يقول
أحدهم : إن الخراب الفكري الذي لحق بأجيال
عدة سببه خضوعها لنظام تعليم قوامه مناهج مسيّسة، إرضاء لنظام سياسي قائم، سرعان ما
يجري تطويعها وتلوينها وقلبها رأساً على عقب لتتواءم ونظام سياسي لاحق.. ونتعجب من
أنه رغم عبقرية الثورة التونسية وحداثتها شكلاً
وموضوعاً وتشكيلاً، فإنها لم تنج من براثن القائمين على العملية التعليمية، الذين أصروا
على استمرار نهج تسميم عقول الطلاب والطالبات والتلاميذ و التلميذات بالتدليس السياسي
والأدلجة التربوية دون هوادة.."
في وقت
اشتد فيه الصراع حول الزيادات في الأجور وتعللت فيه الأطراف
الاجتماعية بتدني المقدرة الشرائية
وزعمت وزارة التربية اختناق
الميزانية المالية برزت
على السطح قضايا تربوية أكثر قتامة وسوادا من الصراع
الدائر بين النقابة والوزارة ... وجوهر هذه القضايا يتعلق
بوضع المدارس التربوية وخاصة
منها المدارس الابتدائية التي تمثلّ اللبنة الأولى التي يتربى بين أقسامها
المستقبل العظيم ...
وفي وقت اشتد فيه الصراع
المالي بين جناحي
المنظومة التربوية بات باب الإصلاح التربوي مغلقا إذ
لم يكن يوما يخطر ببال الساسة و الماكثين على دكة التسيير في البلاد معالجة وضع المدارس الابتدائية بقدرما تحولت وزارة التربية وهياكلها فضاء للمغانم فاشتدت داخلها عمليات البيع و
الشراء والموالاة والمحسوبية والأكتاف والرشوة والتعيينات بالقرابة وبالمال الفاسد
و غيرها .... لتظل دار لقمان على حالها بل تعكرت الأجواء داخل الوزارة والمندوبيات
التي تحولت بقدرة قادر إلى سوق نخاسة بامتياز ...واتسعت رقعة الفساد بها وأصبح
الحديث عن التربية والتعليم القويم ضربا من الأحلام يعسر تحقيقها ...وما يمكن
ملاحظتهه أن التحرش الجنسي
داخل المؤسسات التربوية تحوّل إلى ظاهرة حيث
تعددّت الحالات و تنوعت تمظهراتها و لا أحد سارع إلى اتخاذ الخطوات الكفيلة للحد منها.
هذه قطوف و ما خفي كان أعظم
لم تندمل الجراح بعد من قضية الفتاة الضحية التي لم تتعد 16 ربيعا التي شاءت الأقدار أن
تضعها أمام وحش كاسر بمدرسة باب
خضراء الذي تحرش بها جنسيا بعد أن
سولت له نفسه الأمارة بالسوء أن يراود من هي في مقام ابنته معتديا متحرشا ،بعد أن استغل
في يوم من أيام شهر فيفري 2013 وجود الصبية بمكتبه فأغلق الباب وقال هيت لك : فلمسها من
رقبتها وصدرها وزندها متلفظا بما يخدش الحياء وكان لهذه الأفعال وقع الصدمة على
البنت التي انهارت بعد أن أصيبت بحالة هستيريا..قلنا لم تندمل الجراح حتى فاحت
روائح تحرشات جنسية أخرى أكثر فظاعة منها ملف التحرش الجنسي الذي هز أرجاء مدرسة
أولاد بوبكر من ريف سيدي الهاني والذي ظل متسترا عليه ... في ضفة أخرى قدمت معلمة بمدرسة ابتدائية بجندوبة شكاية
جزائية لدى وكيل الجمهورية بالمحكمة الابتدائية بجندوبة سجلت تحت عدد 9292 /09
تتهم فيها مدير المدرسة المذكورة بالتحرش الجنسي. وقالت المعلمة بان المدير كثيرا
ما يستدعيها في مكتبه خارج أوقات العمل وكثيرا ما يوجه لها كلاما يحمل عبارات
المغازلة والاستدراج ويقوم بحركات مريبة مستغلا في ذلك وضعيتها كأرملة. و من الحالات الأخرى
نذكر إقدام أحد المربين من ولاية سيدي
بوزيد بمواقعة تلميذته وفض غشاء بكارتها في شهر فيفري وفي محاولة يائسة للعودة لمهنته
بعد طرده من عمله عقد عليها القران ...
و حتى نراوح بين
سرد الروايات و الارقام نذكر على سبيل الذكر لا الحصر أنه في احدى المدارس الابتدائية في مدينة
أريانة بلغ عدد حالات التحرش الجنسي 14 حالة ولئن استطاعت وزارة التربية إخفاء هذا الرقم فإنها لا تستطيع
إخفاء قيام 13 تلميذا بتقديم شكاوى في التحرش الجنسي في مطلع السنة الحالية في ولاية سوسة ... والتحرش
الجنسي تعدى مستوى التحرش بالتلميذات بل وصل الأمر الى التحرش بأمهات التلاميذ على
غرار ما وقع في إحدى المعاهد الثانوية في مدينة أكودة من ولاية سوسة ... والأمثلة
على ذلك عديدة كثيرة ...
بنية
تحتية مهترئة جدا
آخر تجليات الرداءة و أكثر صورها تعبيرا عن
حالة المدارس الابتدائية هو الخبر
المخزي الذي أكده مدير المدرسة
الابتدائية الأمل بماجل بلعباس من ولاية القصرين محمد المنصوري والذي أعلن على الملأ سقوط جزء من سقف قاعة بالمدرسة وأفاد أنه
رفض صباح يومها السماح للتلاميذ بالدخول
إلى القاعة. وأوضح أنه قام بإرسال مراسلة إلى المندوبية الجهورية بعد عدم ردها عن
اتصالاته عبر الهاتف.
هذه الحادثة هي في الحقيقة ليست إلا أنموذجا بسيط لوضع
المدارس الابتدائية التي تشكو عديد
النقائص جعلتها أشبه ما يكون بالإسطبلات
حيث تصدعت جدران العديد من المدارس
و ظلت الطاولات كما السبورات
قديمة قدم سيدنا نوح وأما
الساحة فحدث ولا حرج وكذلك الشأن لأبواب
الأقسام التي تشققت
ويصعب في الحقيقة توصيف بيوت الراحة التي يتوفر فيها كل شيء إلا ظروف الراحة ...
ولئن كانت الصور التي تأتينا من كل حدب و صوب من عديد المدارس تجعلنا نبكي دما
على وضعها وحالتها و من ورائها نبكي على
مستقبل أطفالنا.
و في جانب آخر أيضا أصبحت أغلب مؤسساتنا التربوية تتعرض للسرقة والسطو من قبل الخارجين عن القانون و يرجع ذلك بالأساس للنقص الفادح
في الحرّاس في جل المؤسسات وكذلك نسجل نقصا أيضا في عملة التنظيف مما
يجعلها عرضة للسرقة و الإهمال حتى أن بعض
المدارس تتحول ليلا إلى وكر لمعاقرة الخمر كحال
المدرسة الابتدائية بحي الزهور و قصيبة الشط و إعدادية سوسة الجديدة ...
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire