samedi 14 décembre 2013

الإرهاب والتهريب وجهان لعملة واحدة : تجارة الممنوعات في خدمة صناعة الموت




باتت تونس بعد الثورة مستنقعا للإرهابوالتهريب وذلك راجع بالأساس الى التفكك الذي حصل على مستوى السلطة السياسية وانهيار النظام السياسي  الامني بامتياز كان يضرب بالحديد والنار رغم مدى استشراء الفساد فيه لأنه لا يمكن الفصل أبدا بين الديكتاتورية والسياسات الامنية الحازمة والصارمة والقوية ولانه كنا قد بينا على صفحات الثورة نيوز في أكثر من مناسبة مدى استفحال ظاهرتي الإرهاب والترهيب وأسبابها ونتائجها الوخيمة على كل عنصر من عناصر الدولة وعلى كل ركن من أركانهاإلاأننا سنسعى خلال هذا المقال ونظرا لخطورة هاتين الظاهرتين إلى تبيان العلاقة الوطيدة  منذ التكوين مرورا بالنشأة وصولا إلى التوحش .


لئن كان التهريب جريمة ذات وجود اقدم من الارهاب في تونس وتعود الى اعمال العائلة المالكة في اطار الجريمة المنظمة وقد تعود بها المواطن التونسي منذ نشأة نظام بن علي الفاسد  إلاأنالإرهاب ظاهرة جديدة على المجتمع لكن ذلك لا يعني ان الظاهرتين تربط بينهما علاقة متلازمة تتمثل في علاقة السبب بالنتيجة إذ لايمكن في الوقت الراهن في ظل ما اصبحت تعيشه البلاد ان نتحدث عن ظاهرة دون الحديث عن اخرى و قد ثبت ذلك من خلال عديد التقارير والدراسات القديمة منها والحديثة على المستوى المحلي او الاقليمي وحتى العالمي ...


تلك التقارير قد تضمنت آراء خبراء امنيين لا يستهان بهم اكدت مدى التلازم الوثيق بين جريمتي الإرهاب والتهريب أوبالأحرى بين العصابات الإرهابيةوبارونات التهريب فكل واحد يزود الآخر بما يحتاجه للوصول إلىالأهداف القائمة بالأساس على المصالح المادية او السياسية وفي تونس ظهر بالكاشف حجم التعاون والتعامل بين شبكات التهريب المنتشرة عبر حدودنا الجنوبية وحدودنا الغربية وبين الخلايا الإرهابية التي يتحصّن بعضها بالجبال في انتظار الفرصة المناسبة لتسديد ضرباته وبين بارونات التهريب التي تتخذ  من الحدود معبرا للاتجار في كل شيء بدءا بالمواد الأساسية وصولا الى الخراطيش والأسلحة بمختلف أنواعها


الجماعات الإرهابية تتغذى من التهريب

وتؤكد تقارير الأمم المتحدة إن بعض المجموعات الإرهابية التي تنشط في الصحراء والساحل لها صلات مع شبكات تهريب المخدرات حيث تقوم بتأمين مسالك لها مقابل تلقيأموال طائلة فمثلا يطلق على زعيم تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي في الصحراء مختار بلمختار لقب "السيد مارلبورو" لكونه أحد أكبر أباطرة تجارة وتهريب سجائر المارلبورو من مالي والنيجر إلى الجزائر وصولا إلى ليبيا وتونس كما أكدت في هذا الإطار مجموعة الـ8 بأن هذه المتاجرة قد سمحت أيضا لهذه الجماعات بجني أموال طائلة سمحت لها بتعزيز تواجدها في هذه المنطقة وتحسين قدرتها العسكرية وتكثيف حركتها وقامت كذلك بتوسيع أنشطتها في المنطقة "لتشمل كذلك تهريب السيارات والأسلحة والأشخاص وفي هذا الصدد أكدالمدير العام للمركز الإفريقي للدراسات والبحث حول الإرهاب ان هناك صلة بين الإرهاب والتهريب بكافة أنواعه كتهريب الأسلحة والابتزاز وخاصة تهريب المخدرات الصلبة من أمريكا اللاتينيةفالعلاقة بين الإرهابيين ومهربي المخدرات مؤكدةفمهربو الكوكايين ينقلون الكوكايين بحماية المجموعات الإرهابيةالمسلحة التي تنال نصيبها من الأرباحوالجدير بالذكر أن هناك عديد نقاط الالتقاء بين الإرهابيين والمهربين حتى على المستوى الجغرافي فنجد مثلا أن الولايات التي يتركز فيها الإرهاب هي الولايات الحدودية مع ليبيا والجزائر أين ينشط المهربون بكثرة كالقصرين ومدنين هذا ويذكر أن تنامي التهريب بتلك الجهات والذي لم يعد يقتصر فقط على السلع العادية وأصبح يشمل المخدرات والأسلحة راجع بالأساسإلى ضعف الجهاز الأمنيالذي عانى ولا يزال يعاني إلىالآن من محاولات تسييسه من طرف أحزاب الترويكا التي كادت بدورها أن تؤدي إلى تفكيكه لولا الأطراف الوطنية المتعقلة فيهإذ ما أزم الوضع وزاد من سطوة عصابات التهريب هو التعيينات المشبوهة في سلك الأمن والتي تعتمد الولاءات وليس الكفاءات والتي تتساهل مع شبكات التهريب في معابر التهريب الخطيرة التي تمتد على كافة حدودنا الجنوبية وعلى الشريط الحدودي والتي تعتبر أسخن نقطة فيه ولاية القصرين...


وأما الجهاز الديواني فحدث ولا حرج حيث عانى منذ الثورة من انعدام الاستقرار على مستوى إدارته العامة وكذلك من قلة العتاد وانعدام ظروف العمل الملائمة بالنسبة للأعوان ماديا ومعنويا بالإضافة الى مواصلة الحفاظ على أطراف فاسدة لا تزال متنفذة في الديوانة تعمل لصالح بارونات التهريب لا يهمها سوى العمولات التي تتقاضاها منها بغض النظر عما يقع إدخالهإلى التراب التونسي ومدى خطورته على البلاد والعباد أضفإلى ذلك منظومة قانونية مهترئة تشرع للتهريب وللجريمة المنظمة ...


تجفيف منابع الإرهاب تبدأ بالتصدي للتهريب

ان مقاومة الظاهرة الإرهابية تقتضي أساسا تجفيف المنابع المالية لهذه التنظيمات الارهابية وأبرزها قطع دابر آفة التهريب التي تفتك بالاقتصاد الوطني وفي نفس الوقت تقدّم الدعم اللوجيستي للتنظيمات الإرهابيةوتكثيف المراقبة الحدودية و التتبع الأمني والقضائي للعائدات المالية لهذه التنظيمات وذلك يتطلّب حسب احد الخبراء الأمنيين البارزين في تونس خطة أمنية وطنية تقوم على إحداث خلايا مركزية وجهوية من مختلف الوحدات الأمنية والعسكرية لتعقّب المهربين وملاحقتهم ولكن في المقابل ينبغي أن يكون هناك قرار سياسي حازم يسمح بإيجاد مواطن شغل بديلة عن التهريب لآلاف الشباب الذين اضطرّوا للعمل في التهريب لأن الآفاق انسدت في وجوههم..وبالنسبة للإرهاب يجب أن يتجنّد كل الشعب التونسي لمقاومته وصدّه ولا أن تقتصر مقاومته على السلك الأمني والعسكري ،كما يجب أن تكفّ بعض السلط الجهوية والمحلية عن توفير الحماية لشبكات التهريب ...


 كما أنالتعاون الإقليمي والدولي مطلوب في هذا الإطار ويتمثل أساسا في رصد وتجميد الأموال المتأتية للجماعات من هذه الأنشطة المشبوهة وتفعيل الاتفاقيات المغاربية والدولية في هذا المجال و كل هذه الإجراءات تفترض إرادة سياسية وقرارا واضحا من طرف دول شمال إفريقيا التي يتخبّط بعضها في مشاكل سياسية داخلية ويمر البعض الأخر بمرحلة عدم استقرار خطيرة...



وفي آخر المطاف نستخلص أنالإرهاب والتهريب وجهان لعملة واحدة تنبع من خيانة الوطن والسعي نحو تدميره اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا في سبيل المصالح الربحية الضيقة اذ لا فرق بين الإرهابيوالمهرب لذلك وجب التصدي للمهربين بكل حزم بتشديد العقوبات الجزائية عليهم وإعطاء النيابة العمومية كل الصلاحيات لتتبعهم  مع إلغاء الفصول 317 و318 و319 بمجلة الديوانة التي تعطي صلاحيات إثارة الدعوى العمومية في جرائم التهريب إلى المصالح الديوانية وحدها مما يفتح الأبواب أمام أطراف فاسدة في الجهاز الديواني لتتلاعب   بالمحاضر الديوانية كما تشاء  وفقا لمصالحها ومصالح بارونات التهريب الذين لا يتكلمون الا بلغة الرشوة ...



Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire