ساعات قليلة تفصلنا عن شهر الصيام
والقيام أعاده الله على الشعب التونسي بالخير واليمن والبركات ... ساعات قليلة
وستجد التونسيين في حالة من الوجد لا يستبينون فيها مشاعرهم أيفرحون بمقدم هذا
الشهر الذي تكثر بركاته ويستجاب فيه الدعاء أم يحزنون لغلاء الاسعار التي ارتوى
بجحيمها التونسي واكتوى ..ساعات قليلة وستجد أكثر العائلات التونسية تغدو وتروح
بين الأسواق لتعود بيد فارغة وقفّة لا شيء فيها ..ساعات قليلة وترى أرباب العائلات
سكارى وما هم بسكارى ولكن عذاب الأسعار شديد...
ساعات قليلة وستلحظ الصائمين
تائهين بالليل والنهار حائرين ساعة
الإفطار وساعة السحور.. فلا نقودهم
المعدودات تكفي لتأثيث مادة متواضعة تخفف شدة الجوع والعطش ولا وعود الحكومات
الخاطئة الكاذبة تحدّ من ارتفاع الأسعار الجنوني وتضرب على يد المهربين والمحتكرين.
فمنذ ثورة 14 جانفي 2011 تغيرت
الحكومات وتبدلت السياسات وتحولت الأمنيات وظل السؤال الجوهري الذي يؤرق
العائلات التونسية كلّما هلّ هلال رمضان :
كيف سأدبر حالي ليقتات عيالي ؟ بل لعل وقع
هذا السؤال يكون أشد وأنكى من سنة إلى أخرى ..ففي رمضان هذه السنة ( 2014) لن يبحث التونسي عن اللحم والشحم فقد أصبحت اللحوم الحمراء في ثقافته نسيا منسيا بعد أن تضاعف سعرها وبلغ
عتبة الثلاثين دينارا ولن يبحث أيضا عن السمك المربى الذي أصبح على أيامنا هذه
غاية عزيزة المنال تطلب فلا تدرك ولن يبحث ولن يبحث ...
بل حتى في اكتفائه بما هو
ضروري كالبقل والقثاء والفوم والعدس
والبصل سيلاقي التونسي من أمره عنتا فعلبة
التونة التي كان لا يتعدى سعرها دينارا سنة 2010 بلغ اليوم 4 دينارات فإذا اضفنا إلى ذلك كلاء غلاء أسعار البيض قلنا
الاسر التونسية لن تردد في شهر رمضان الأبيات
الجميلة التي تعكس الفرح والحبور ساعة الطهي ونقصد بذلك ما قاله الشاعر بشار بن
برد :
ربابة ربة البيت*** تصب الخل في الزيت
لها سبع
دجاجاتٍ*** وديكاً حسن الصوت
وفي الوقت الذي سيجد التونسي على مائدته ما يجده الأيتام على مأدبة اللئام
ستنصرف الأحزاب إلى حملاتها الانتخابية وستؤثث موائد يأكلون منها رغدا ، موائد لا
يصبرون فيها على طعام واحد ، موائد يستبدل فيها الذي هو خير بالذي هو أدنى تستوى
في ذلك الأحزاب المتاجرة بالدين والمتاجرة بالعلمانية ، فكل حزب بما لديه فرحون .
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire