بعد أن تمكنت السياحة التونسية من تحقيق
نتائج ايجابية ومؤشرات مطمئنة تقترب من المؤشرات العامة المسجلة سنة 2010 رغم ما
تمر به تونس من وضع استثنائي وما تمر به دول الجوار الأوروبي من أزمات.فمثلا بلغ
عدد السياح عدد السياح الوافدين في منتصف السنة الجارية أكثر من مليونين و500 ألف
سائح أي بزيادة تقدر بـ 41 بالمائة مقارنة بالموسم الماضي وأن المداخيل من العملة
الصعبة قدرت بـ 1150 مليون دينار ... حيث شهدت أسواق غير
تقليدية طفرة قياسية مثل السوق الروسيّة والسوق البولونيّة اللذان وقع تدعيمهما
ليرتفع بذلك عدد السياح الروس بنسبة 242.3% مقارنة بـ2011 وبـ48.1% مقارنة بـ2010
......أما عن الثلاثي الثالث للسنة الحالية فقد بدا الحديث عن أرقام قياسية مسجلة
غير مسبوقة خصوصا وان الحجوزات فاقت كل التقديرات والتوقعات ليصل الأمر أن عديد التونسيين
والجزائريين والليبيين لم يفلحوا في الحصول على أية غرفة في أي نزل ولو بعيدا عن
البحر .....هذا النجاح المنقطع النظير والذي سيوفر لخزينة الدولة أكثر من 3000
مليون دينار من العملة الصعبة جاء الإجراءات الأمنية الاستثنائية التي اتخذتها
وزارة الداخلية حول وداخل جل المدن السياحية إضافة إلى الاستراتيجيا الذكية التي
اعتمدها الياس الفخفاخ وزير السياحة من خلال تحركات آخر لحظة نحو وكالات الأسفار
العالمية لجلب أصناف من السياح الأجانب من ذوي الدخل الأدنى والمتوسط مع منحهم
تخفيضات تراوحت بين 30 و40 بالمائة ... سياسة ناجحة أتت أكلها بسرعة دون مصاريف إشهار
أو أي تبذير... فالمهم كان إنقاذ ما يمكن إنقاذه وإبعاد شبح الغلق والإفلاس عن
الوحدات الفندقية وما يتبعه من إحالة مئات الآلاف من عمال النزل إلى الشارع خصوصا
وان موسم الحجوزات انتهى يوم 15 مارس 2012 دون تسجيل أي نتيجة ايجابية ...
هذه الطفرة المسجلة على مستوى ارتفاع عدد
السياح وعدد الليالي المقضاة والمداخيل المسجلة من العملة الصعبة قابلته ظاهرة
غريبة تسجل لاول مرة في تاريخ تونس الحديث ... لقد سجلت خزينة الدولة تدني مريب
لمداخيل المعاليم الديوانية والاداءات المستوجبة للفترة الممتدة من 01 جانفي 2012 إلى
06 سبتمبر 2012... المشكلة أن قباضة الديوانة لم تستخلص أي مليم متأت من عمليات
تسريح المشروبات الكحولية أو الروحية (ويسكي – فودكا – جب.بي - ...)...
خلال السنة الفارطة تم توريد ما قيمته 1.5
مليون اورو من المشروبات الكحولية المعلوم ان السوق التونسية للمشروبات الكحولية
تتزود بقرابة 10% عبر مسالك التزود القانونية والبقية أي 90% عبر مسالك التهريب
وهو ما كان يحرم زمن الرئيس المخلوع خزينة الدولة من 270 مليون دينار كانت تذهب
مناصفة بين بارونات التهريب وأصحاب النزل والمطاعم والمراقص والملاهي .....
فهل يعني هذا أن تونس لم تسجل توريد أية
قنينة ويسكي أو فودكا عبر المسالك الرسمية العادية خلال الفترة الممتدة من أول
السنة إلى تاريخ الساعة !!!
وهل يعني هذا أن السياح الوافدين عن تونس
قد صاموا هذه السنة عن شرب الويسكي والفودكا وعوضوهما بمشروب الفواكه المشكلة !!!
قبل الثورة كان عماد الطرابلسي يتزعم مافيا
تهريب الكحول عبر المداخل البحرية تاركا المداخل البرية التونسية – الجزائرية لبقية
المافيا المتغولة والمسيطرة على الأوضاع ... حيث عمد العمدة إلى إلغاء عملية الختم
القمروقي الإجباري لكل قوارير الويسكي والفودكا حتى يسهل تضليل فرق المراقبة الأمنية
والديوانية ...حينها كان الحرفاء يتزودون بجزء لا يتعدى ال10% عبر المسالك
القانونية لتغطية بقية شراءاتهم الممنوعة والمحجرة والمشبوهة.....
بعد الثورة قبر عماد الطرابلسي في السجن وتواصل
إلغاء الختم الإجباري للقوارير الموردة بل وصل الأمر إلى حد تعطيل عمليات توريد
هذا النوع من المشروبات حيث لم تسجل البلاد أية عملية توريد منذ 3 أرباع السنة
وحيث عادت فلول مافيا تهريب المشروبات الكحولية إلى النشاط بقوة في تحد مفضوح
لهيبة الدولة ولتصل بالتالي مداخيل قباضة الديوانة من عمليات تسريح المشروبات
الروحية إلى صفر من المليمات انطلاقا من 01 ديسمبر 2011 إلى تاريخ اليوم....
وحيث نجحت عصابات التهريب الدولية إغراق تونس بعد الثورة بمختلف الأنواع من
المشروبات الكحولية وبجميع أنواع التبغ والسائر والسيقار والمعسل وشتى البضائع
الممنوعة والمحجرة الأخرى مستغلة الظروف الاستثنائية التي عاشتها البلاد وهشاشة المنظومة الديوانية المعتمدة إضافة إلى
تواطؤ بعض إطارات الديوانة لتسهيل أعمال ونشاط المهربين "حاميها حراميها"
.... لذلك لا ينفك البعض في وصف الأمر بـ
"دولة الفودكا وجمهورية المالربورو "....
لنأخذ مثلا المعدل الاسيتهلاكي اليومي من قوارير
الويسكي والفودكا لمرقص الكاليبسو بالحمامات لصاحبه سليم علولو والذي يتعدى 350 قارورة يوميا على مدار السنة
... استهلاك يفوق 127 ألف قنينة أو قارورة ... رجل الإهمال سليم علولو والذي يعتبر
مشارك في جرائم التهريب يقتني القارورة الواحدة ب20 دينار ويقدمها لحرفائه بسعر لا
يقل عن 300 دينار وبعملية حسابية بسيطة نخلص إلى المداخيل الخيالية المتأتية من
المشروبات الروحية المهربة التي يسجلها سنويا صاحب ملهى ومرقص الكاليبسو والتي تصل
إلى 36 مليار دون أن يدفع منهم أي مليم لقباضة الديوانة .....ومثله كثر من مطعم بومودورو بياسمين الحمامات ومطعم ليجاند بسوسة و...... أما عن الفنادق والنزل والمطاعم
والكافيشانطات فحدث ولا حرج......
مافيا التهريب تنشط والديوانة في سبات عميق وكذلك
الفرق الامنية المختصة إذ لم نعد نسمع عن حجز لكميات من الويسكي المهرب بل كل ما
نسمعه لا يتجاوز حجز عدد من قوارير الجعة والخمر "مايد ان تونيزيا" دون
سواهما وهو ما يؤكد تغول مافيا تهريب المشروبات الكحولية وتنفذها داخل إدارة بعد
الثورة لتحصل على حصانة غير مستحقة أبعدتها عن المداهمات والشبهات والتتبعات .....
بعض خبراء الميدان يقدرون قيمة خسائر قباضة
الديوانة من المعاليم غير المستخلصة للمشروبات الكحولية للسنة الحالية بقرابة 550
مليون دينار ....
هناك من لامني على عدم التطرق للحلول العاجلة
لغالبية الملفات التي افتحها أو اكشفها وبالمناسبة سأطرح حزمة من الحلول لمعالجة
الوضع الكارثي الذي تعيشه قباضة الديوانة وخزينة الدولة :
1- إعادة العمل بالختم القمروقي على قوارير
المشروبات الروحية الموردة عبر المسالك الشرعية .
2- إقرار
تخفيضات على التسعيرة الديوانية المعتمدة إلى حدود النصف خصوصا وانه كلما ارتفعت
التسعيرة الديوانية كلما قلت المداخيل ونشط التهريب.
3- تنفيذ زيارات تفقد ومداهمات لمحلات بيع
المشروبات المذكورة وللنزل وللفنادق وللمطاعم وللملاهي وللمراقص وتخطئة المخالفين
طبقا لفصول مجلة الديوانة.
4- قطع
دابر المهربين من خلال التضييق عليهم في المداخل البحرية والبرية إضافة إلى تكليف
فرق مشتركة من الديوانة والجيش والأمن لمراقبة مداخل المدن الكبرى ومسالك التهريب
.
5- الابتعاد عن اعتماد التعقيدات الإدارية مع الموردين
المرخص لهم.
الديوانة زمن الثورة والحرية والكرامة والعدالة
تحولت إلى شريك فاعل لأباطرة وعصابات التهريب رغم العمليات التطهيرية المعلن عنها
في قوائم أنجزت على عجل لإسكات الرأي العام من قائمة ال18 لشهر فيفري من سنة 2011 إلى
قائمة ال21 لشهر جوان من سنة 2012 إلى القوائم التي قد تليها ...أفلام على الطريقة الهوليودية صاحبتها هالة إعلامية غير
مسبوقة....
فرغم أجهزة السكانار المتطورة الثلاث المنصوبة
بميناء رادس التجاري مثلا فان بعض التقديرات تشير أن انه تعبر يوميا قرابة 30 ألف
قنينة ويسكي أو فودكا داخل حاويات مغلقة تسرح باستعمال وثائق شحن مدلسة وبيانات
بضاعة مغلوطة... فبضاعة الويسكي تصبح ملابس مستعملة أو قطع غيار جديدة أو أغراض
شخصية أو أثاث منزلي أو تجهيزات صناعية أو أنها تغادر باستغلال منظومة العبور أو
الترانزيت......
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire