mardi 31 janvier 2012

سنة أولى ثورة ... مصريو أوروبا: مطالب الثورة لم تتحقق والحراك مستمر





آراء متباينة حول المجلس والانتخابات والمخرج

25يناير الماضي، كان موعداً مع الاعتصام في ميدان التحرير وأيضاً موعدا لاعتصام المصريين في الخارج في الميادين العالمية الشهيرة، حيث خرج المصريون في ذلك اليوم من العام الماضي يجوبون الشوارع الأوروبية ويلتفون حول أبرز معالم المدن الكبرى، رافعين الشعارات التي رفعها نظراؤهم في ميدان التحرير . واليوم وبعد مرور عام على سنة أولى ثورة، بدأت الجاليات المصرية في عواصم غربية عدة بالتحرك وتجميع نفسها من أجل هذا اليوم، مرددين الشعارات التي رددوها السنة الماضية، فالأغلبية تظن أن عاماً مضى ولم تتحقق الأهداف، فالناس وإن ابتعدوا عن وطنهم مازالوا يتبعون أخباره، ليترسخ في عقولهم أن كلمات مثل العدالة الاجتماعية، الكرامة، الإصلاح، الديمقراطية، محاربة الفساد لم تتجاوز خلال عام سوى قيمة مفردات مبعثرة لم تتحول إلى جملة سلمية .
“الخليج” حاورت عدداً من النشطاء المصريين في الخارج لتقف معهم على أهم إنجازات الثورة في عامها الأول، ومواضع الاخفاقات، وتستمع إلى قراءتهم في عيد الثورة الأول .
أيمن عبدالوهاب ناشط مصري مقيم في إيطاليا، يعبر عن فخره بنجاح دعوة النشطاء المصريين للتظاهر في ذكرى عيد الشرطة الذي صادف يوم 25 يناير، حيث كان من أوائل الشباب الذين نشطوا على صفحات التواصل الاجتماعي انطلاقاً من عام ،2008 وقد استجاب لنداء الشباب الثائر فسافر إلى مصر قبيل اندلاع الثورة للمشاركة في الاعتصام . يتحدث عن تجربته قائلاً “بدأ حراك الشباب المصري على صفحات المواقع الاجتماعية في عام ،2008 من منطلق الرغبة في تغيير الوضع في مصر ورفع بعض من الظلم الواقع على الشعب، ومكافحة الفساد الذي استشرى في السنوات الأخير بما يعرف بزواج المال والسياسة، ثم تبلورت أفكارنا بعد أن أصبح التوريث حديثاً شبه رسمي، تبعته بعد ذلك التعديلات الدستورية وأخيراً التزوير غير المسبوق في العملية الانتخابية الأخير في عهد النظام السابق، ومع هذه المتغيرات رأينا جميعاً أن الوقفات الاحتجاجية في مصر بدأت في ازدياد، وكنا نحن على شبكات التواصل نتبادل الرأي حول كل ما يحدث، وخصوصاً على صعيد المصريين المقيمين في الخارج” .
وحول الترتيبات الأخيرة التي سبقت اندلاع الثورة يقول “كان هناك تنسيق بين الشباب قبل موعد اندلاع الثورة تقريبا، كان كل شخص فينا يدعو أبناء محافظته وأصدقاءه، ولم تكن هناك حركة معينة هي من دعت إلى ذلك، فالشباب على اختلاف توجهاتهم السياسية والدينية لبوا النداء وقرروا النزول إلى الميدان، ساعد على ذلك الإذلال المتواصل والجوع والفقر في كسب تعاطف الناس، فالحكومة كانت تتعمد أن يعيش الشعب على ذاك النحو ولم يكن الوضع عشوائياً بل مخطط له ليبقى المصري جائعاً فينشغل بقوت يومه وينسى حقوقه الأخرى” .
ويؤكد أيمن كلامه بذكر حادثة وقعت معه “عندما عصفت أزمة رغيف العيش الشهيرة، وتناقلتها وسائل الإعلام العالمية، عرض عليّ صديق إيطالي التكفل بإرسال شحنة بحرية من القمح مجاناً، وطلب مني ترتيب الإجراءات الرسمية فقط من أجل تسهيل شحنها إلى مصر .
قمت بالاتصال مع المسؤولين في مصر آنذاك، فطلبوا مني عدم التدخل في الأمر بدعوى أن هناك مستوردين محددين ولا يسمح لكائن بالتعدي على عملهم، وعندما حاولت شرح الأمر من باب التكافل مع أبناء وطني في الداخل رد علي بحزم أن ما قاله هو خط أحمر ويجب ألا أقترب من المسألة مرة أخرى” .
تركت هذه الحادثة أثرا في نفس أيمن، وجعلته متيقنا من أن النظام يتعامل مع شعبه تعامل المحسن الممن مع الفقير المعدم، ودفعه هذا الشعور إلى النزول إلى مصر قبيل الموعد الذي حدده الشباب على المواقع الاجتماعية، ولم يدر في خلده أن التظاهر سوف يكون بداية انهيار النظام . يقول “لم أتوقع أن تصبح مليونية، ولا أعتقد أن أحدا توقع ذلك، وكانت ردة فعل الأمن في التعامل مشجعة وحافزة للكثيرين إلى النزول والاعتصام، فلا يعقل أن ترد الجهات الرسمية على شباب اعتصم سلمياً بالقنابل والذخيرة الحية” . مضيفاً “شخصياً لم أتوقع أن يتنحى مبارك، ولكن عندما تنحى كنت ممن نادوا بعدم إخلاء الميدان قبل أن يحاكم محاكمة ثورية على رؤوس الأشهاد ومحاسبة جميع من تسببوا في إيصال مصر إلى هذه الحالة، ولكن للأسف كانت الأصوات المؤيدة لفض الاعتصام أكثر، فترك الناس الميدان وهذا خطأ مازلنا ندفع ثمنه حتى اليوم” .
ولا يوافق أيمن على مقولة إن الجيش وقف حيادياً، كاشفاً أن “هناك عدة أسباب تجعلني لا أؤيد هذه المقولة أهمها أنه بينما كنا في الميدان، حاول الجيش أن يدخل إلى الميدان لفض الاعتصام ولكننا ألقينا بأجسادنا تحت الدبابات وبين التروس لمنعها من التحرك . كذلك شهدنا انسحاب الجيش من أمام مداخل الميدان في موقعة الجمل ليترك المجال مفتوحاً أمام البلطجية للدخول” .
وحول ما تحقق من مطالب الثورة بعد مرور عام على اندلاعها، يقول “لقد ثرنا كي ننهي الفساد ومن ثم نبدأ عملية بناء الأمجاد، الفساد منظومة لا تتجزأ، وليس أن يتنحى شخص ويسلم مقاليد الحكم إلى أعوانه، لكن هذا لم يحدث، والأدلة كثيرة منها على سبيل الذكر أحكام البراءة التي نالها المسؤولون عن قتل الثوار، هزلية محكمة الرئيس السابق، الاستمرار في التعامل مع المعتصمين بالعقلية الأمنية نفسها، محاكمة الثوار محاكمات مدنية، وهذا كله يجعلني آسفاً أقول إن أبسط مطالب الثورة لم تتحقق، ولذلك يجب أن تستمر حتى تنفذ مطالبها، وأهم ما ينادي به الشباب الآن هو عودة المجلس إلى ثكناته، وتسليم السلطة لمجلس الشعب الذي تم انتخابه من الشعب في انتخابات شهد العالم بنزاهتها، وبالتالي هو الممثل الشرعي الوحيد في الوقت الحالي وهو من يحق له إدارة شؤون البلاد وليس المجلس العسكري” .
ينهي حديثه قائلاً “أناشد الجيش العودة إلى ثكناته حباً فيه وليس كما تردد بعض أصوات الثورة المضادة بالتشكيك في وطنيتنا، لأنه بالعودة إلى ثكناته يكون قد حفظ مكانته ومكانة جيش مصر التاريخية في قلوب المصريين، وساعد الشعب على أن يخطو أولى خطواته نحو الارتقاء والتقدم وإعادة مصر إلى مكانتها الحقيقية في الوطن العربي وبين الأمم المتقدمة” .
ثقافة الديمقراطية
رانيا حجازي، موظفة في أحد المتاجر الكبرى في مملكة موناكو وناشطة في شؤون الجالية المصرية في جنوبي فرنسا، تتفق مع مواطنها أيمن في مواضع وتختلف في أخرى، قائلة “بعد مرور عام على الثورة، هناك مطالب تحققت وهناك مطالب لم تحقق”، مضيفة “أرى أن الجيش دعم الثورة ووقف إلى جانبها، ويكفينا أن نرى ما حدث في ليبيا وما يحدث في سوريا الآن “مستدركة” هناك أخطاء وقع فيها المجلس العسكري ولكني أعتقد أنها لم تكن مقصودة ونجمت عن قلة خبرة رموز عسكرية في إدارة شؤون البلاد سياسياً” .
وتوضح رانيا أن الأمور وصلت في الفترة الأخيرة إلى عنق الزجاجة بسبب اختلاف الناس حول موعد ترجل المجلس العسكري عن المشهد السياسي في مصر “الجميع متفق على أن المجلس يجب أن يرحل ولكن الآراء تتباين على موعد الرحيل، فهناك من يصر على أن يغادر فورا وهناك من يرى أن يتم فترته المعلنة التي تمتد إلى منتصف العام الجاري” .
تضيف “أعتقد أن من الحكمة التريث حتى يتم المجلس مدته المحددة، ولا داعي للقلق فهو إن لم يلتزم بذلك سوف ينزل الشعب عن بكرة ابيه إلى الميدان ولن يقتصر التظاهر والاعتصام على الشباب الثائر فقط” . مؤكدة “أن الدعوات إلى اسقاط العسكر تخيف الناس، فالمصريون يقدرون جيشهم ويعتزون به، لهذا أعتقد أن من الصواب الانتظار حتى يغادر المجلس من تلقاء نفسه في الموعد المحدد، وعلى الثوار مراعاة أن هناك ملايين المصريين ذوي ثقافة سياسية متوسطة ولا ينظرون إلى الأمور من الزاوية التي ينظر منها الثائر ذو الخلفية السياسية العالية” .
وتشير رانيا إلى أحد إنجازات هذه الثورة وهو“الانتخابات الأخيرة، التي منح فيها الشعب المصري لأول مرة صوته لمن يعتقد أنه يستحق وليس كما جرت العادة للحزب الوطني الحاكم في عملية تزييف واضح، إضافة إلى منح المصريين في الخارج حق الاقتراع ونحن سعداء بهذا الحق مع التحفظ على طريقة الانتخاب بالبريد، إذ إن التبليغ عن فتح باب التصويت تم قبل ايام قليلة من بدء الانتخاب، في فترة لم تسمح للناس الذين يقيمون في مدن بعيدة عن مواقع السفارات والقنصليات بالسفر للتصويت أو حتى بإرسال اصواتهم ووصولها عبر البريد قبل انتهاء المواعيد المحددة للاقتراع، وهو الأمر الذي حرم الكثير من المصريين من التصويت واقتصر في أحيان كثيرة على من يقيم في المدينة التي توجد فيها البعثة الدبلوماسية، لهذا نرجو من المسؤولين عن الانتخابات أن يتم تفادي هذه الأخطاء خلال التصويت على الرئاسة المقبلة” .
وتنتقد رانيا الأداء الإعلامي المصري في التعليق على نتائج الانتخابات قائلة “من المتعارف عليه أن الحملات التي تسبق الانتخابات تكون شرسة بين الأحزاب ومناصريها، ولكن حالما يعلن فوز حزب ما في انتخابات يقر بنزاهة عمليتها، فالجميع يصمت احتراما لخيار أغلبية الشعب، وهو الشيء الذي لم يحدث في بلدنا، وكأن الناس تريد ديمقراطية ولكنها ترفض نتائج الديمقراطية حينما لا تتوافق وهواها، وهذا يدل على أن المشكلة في مصر ليست النظام فقط بل بعض النماذج من الشعب وأسلوبهم في التعامل بدكتاتورية، وهو الأمر الذي سوف يستغرق سنوات إلى أن نصل إلى مرحلة تقبل خيار الأغلبية واحترام ثقتهم التي وضعوها في الأحزاب الفائزة” . مضيفة “وكذلك الحال بالنسبة إلى مظاهر الفساد على اختلاف أوجهه، فالناس تحتاج إلى الكثير من الوقت حتى تتعود الإقلاع عن سلك أسلوب الرشى والمحسوبية والنفاق، وهذه هي مطالب الثورة على المدى البعيد ومن أجل ذلك قامت” .
وتتمنى حجازي في العام الثاني على الثورة أن تحقق مطالب الثورة كاملة، وأن يقدر من يحكم مصر تضحيات أبناء البلد “هناك من استشهد مضحياً بحياته من أجل الثورة، وهناك من فقد عيناً أو اثنتين، وعدم الالتفات إلى هذه التضحيات من قبل المسؤولين هو أمر يثير حفيظة الناس ويزعجها” .
قلق الدول الكبرى
أشرف موسى، رئيس الجمعية المصرية في سويسرا يستهل حديثه بالقول “الثورة تاريخياً تجب ما قبلها من قوانين وترسخ لشرعيتها الثورية، وعندما قامت الثورة المصرية كان أملنا كبيراً في أن يطبق مبدأ الثورة التاريخي، وأصبحنا فخورين بإسقاط النظام واحتفت بنا الشعوب الأوروبية” . مستدركاً“لكن مع مرور الأيام خفت الأمل وبدأنا نخاف على الثورة، وأصبحت تظهر شواهد على أن شيئاً ما يحدث في الخفاء، مثل المحاكمات الهزلية ومنع بثها علنا، ومن بعدها ما عرف بالمبادئ فوق الدستورية وتبعتها وثيقة السلمي، وليس آخرها ما شهده ميدان التحرير من سقوط شهداء وعشرات الجرحى . كل تلك الأحداث رسخت في عقول الناس فكرة أن هناك من لا يريد للثورة أن تتحقق” .
ويعتقد موسى أن أهمية مصر على الخريطة وثقلها في المنطقة المحيطة بها أحد أهم الأسباب التي حالت دون تنفيذ مطالب الثورة حتى اللحظة، “ليس خفيا أن ليس في مصلحة الدول العظمى وعلى رأسها أمريكا إلى جانب طفلها المدلل “إسرائيل” أن يحكم مصر رجال شرفاء، فهذه الدول لها مصالح في مصر والمنطقة، وهي تخاف على هذه المصالح، ولهذا هي تقف في نظري وراء محاولة خلق ثورة مضادة، يساعدها على ذلك بعض الأنظمة في الدول المجاورة التي لا تريد أن تنتقل عدوى الثورة إلى بلدانها” .
ويؤكد موسى الدعوة إلى استمرار الاعتصام حتى تكتمل الثورة، فيقول “نزل الناس في 25 يناير الماضي مطالبين بالعدالة الاجتماعية ومحاربة الفساد وإسقاط رموزه وإرساء حياة مدنية ديمقراطية تحترم المواطن وتعتبره مصدر التشريعات للسلطات الثلاث، ومن أجل ذلك افترش الناس الميادين، فسال دمهم، ورغم ذلك كله لم تتحقق مطالبهم” . وينتقد أشرف موسى الدعاوي المطالبة بالعفو عن رموز النظام السابق أو الخروج الآمن لمن تسبب في قتل الثوار، معتبراً أنها لا تستند إلى أي شرعية قانونية أو دينية . مضيفاً “في دولة جنوب إفريقيا أقيمت محاكمات علنية لجميع المتهمين، كشف خلالها عن الملابسات والانتهاكات ونال كل متهم ما يستحقه، وهذه تجربة حية علينا أن نأخذ بها .أما العفو والخروج الآمن فهو أمر مخالف للشرعية الدولية والمواثيق التي تنص على سواسية الجميع، إضافة إلى الدين الإسلامي الذي حدد موازين العقاب والمحاسبة، ناهيك عن أن أي عفو سوف يؤجج مشاعر الناس ويثير فوضى عارمة، فالشعب لن يقبل بعد أن زهقت أرواح وهتكت أعراض أن ينال المتسببون في الانتهاكات أي عفو” .
ويود موسى أن يتحقق في العام الجديد للثورة المصرية الهدف الذي يجتمع عليه المصريون جميعاً، وهو بناء مصر الغد “نحن نريد هدم النظام السابق، وكأي عملية هدم يعقبها بناء حديث، وهذا هو طلب المصريين في الداخل والخارج على السواء، نتمنى أن تكون بلادنا قوية وخاصة أن لديها المقومات التي تؤهلها لذلك . لدينا الطاقة البشرية والرغبة الجادة لدى شبابنا في البناء، لدينا المعادن والثروات الطبيعية، الموقع الجغرافي الممتاز، التاريخ الضارب في القدم، ولا ينقصنا شيء لتحقيق هذا التطلعات سوى أن تنفذ الشعارات التي رفعها الثوار المصريون في الميادين الداخلية والخارجية” .
التغيير قادم
الشيخ إبراهيم الدمرداش وهو ناشط إسلامي، ومندوب عن حزب الحرية والعدالة في النمسا، يبدأ حديثه عن أهم إنجازات وأبرز اخفاقات سنة أولى ثورة قائلاً: “أهم إنجاز حققته الثورة يتمثل في كسرها حاجر الخوف عند الشعب المصري والشعوب العربية، وهو الأمر الذي راهن عليه الكثيرون مستبعدين حدوثه، في ظل أنظمة تحكم الناس بالحديد والنار لترعبه” .
عن مدى الاخفاق أو عدم رضاه عما جرى في هذه السنة، قال “كان هناك تباطؤ المجلس العسكري في الاستجابة لمطالب المعتصمين، والسماح لوثائق أقرتها شخصيات لا تحظى بشعبية أن تقر مبادئ جاءت بها هذه الوثائق، وأمثلة أخرى جعلت البلاد تعيش حالة من الفلتان الأمني وأثارت حفيظة الشارع المصري”.
يضيف “كذلك أخطأ المجلس في التعامل مع أحداث ماسبيرو شارع محمد محمود الأخيرة، فهو السلطة الحاكمة الآن وأي خطأ يقع يكون ضمن مسؤولياته” مستدركاً “لكن لا شك أنهم وقفوا إلى جانب الثورة وهذا أمر لا يمكن إنكاره، وقد تعهدوا بتسليم السلطة في الموعد المحدد، لذلك علينا أن ننتظر إلى أن يحين الموعد” .
وانتقد الدمرداش سياسة الكيل بمكيالين التي اتبعتها بعض الأحزاب قبل العملية الانتخابية وبعدها، قائلاً “لطالما تشدقت أحزاب منادية بحرية الرأي ومبادئ الديمقراطية وخيار الشعب، ولكنها هي نفسها لم تحترم ما فتئت أن تدعو إليه، فشاهدنا عقب اعلان النتائج رفضها وتشكيكها في النتائج وفي شكل النظام مستقبلاً” .
وبوصفه مواطناً مصرياً في الغربة يتابع أحداث بلاده عبر القنوات الإعلامية يقول “حقيقة إن تعامل الإعلام مع الجمهور المتلقي بالأداء نفسه ما قبل الثورة أمر مثير للاستياء، وبين هؤلاء الإعلاميين أشخاص في مناصب عليا لديهم تاريخ غير مشرف للشعب المصري، وأستغرب أن هؤلاء الناس لا يريدون أن يتغيروا حتى بعد الثورة أو حتى إبداء بعض مظاهر التغيير المتمثل في التعامل مع المواطن بوصفه شخصاً ذكياً ويفكر وليس متلقناً وحسب” . وينهي الدمرداش حديثه بتأكيد قناعته بأن التغيير قادم قائلاً: “طالما الشعب بدأ في التغيير فسوف يتغير الحال، ودماء الشهداء لن تذهب سدى، وإن شاء الله مصر سوف تعود إلى مكانتها العربية والإسلامية” .
الثورة أحيت المصريين
عزة زكي، سيدة أعمال في بريطانيا وناشطة بارزة في أوساط الجالية تشرح حالة مصر قبل الثورة وبعدها من وجهة نظرها بوصفها مغتربة قائلة “كنا نخجل أمام الناس أن نقول إننا مصريون، فالنظام السابق جعلنا نخجل من كوننا مصريين في الخارج، جعلنا نخجل من سياسته في تهجير الشباب المصري، نخجل من إسهامه في حصار غزة ومن التودد لأعداء الأمة العربية والإسلامية” .
تضيف “هناك مئات القصص من معاناة الشباب المصري في الخارج التي يدمى لها القلب، والنظام السابق كان المسؤول الأول والوحيد عن هذه المعاناة، هذا النظام الفاسد الذي طرد أبناء بلده من بلدهم، أكل بعضهم ورق الشجر جوعاً، النظام السابق لم يفسد الحياة السياسية والاقتصادية فقط، بل تعداها إلى إفساد الحياة الأخلاقية للمصريين، فأصبح الإنسان لا يهمه إلا نفسه وقوت يومه .
أما بعد الثورة فلا أبالغ إن قلت إن الروح ردت إلينا، شعرنا بأننا أحياء من جديد، أصبحنا بوصفنا جالية أقرب بعضنا إلى بعض، وبدأنا نفتخر كوننا مصريين وافتخر بنا الناس هنا” .
وعن الأيام الأولى من الثورة تقول “شخصياً لم أتقبل حيادية الجيش، كيف يكون حيادياً فيساوي بين الجلاد والضحية، كيف يكون حيادياً بين أناس مسالمين وقوات أمن مدججة بالأسلحة، ثم تعالت الأصوات التي تؤيد تولي المجلس العسكري زمام الأمور، ولكني كنت أرفض من البداية هذا الإجراء وشعرت بأنه قرار ليس سليماً، ولكن الأغلبية كانت مؤيدة له، فالتزمنا الصمت، وها نحن اليوم ندفع ثمن بقاء المجلس، فالنظام لم يحاكم وأعداد الشهداء في تزايد ورموز الإعلام التي كانت محسوبة على النظام مازالت تطل علينا عبر شاشات التلفزة والصحف”. وتشير عزة إلى أن حملة التشكيك في وطنية من يطالب المجلس بترك السلطة كونه يمثل جيش مصر حملة مردود عليها، قائلة “نحن نفرق بين المجلس والجيش، الجيش فيه من كل أطياف الشعب، فيه أبناؤنا وإخواننا، ونحن عندما نطالب المجلس بالعودة إلى ثكناته فإننا نطلب من 19 شخصاً كانوا ضمن رموز النظام السابق، فلا يعقل أن نسقط فرعون ليظهر لنا فراعنة آخرون” .
وتعتقد عزة زكي أن أقنعة كثيرة سقطت في هذه الثورة “هناك بعض الشخصيات الحزبية التي لهثت وراء السلطة ولم تستمع إلى مطالب الثوار، كذلك بعض الأصوات ذات المرجعية الإسلامية التي كانت تشكك في الاعتصامات، وكانت الطامة حين حاولوا نزع ثوب العفة عن الفتيات المعتصمات وقذف بعضهن” .
وتؤكد السيدة عزة أنه “رغم سردي للأحداث فإنني متفائلة بالثورة، والثورة مستمرة إلى أن تحقق مطالبها ولو طالت” . منهية حديثها “لو نجحت الثورة المصرية والثورات العربية أيضاً فسوف يكون ذلك بداية نهوض وطن عربي واحد ينتهي به الطريق إلى تحرير فلسطين” .

بقلم أيمن أبوعبيد


Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire