يثير ملف القناصة جدلا
واسعا و عديد نقاط الاستفهام لطبيعة الموضوع المتّسمة بالسرية و الغموض
حتى أن الكثيرين سلموا أن القناصة لا
تعدو أن تكون مجرد إشاعة غير أن الحقائق و التصريحات لشخصيات هامة و لشهود عيان و
مقاطع فيديو التي بثت على المواقع الاجتماعية كشفت بالدليل القاطع وجود القناصة في
تونس زمن الثورة كانت مهمتهم قتل الأبرياء و بث الرعب في نفوس الشعب
وبين حقيقة وجود القناصة و عدمها تضاربت وجهات النظر و اختلفت الوقائع و نظرا لحساسية الموضوع و ما يرافق ملابساته من لبس و غموض وأمام التكتم الشديد و قلة المعلومات المتوفرة أو لعلّها محاولة مقصودة لطمس الحقائق تواصل الثورة نيوز مهمة إماطة اللثام عن الجهات المتورطة و هل أن القناصة ينتمون للجيش أم للأمن الرئاسي أم هي ميليشيات تابعة لفلول النظام البائد أم مرتزقة تم تطويعهم و هل هي مجموعة تابعة لمخابرات أجنبية؟
القناصة حقيقة أم إشاعة؟
خلص تقرير لجنة تقصي الحقائق في خصوص القناصة إبان الثورة إلى أن عديد
عمليات القنص حصلت بالفعل و تمت من طرف أعوان امن تابعين لقوات الأمن بعد أن
اتخذوا مواقع فوق أسطح البنايات العالية و قاموا بتوجيه الرصاص في أماكن قاتلة
كالرأس و القلب و الظهر و الصدر
كما كشفت التحريات التي قام بها أعضاء اللجنة عن
وجود مؤشرات تدل بشكل قاطع على أن عديد الضحايا تم قتلهم أو إصابتهم من قبل عناصر
تجيد فنون الرماية كما أن هؤلاء استعملوا المواقع و استعملوا الأسلحة المناسبة
للقيام بذلك
كما تعرّض التقرير إلى الإطار القانوني للانتهاكات
و التجاوزات التي تدخل من منظور التشريعات الوطنية تحت طائلة جرائم الاعتداء على
الأشخاص و هي جرائم منصوص عليها في القانون الوطني في المجلة الجزائية و يبقى
تحديد المسؤوليات الفردية بين القضاء العدلي و القضاء العسكري
وثمّة معطيات أيّدها شهود عيان في القصرين و تالة
اشد المناطق عرضة لبطش القناصة في خصوص استشهاد عدد هام من أفراد الشعب في أحداث
ما قبل 14 جانفي عن طريق القنص و كانت الإصابات في أماكن حساسة و محددة من أجساد
الشهداء في هاتين الجهتين و تقدر منظمات حقوقية تونسية عدد القتلى الذين سقطوا
برصاص القناصة بحوالي 200 من مجموع 300 لقوا حتفهم خلال الثورة
التونسية و هو ما لمح له توفيق بودربالة رئيس لجنة تقصي الحقائق حول
التجاوزات و الانتهاكات المسلحة خلال الفترة من 17 ديسمبر 2010 إلى 14 جانفي 2011
أن عديد التونسيين الذين لقوا حتفهم تم قتلهم من قبل عناصر تتمتع بقدرة عالية على
إطلاق النار عن بعد مما يؤكد أن عمليات القنص قد تمت دون أن يتمكن من تحديد هوية
القناصة
من جهته
أعلن مدير القضاء العسكري العميد مروان بوقرة في مؤتمر صحفي أن رجال
امن تابعين لوزارة الداخلية اعتلوا خلال الثورة أسطح مباني بمدينتي القصرين و تالة
و قاموا بعمليات قنص استهدفت المواطنين الأبرياء مبينا أن بعضا من قوات الأمن
كانوا بزيهم النظامي و يرتدون أقنعة على شاكلة القناصة قاموا باعتلاء أسطح مبان
عالية تسمح لهم باستهداف ضحاياهم في أماكن قاتلة كالرأس و الرقبة و القلب
و بالرجوع إلى تاريخية القناصة في تونس يتضح أن
إدريس قيقة وزير الداخلية في عهد الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة قد أسس أول نواة
للقناصة في تونس سنة 1981 و هو ما يؤكد وجود قناصة محترفين خضعوا لتدريبات عالية
جدا حتى يكونوا درعا للوطن و المعروف أن القناص لا يستعمل سوى رصاصة واحدة تطلق
نحو الهدف مباشرة للتخلص مثلا من الإرهابي يمسك برهينة لتكون الرصاصة القاتلة
كلنا شاهد و مازال يتابع عديد مقاطع فيديو التي
عرضت في المواقع الاجتماعية تصور وجود قناصة على أسطح المباني في عديد جهات
الجمهورية على غرار شارع الحبيب بورقيبة و بنزرت و صفاقس….و استعمال مجهولين
لسيارات مؤجرة و حاملة لعلامات منجميه زرقاء تطوف أرجاء البلاد و تطلق الرصاص على
المواطنين و تبث الرعب في النفوس و وليس من دليل على وجودهم أقوى من إلقاء القبض
على البعض منهم من طرف الجيش التونسي حسب شهادات المواطنين و حسب أفلام موثقة
منشورة في بعض المواقع الاجتماعية مثل “اليوتيوب” و على نحو لا تنفع معه المغالطة
بتاتا ويقيم الدليل على حقيقة القناصة الذين طالما روّعوا الأهالي و أزهقوا
الأرواح خدمة لمصالح جهات معينة
من له مصلحة في استئجار القناصة في تونس؟
بات من الواضح و البديهي وجود قناصة في تونس زمن الثورة لكن الإشكال الأهم
الذي لطالما بقي طي الكتمان و يشوبه التستر و السرية هو حقيقة الجهات التي تقف
وراء استخدام هؤلاء لسفك دم الشعب .و رغم أن محاكمات البعض من الكوادر الأمنية
أمام القضاء العسكري بتهمة التورط في قتل ضحايا الثورة أثبتت آن الرصاص الذي
استخدم لا يوجد مثله لدى الأجهزة الأمنية و المؤسسة العسكرية و أن السلطات
التونسية لم تستورد منه على امتداد السنوات الماضية و هو ما يدعم حقيقة استقدام
قناصة من جهات أجنبية و بجنسيات أوروبية و هو ما أكده الباحث الروسي نيكولاي”
ستاركوف” من أن الولايات المتحدة الأمريكية هي من تقف وراء عصابات القناصة في تونس
لتأجيج الموقف و زعزعة الاستقرار و نشر الفوضى تحت شعار البحث عن الحرية فالنظام
يستعمل القنابل المسيلة للدموع و الهراوات لقمع الاحتجاجات لكن ذلك لا يساعد
أمريكا على حد تعبيره فيظهر مجهولون فوق الأسطح يطلقون الرصاص ليشتعل
الموقف و يذكر “ستاركوف” ساخرا من السلطات الأمنية التونسية التي أفرجت
عن قناصة يحملون جوازات سفر سويدية ادعوا أنهم يصطادون الخنازير البريةو في بلد
مضطرب قبض عليهم في سيارة أجرة و معهم ترسانة من أسلحة القنص
بينت عديد مقاطع فيديو تورط عناصر من الموساد
الإسرائيلي في قتل المتظاهرين في تونس و هو ما أكده محمود رمضان احد قيادي حركة
التجديد في تونس في إحدى تصريحاته لوسائل إعلام الدولية عن توفر معلومات لديه تبين
استقدام عناصر مسلحة و مدربة جيدا من إسرائيل كانت تنتمي من قبل إلى أنطوان لحد في
جنوب لبنان قبل فرارهم إلى إسرائيل و الانخراط في صفوف الموساد الإسرائيلي و فرق
الموت الأخرى و أن العديد منهم دخلوا تونس قبل سقوط نظام الرئيس المخلوع بهويات و
جوازات سفر أوروبية و هو ما أكدته مقاطع فيديو نشرت تبث عملية قبض الجيش التونسي
على قناصين اسرائليين في شارع الحبيب بورقيبة و في حوزتهما رصاص و
معدات قنص من أعلى طراز
خبراء في المجال الأمني اعتبروا أن تحديد هوية الجهات التي قنصت
المتظاهرين خلال الثورة يستدعي استخراج جثامين القتلى من القبور و استخراج الرصاص
الذي قتلوا به و يقول هؤلاء أن تحديد نوعية الرصاص سيمكن من تحديد الأسلحة التي
أطلق منها الرصاص و بالتالي تحديد الجهة التي أطلقت الرصاص لان الأسلحة التي
يستعملها الجيش مختلفة.و المعروف أن القناصة قد استعملوا سيارات مؤجرة من شركات
تونسية و بالتالي كان من السهل تعقب أصحابها لو توفرت الإرادة السياسية و الأمنية
و بالتالي لا يمكن أن يكون القناصة مجهولين خلافا لما يشاع .هذه العصابات التي
اندست في صفوف الشعب في وقت اتّسم بالاحتقان و الفوضى العارمة و تزامنا مع حوادث
هروب العديد من المساجين من سجون عديدة في الجمهورية و هو ما يدعم فرضية أن هؤلاء
قد وقع التخطيط المسبق لتسهيل هروبهم و ما هي إلا مؤامرة حيكت لبث الرعب في النفوس
وخلق حالة من الفوضى العارمة بشكل يسمح للقناصة بتنفيذ مهامهم على الوجه المطلوب و
في كنف السرية التامة
أطراف إجرامية عدة وقفت وراء لغز استخدام القناصة
أثبتت بعض التحريات عن تورط أعوان من الحرس الرئاسي في عمليات تقتيل الشعب و
الشوارع والساحات خير شاهد على تورط هؤلاء و بشهادة من عايشوا الحدث لحظة
بلحظة حيث شهدت ساحة برشلونة بالعاصمة اشتباكات عنيفة بين قوات الجيش و مسلحين
روعوا الأهالي و أطلقوا النار و ذكر شهود عيان أن طائرة مروحية حلقت فوق المكان و
في شارع محمد الخامس وقعت مواجهات شرسة بين قوات الجيش المتمركزة و عدد من
المسلحين انتهت بمقتل اثنين من أفراد العصابة و تم القبض على البقية ليتضح أنهم
أجانب.نفس السيناريو تكرّر في كل ربوع البلاد حيث قبضت قوات من الجيش
الوطني و بعض اللجان الشعبية على عضوين من الأمن الرئاسي محاولين الهروب عبر
المنافذ الحدودية
القصرين
إحدى أهم المناطق التي عانت من بطش القناصة بعد حادثة اقتحام السجن المدني و إطلاق
سراح كل المساجين الموجودين فيه لتتالى الأحداث و تسجل درجة الاستنفار القصوى من
جانب قوات الجيش داخل المدينة و خارجها بعد تواتر الحديث عن وصول سيارات غريبة إلى
الجهة في طريقها إلى الحدود الجزائرية تحمل مجموعات من أقارب الأمن الرئاسي
استعدادا للهرب منها عبر المعابر الحدودية التابعة للقصرين و خاصة حيدرة و صحراوي
و بوشبكة و الصخيرات.و في صباح 16 جانفي 2011 و في قلب مدينة القصرين سمع إطلاق
كثيف للرصاص بين قوات الجيش التي أطلقت الرصاص على شاحنة خفيفة رفضت التوقف طبقا
لقانون الطوارئ فثقب الرصاص عجلاتها الخلفية و أجبرت على التوقف ليلقي ضابط الجيش
على راكبيها و يتضح أنهم 3 أشخاص يحملون ضمن وثائقهم بطاقات مهنية تحمل صفة امن
رئاسي كما عثر في السيارة على
أسلحة متنوعة و خاصة مسدسات يستعملها النظام البائد
لتصفية أفراد الشعب لإخماد الثورة ووأدها.ميليشيات نظام المخلوع التي تمركزت على
أسطح البنايات وكانت تجوب الشوارع على متن سيارات مستأجرة لتطلق النار على المارة
و الضحايا من عامة الشعب و في خطوة لزعزعة الاستقرار و إشعال فتيل الفوضى و نشر الرعب و
الخوف و هو ما غذته عدّة وسائل إعلام محلية و في مقدمتها قناة حنبعل من خلال
ترويجها لإعلانات تبرز فيها الوضع المأساوي للبلاد و تفشي كل مظاهر الموت و الفوضى
في إستراتيجية مدروسة لخلخة الهدوء و رسم صورة قاتمة ووحشية للبلاد و هو ما يبعث
بدوره الرعب و التوجس من الخطر المحدق في النفوس
جلب القناصة تورط فيه أكثر من طرف فالنظام البائد الذي رأى في القناصة خير وسيلة للبقاء و الولايات المتحدة الأمريكية التي سعت لدعم تمركزها في تونس و الموساد الإسرائيلي و فرنسا خير راع لمصالح بن علي وتورط قطر حسب ما أكده السفير التونسي السابق لمنظمة اليونسكو المازري الحداد لإحدى وسائل الإعلام بان القناصة هم مرتزقة جاءت بهم قطرائيل حسب وصفه و أمريكا من أجل إحداث الفوضى و قلب النظام و مساعدة الإسلاميين لاحقا للمسك بزمام الأمور حسب تعبيره
أكثر من جهة تورطت في استخدام مجموعات الموت و إلى هذه
اللحظات لا احد يجرؤ على فضح المستور و وكشف المسكوت عنه حول خفايا جرائم تقتيل
التونسيين زمن الثورة لتلقى المسؤولية على الجيش في خطوة لضرب المؤسسة العسكرية
,العسكر الذي برهن على انه رجل الأزمات و حامي البلاد في
وضع حرج رفعت فيه حالة قانون الطوارئ إلى أعلى درجاته و هو ما يضع البلاد تحت
التصرف الكلي للجيش الذي كان ينفذ التعليمات و كان يطلق الرصاص على كل هدف يشتبه
فيه و حسب التحقيقات فان نوعية الذخيرة المستعملة في قتل الشهداء لا تتطابق مع
نوعية الذخيرة التي استعملها الجيش و المعروف أيضا أن القناص يتقن عملية التصويب
باستعمال أسلحة دقيقةو بعد الخضوع إلى جهاز خاص يشرف على تكوينهم و تدريبهم على
طرق القنص باستعمال أسلحة دقيقة لإصابة الهدف مباشرة برصاصة واحدة تصوّب مباشرة
للقلب آو الرأس أو العنق لتكون قاتلة أما جلّ الإصابات التي نفّذها الجيش فإنها
استهدفت أشخاصا لم يمتثلوا للأوامر و كانت الطلقات بصفة عشوائية و لم توجّه إلى
مواقع حساسة بهدف القتل على عكس القناصة الذين كان هدفهم الوحيد القتل
الحلقة المفقودة في ملف القناصة هي أن الجيش كان يلقي
القبض على القناصة رغم تواضع الإمكانيات المتاحة لرصد صناع الموت و يسلمهم لجهاز
الاستخبارات بالداخلية الذي يتولى مهمة استنطاقهم وهي من تتولى مهمة إطلاق سراحهم
بعد طمس الحقيقة أو تصفيتهم و دفنهم في أماكن مجهولة أو يصنفوا على أنهم شهداء و
الحريّ بالذكر أن العديد من المجرمين و قطاع الطرق قتلوا أيام الثورة و هم بصدد
القيام بعمليات سرقة و نهب و تخريب ومع ذلك دخلوا تحت مسمى شهيد فهل أن كل من لقي
حتفه حينها ينال لقب شهيد سيما و أن عديد المعطيات و الوقائع التي رافقت سقوط نظام
بن علي و ما رافقته من أعمال سلب و نهب و فوضى عارمة و تمييز العدو من الصديق كان
أمرا يسيرا بالنسبة إلى الجيش وأمام جهل شق واسع من المواطنين معنى انتشار القوات
المسلحة خارج الثكنات و دلالة تطبيق قانون الطوارئ باعتباره قانونا استثنائيا
وواجبا لحماية كيان الدولة
القناصة ملف حارق انتظرنا من حكومة الجبالي فتحه لكشف
المجرمين و فضح المتورطين غير أن تجاهل الحكومة المؤقتة و إهمالها للموضوع شرّع
للتساؤل هل أن حكومة ما بعد الثورة لها يد في استعمال القناصة بالتواطؤ مع دولة
الشيخة موزة لتسهيل اعتلاء الشيخ الغنوشى و أتباعه الحكم؟
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire