومشتقاتها فيما يعرف بالترويكا
وهي فترة عرفت غريب التناقضات وعجيب
المفارقات ، ففي الوقت الذي تدنت فيه المؤشرات الاقتصادية إلى الدرك الأسفل حتى
أصبحت سلبية وتحت السلبية ارتفعت نسب الجريمة المنظمة والاغتيالات والتداين الخارجي
والبطالة وتنامى التهريب والرشوة وبلغ فساد الطبقة الحاكمة في ثلاث سنين درجات لم
يبلغها فساد المخلوع وعائلته على مدار 23 سنة ؟؟
ولعل لا شيء أقض مضاجع التونسيين وقذف في قلوبهم كآفة الإرهاب الذي نما وربا خلال حكم الإخوان وكان آخر ضحاياه ضيوف تونس الذين غدرت بهم يد الإرهاب في باردو يوم 18 جانفي 2015 , والحقيقة أن هذه الآفة قد نبهت
إليها صحيفتنا منذ انبعاثها وطالما أشارت إلى أن ساكني الجبال بعد أن عششوا في
الكهوف سيفرخون وسينزلون يوما إلى سفوحها
ثم إلى حواريها الفقيرة وأحيائها الراقية ، ويبدو أنهم قد ذهبوا في نزولهم إلى حدّ
بعيد إذ جاءت حادثة باردو لتكون قاصمة الظهر للسيادة التونسية ولتعصف بصورة تونس
في الخارج .
لا عجب وتونس قد وصلت إلى ما وصلت إليه أن يتمنى أكثر التونسيون أن تعود
عقارب الساعة إلى الوراء بعد أن تبين لهم أن سنة 2010 التي عدت أسوأ سنة في نظام
بن علي هي أفضل بكثير من سنوات الترويكا ألم يقل أسلافنا " اعطيني قرتلتي ما
حاجتني بعنب"
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire