lundi 30 janvier 2012

هل تصبح الثورة التونسية مهزلة للتندر بعد أن كانت مفخرة الربيع العربي




في منتصف شهر ديسمبر من عام 1989 كان الديكتاتور الراحل رئيس رومانيا السابق" نيكولا شاوسيسكو" في زيارة إلى إيران عندما وصلته الأنباء عن حدوث احتجاجات ضخمة في مدينة
"تيميسور" التي تقع غرب البلاد فهاج وثار وجن جنونه واعتبر أن خروج هذه المظاهرات فيها 
تحدى صارخ لسلطاته ونفوذه.
وبدون تردد أو تفكير أعطى أوامره إلى كبار ضباط البوليس والأمن وبوليسه السري بإطلاق النار
على المتظاهرين ولكنهم رفضوا إطاعته وتنفيذ أوامره لأول مرة بعد طاعة عمياء له استمرت 21 سنة متواصلة فقام بقطع زيارته لإيران وعاد إلى بلده وأعطى شخصيا الأوامر لإطلاق الرصاص الحي على المتظاهرين الذين كانوا يملؤون الشوارع والميادين. وكانت النتيجة مئات القتلى وألوف الجرحى وزيادة حالة الغليان والهيجان في البلد وخروج مزيد من المظاهرات والاحتجاجات.
وفى يوم 21 ديسمبر رتب الديكتاتور ومساعديه لخروج أتباعه في مظاهرة ضخمة في اكبر ميادين العاصمة "بودابست" تأييدا له من اجل الإيحاء للعالم بان الأوضاع فى رومانيا طبيعية والأمن مستتب وتحت السيطرة.. وفى أثناء إلقاء شاوسيكو خطبته وبينما كان التلفزيون الروماني ينقل الأحداث على الهواء مباشرة - ظنا منهم أن الأمور سوف تسير حسبما خطط لها - بدا الناس يهتفون ضده بدلا من الهتاف له ومقاطعته وهو يتحدث فاضطر الحاكم لقطع خطبته والهروب من أمام الجماهير الغاضبة الثائرة.
وفى اليوم التالي كانت حالة الغليان والثورة وصلت ذروتها في كل أنحاء رومانيا حيث زحفت الألوف إلى مقر الرئاسة بالقصر الجمهوري غير مبالين ببنادق الجنود وتهديدات العسكر الذين كانوا لا يزالون موالين لرئيسهم الديكتاتور.. وهنا لم يجد شاوسيسكو شيئا آخر يستطيع عمله لوقف ثورة الغضب ضده سوى ترك قصره والهروب ومعه زوجته بطائرته الهيلوكوبتر إلى مكان آخر بعيد عن العاصمة ولكن تمكنوا من القبض عليه في نفس اليوم أو اليوم التالي.
وتمت محاكمته محاكمة عسكرية وتحت تغطية التلفزيون الوطني

ووجهت له هو وزوجته "ايلنا" تهم عديدة من بينها إعطاء الأوامر بقتل 60 ألف من المعارضين لنظامه وسرقه مقدرات البلد لنفسه. وفى يوم الكريسماس "نوال" 25 ديسمبر 1989 نفذ حكم الإعدام في الديكتاتور الروماني هو وزوجته رميا بالرصاص بطريقة تشبه الطريقة التي يتم بها إعدام الكلاب الضالة في شوارع أي بلد عربي!!!. وقد شاهد العالم كله على شاشات التلفزيونات عملية تنفيذ حكم الإعدام بإطلاق الرصاص.
بعدها تولى السلطة في الفترة الانتقالية  ايون ايليسكو "احد مساعدي الديكتاتور نيكولا شاوسيسكو" والذي بدا عهده بمدح الثور ة وامتداح الثوار  واحتفى بانجازات الثورة الرومانية ٬ وحدث المنعرج بعد انفلات امني رهيب خطط له ايليسكو للالتفاف على الثورة وللانقلاب على الثوار حيث بدأت مجموعات مأجورة بمهاجمة البيوت والسكان والمؤسسات العمومية والمنشات الحيوية وتم الاستنجاد بالجيش لاستعادة الأمن المفقود  وأصبحت رومانيا ساحة حرب مما تسبب في تغذية إحساس المواطنين بالهلع وانعدام الأمن وطبعا مع الانفلات الأمني التهبت الأسعار وازدهر التهريب وتوسعت السوق السوداء لتشمل المواد الأساسية المدعمة وأصبحت الحياة صعبة لا تطاق٬ في الوقت نفسه ساهم الإعلام الروماني في لعب دور مشبوه غذى الذعر ونشر الخوف عن طريق الشائعات الكاذبة المتوالية وفي نفس الوقت راح الإعلام المأجور في تشويه صورة الثوريين ونعتهم بالانقلابيين وأعداء الوطن والخونة والعملاء يقبضون أموالا من الخارج لتخريب البلاد خدمة لأجندة إقليمية قذرة ٬
وكان رد الثوار والثوريين تنظيم مظاهرة حاشدة للرد على مخطط ايليسكو ورفعوا شعار" لا تسرقوا الثورة" وكان رد ايليسكو إن وجه نداءات عبر التلفيزيون إلى المواطنين الشرفاء وطالبهم بضرورة التصدي للخونة والعملاء ولإنجاح مخططته الشيطاني قام بالتحالف مع عمال المناجم وأذن بتسليحهم للاعتداء على الثوريين فقتلوا منهم أعدادا كبيرة تحت غطاء حماية الثورة من الثوار.... وكانت طبعا نقطة النهاية لثورة رومانيا.
وبعد آن استتب الآمر لايون ايليسكو رشح هذا الأخير نفسه للرئاسة وفاز بالمنصب لدورتين متتاليتين في انتخابات مزورة.
وهكذا وبعد أن كانت الثورة الرومانية مفخرة العالم تحولت إلى مهزلة للتندر والسخرية...
وفي تونس تم تهريب المخلوع وزوجته وعدد كبير من افراد عائلته كما لعب محمد الغنوشي ومن بعده الباجي قايد العصابة دور ايليسكو  رومانيا لطمس الحقائق وللالتفاف على مبادئ الثورة من خلال زرع أعوانهم وعملائهم في كافة مفاصل السلطة وإعادة تلغيم المشهد السياسي والاجتماعي والاقتصادي وإعداده لانفجار قريب قد يأتي على الأخضر واليابس... هكذا خططوا بليل في دهاليز الانقلابيين والخونة.
وقد نكون نحن التونسيين على درب الرومانيين نسير.


Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire