mardi 12 novembre 2013

الحوار الوطني بين "كوميديا السياسة" و"دراما الوطن" يتهدّده نيرون بالحريق





هي "الكوميديا السياسيّة" تعتمد "حوار الطّرشان" تقنية من تقنيات الإضحاك والهزل ؟ أو هو ضحك السياسيين على ذقون المواطنين يبيعونهم أوهاما ويخرجون لهم ألسنتهم قبل اكتمال الحلم؟ 
يدخل المتحاورون  وهم يخبّئوون في جيوبهم أسماء مرشّحيهم البعض يعلن اسم من رشّح كالجبهة الشعبية التي حضرت متأبّطة اسم "شوقي الطبيب" ,ولِ"نداء تونس" أسماء تتناوب في السباق إلى قصر الحكومة يسقط بعضها ولا يبلغ خط النّهاية ك"مصطفى كمال النابلي" ويواصل بعضها الطريق ك"محمد الناصر"
ويوهمنا البعض أنّهم لم يخبّئوا اسما بعينه , يزعمون أنّ جيوبهم خاوية فإذا اشتدّ وطيس الحوار صمّوا آذانهم عن كلّ الأسماء إلاّ اسما واحدا لا يقبلون عنه تنازلا وهذا شأن حركة النّهضة التي أعلنت في بداية الحوار أنّها لا ترشّح اسما بعينه فإذا هي في منتهى الحوار لا تسمع ولا ترى غير اسم "أحمد المستيري" مرشّح حليفها حزب التكتّل
قد يرى بعض الذّاهبين في التّأويل مذهبا متشائما أنّ المتحاورين وإن اجتمعوا داخل نفس القاعة فهم لا يستمعون إلى بعضهم البعض  لكن آذانهم بوسعها أن تصغي إلى أصوات أجنبية غريبة آذانهم معدّلة على أصوات قد تأتي من خارج القاعة بل قد تأتي من خارج تونس...


وقد يرون أن ترشيح رئيس حكومة غير متحزّب صار أمرا غير ذي معنى وغير ذي جدوى فإن كان الهدف من ذلك أن تكون الشخصية المرشّحة محلّ توافق توحّد ألوان الطيف السياسي حولها فإذا هي في سباق التزكية أو الرّفض تتحوّل إلى سبب من أسباب الاصطفاف سمطين سمطا يواليها وآخر يعارضها فتتأسس العلاقة بين من هو مشروع لرئاسة الحكومة وبين الأحزاب على مبدأ الولاء والمعارضة ولاء متبادلا بين الحزب ومن رشّح أو معارضة متبادلة بينهما
أهو العود على بدء ؟ هل ثمّة ما يبشّر بمغادرتنا للحلقة المفرغة أم يواصل "جمل برّوطه" دورانه الأزليّ حول نفس المحور أو قل تواصل الأقدار سخريتها من سيزيف يحمل الصخرة على ظهره من سفح الجبل فإذا أوشك على بلوغ القمّة تدحرج
هل لحوار الطّرشان ذروة يبلغها أم تلازمنا لعنة الحسابات الحزبية والشخصية ولعنة المناورات السياسية لنواصل الانحدار كلّما حسبنا أنّا نؤسّس للصّعود  ؟
إن كانت هذه هي مفردات  "الكوميديا السياسية" ومضمراتها فهي تنذر بأن تستحيل "دراما" بل إنّ الدراما الاجتماعيّة قائمة منذ أمد فإذا كانت "الدراما" تعني ممّا تعني صراع الأنسان مع قوى عظمى , صراعه مع الأقدار...فإنّ المواطن التونسي يصارع غلاء المعيشة وسوء الحال الصحي والتعليمي والأمني...


وذروة "الدراما" أنّ المواطن قد جاع , فليحذر السياسيون المواطن إذا جاع فليحذر السياسيون من اجتمع منهم في مقرّ وزارة حقوق الإنسان والعدالة الاجتماعية ومن جلس على كرسيّ وثير في مقرّ حزبي أو حكوميّ أو رئاسيّ خارجها...مرسلا  شروطه متعاليا مغاليا موظّفا ما وُهِب الساسة من قدرة على إسباغ الحق بالباطل والباطل بالحقّ أنّ المواطن "ليس كافرا لكن الجوع كافر" على حد عبارة ممّا أنشد "زياد الرحباني" والجوع إذا اشتدّ وانتشر سيكفر بكل ذرائع بقاء من حكم باسم مقاومة المنقلبين على الشرعية أو من أراد وصولا باسم مقاومة المنقلبين على الديمقراطية...   



إن كانت هذه مفردات أحبار السياسية وكهانها الذين انتظرنا دخانهم الأبيض من "مجمعهم المغلق" عسانا نرى في توافقهم بعض أمل ليلة الثلاثاء الفارطة ليتوحّد الوطن الذي أنهكه المتحزّبون ممّن غفلوا عن أنّ تونس أكبر من كلّ الأحزاب , وعسانا نرى في توافقهم أركان الدّولة التي يتهدّدها الفشل تُرمَّم و تتوطّد لنكون قادرين على مجابهة الإرهاب و مغالبة الفقر المستشري...
فإذا دخان الخيبة الأسود يعلن خيبة أملنا الواهي وانهزام أحبار السياسة وكهانها في اختبار التّوافق وما يقتضيه من تضحيات وتنازلات في سبيل المصلحة الوطنية العليا...   
   كهّان السّياسة يزوّرون من حيث يعلمون أو من حيث لا يعلمون الحوار والخرائط
حوارهم الأصمّ حوار الصراعات الحزبية وليس حوار التّوافق الوطنيّ كما يدّعون...والخرائط التي وافقوا عليها ظاهرا أضمروا تحريف مساراتها ما وسعهم إلى ذلك سبيلا  فلا هم ملتزمون بدروبها ولا هم أوفياء لآجالها ومواعيدها...
ونحن دوننا ودون ضفّة نجاة الوطن بحر متلاطم الأمواج , أمواجه تعبث بقارب يقلّنا جميعا ورياحه العاتيات تتهدّد أشرعتنا ومجاديفنا...
وللأمواج المتلاطمة والرياح العاتية أسماء منها "الإرهاب" ومنها "الإفلاس الاقتصادي"...  


ولنا ربابنة أصيب بعضهم يما أصيب به "نيرون روما" يقرر إحراقها مالم يحكمها...أنا على ثقة أنّ ما من ربّان من ربابنة السياسة في تونس اليوم يتمنى أن يسجّل التاريخ اسمه إلى جانب اسم نيرون لكن هيهات فلكي تطابق الأعمال الأمنيات عليكم أيّها الرّبابنة المتذرّعون بالاعتصام بحبل الشرعيّة أنّ تعوا وتتقبّلوا أنّ شرعيتكم منتهية وعليكم أيها الربابنة المتعلّلون بالذّود عن الديمقراطية أنّ بيننا وبينها مسافات بعيدة فأجدر بكم أن تكونوا لها صنّاعا لا أن تكونوا لها حماة وهي لم توجد بعد...

وبين ذريعة الشرعية المنتهية وتعلّة الذّود عن الديمقراطية المفقودة لا حلّ غير التّوافق الّذي أنتم عنه عاجزون والحوار الذي أنتم فيه فاشلون...

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire