mardi 31 mars 2015

البنك التونسي الفرنسي والنزاع التحكيمي الشهير : شرّعه مزالي ... وتصدى له صفر : شيء يسير من تاريخ تحيّل خطير




الشارع التونسي لا يعرف الكثير عن  حكاية النزاع الطويل (أكثر من 30 سنة) القائم بين الدولة التونسية والمحامي والخبير عبد المجيد بودن والمعروف بقضية " ABCI/BFT"ما عدا ما تم تداوله مؤخرا على مختلف وسائل الإعلام بعد أن تورطت حكومة الترويكا في فضيحة الصلح المشبوه الموجه للمركز الدولي لتسوية نزاعات الاستثمار والذي يلزم تونس بدفع مبلغ 980 مليون دينار بالعملة الصعبة إلى زاعم الضرر Majid Bouden الذي استغل ضعف الدولة وتواطؤ المسؤولين الجدد ليرجح كفته ويغنم ما عجز عنه طيلة حكم الرئيس المخلوع.


  انطلقت الحكاية شهر افريل  1982 عندما تولى رجل الأعمال عبد المجيد بودن (أصيل مدينة القيروان) بعث شركة ABCI والترخيص له بالمساهمة في رأسمال البنك الفرنسي التونسي BFT. .. إذ سمح له وعلى خلاف كل التوقعات بالمساهمة في البنك المذكور بنسبة %50... لم تلبث الامور بعد ذلك أن تصدعت وبالتالي ظهرت بعض الصعوبات والعراقيل.... ولتلغى الصفقة ثم يقع إقرارها بواسطة التحكيم ولتعود وتسقط في الماء من جديد .... وفيما يلي بعض من تلك  التفاصيل :
خلال  فترة حكومة المرحوم محمد مزالي تم  وضع المصرف التونسي  الفرنسي "BFT" على قائمة الخصخصة ووصلت الحكومة زمنها  عديد  العروض  ولكن  قلة خبرة الأستاذ محمد مزالي  بالأمور المالية وجهله لعلوم التصرف وعدم  إطلاعه  وعدم إلمامه  بفصول  التحيلّ جعله  يسقط في فخّ  عرض  المحامي  المتحيل  عبد  المجيد بودن والذي  بعث  للغرض خلال أوائل سنة 1982  مؤسسة مالية خاصة بهولاندا أطلق عليها لمغالطة الحكومة التونسية تسمية مشبوهة في  تعمد  مقصود " اتحاد رجال الأعمال العرب للاستثمار Abci Investments " وليقع مزالي في الخلط مع منظمة عربية غير حكومية مستقلة موجودة لا علاقة لها ببودن ولا بنشاطه المشبوه وكل ما في الأمر أنها تحمل تسمية شبيهة "اتحاد رجال الأعمال العرب Abci " ويترأسها احد أثرياء الخليج وبإضافة كلمة "الاستثمار" Investments نجح بودن في تضليل مزالي وإيقاعه في الفخ وليصادق هذا الأخير على بيع 50  % من رأس مال مصرف BFT  برخص التراب للمتحيل المحترف أي بمبلغ 3.26 مليون دينار (قرابة 2.5 مليون دينار) وهنا نستخلص كيف وظف المحامي المتحيل براعته وخبرته لإيهام الحكومة التونسية بأنه يمثل مؤسسة استثمارية خليجية من خلال بعث مؤسسة خاصة تحمل اسم منظمة عربية.


وبعد  تنحية حكومة  مزالي  وتعويضه برشيد  صفر اكتشف  الأخير المقلب الذي وقع فيه سلفه والمؤامرة التي  حيكت من طرف  العارض مجيد بودن للاستيلاء على البنك برخص التراب  حيث لاحظ عدم  تطابق مع  كرّاس  الشروط وتبين له أنها  عملية  مضاربة وسمسرة فأوقف العملية وأعلن  الرجوع  في البيع وعدم التفويت ليبقي  المبلغ  المحوّل مجمدا في  خزائن البنك المركزي التونسي... والمصيبة التي لم ينتبه إليها أصحاب القرار أن المحامي استغل جهل البعض وتواطؤ البعض الآخر وحشر صلب العقد بندا تحكيميا ينص ضرورة في صورة قيام النزاع على اللجوء إلى التحكيم  الدولي وحصريا لدى المركز الدولي لتسوية نزاعات الاستثمار وهو ما كان يجهله  رشيد  صفر ...


ومن  الصدف  الغريبة انه  تم تعيين الحبيب ملوش كطرف تحكيمي والحال انه ابن بلدة بودن وحليفه وصديقه (وكان يشغل خطة كاتب  عام  المجلس  الاقتصادي والاجتماعي زمن  حكومة احمد بن صالح) وبالتالي  صدر قرار التحكيم من طرف الخبير المنحاز الحبيب ملوش بإقرار البيع وضرورة تسليم البنك الى المقتني الجديد  وتم  تنفيذ  الحكم زمن حكومة بن  علي  وتسلم بودن  مصرف BFT  ليرفع  قضية جديدة بالدولة التونسية يطالب فيها بالتعويضات من  تاريخ  تحويله لمبلغ  الشراء الى حين  تسلمه البنك معتمدا  على تضاعف  سعر الدولار ليطالب بكل صفاقة وجرأة بضعف ما دفعه وتسلم الفارق  بالدينار ... ولتوضيح العملية فقد طالب العارض بودن باحتساب تحويله المالي بالدولار بسعر السوق زمن تسلمه البنك أي انه طالب بتسليمه البنك واستعادة الأموال المدفوعة بحكم أن سعر الدولار تضاعف بالنسبة إلى الدينار في سوق العملة le beurre et l'argent du beurre... موقف أغضب الرئيس المخلوع خصوصا انه وصلته معلومات مؤكدة حول تآمر المحامي بودن على مصالح الدولة واستغلاله للمحكم الحبيب ملوش لنهب المال العام إضافة إلى تشهيره بقيادتها في المحافل الدولية بسبب أو دونه وبسرعة تحركت ماكينة المخلوع لتوريط المحامي المتحيل في قضية جزائية مفبركة سجن على إثرها وليطلق سراحه بعد حوالي السنة وإثر طلب العفو الذي وجهه إلى بن علي وتعهّد له صلبه بالتنازل عن الشكاية المرفوعة ضد الدولة.  




بعد  الثورة وزمن دولة الفساد الثانية  استغل من جديد المحامي المتحيل بودن علاقته الخاصة بالحكام الجدد (منصف المرزوقي – سليم بن حميدان – محمد بن سالم – نور الدين البحيري) وتدخل في مرحلة أولى وفرض تعيين احد أتباعه منذر صفر في خطة مستشار لدى وزير أملاك الدولة بن حميدان ومنها وسّع في نفوذه داخل مفاصل الدولة ليسيطر على المكلف العام بنزاعات الدولة عفيفة النابلي وليحصل بطريقة بلطجية على صلح أعد في غرف مظلمة يجبر الدولة على منحه تعويضا غير مستحق بقرابة ألف مليار كتعويضات على الضرر المادي والمعنوي ... وللقضية تتمة ...




Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire