mercredi 14 décembre 2016

سؤال في انتظار الجواب : لماذا يصر زياد العذاري على شلّ المجلس الوطني للخدمات ؟




تم بعث المجلس الوطني للخدمات منذ سنة 2006 بمبادرة من اصحاب المهن التي تنادي بالتأهيل بالنظر للمعايير الاروبية قبل تحرير قطاع الخدمات وذلك قصد وضع حد لحالة التهميش المتعمد التي تعيشها مهن الخدمات وبالأخص ذات الطابع الفكري على الرغم من ان قطاع الخدمات يعد استراتيجيا بالنظر لضعف القدرات التنافسية للقطاع الصناعي الذي تم تخريبه في اطار اتفاق الشراكة مع الاتحاد الاوروبي بواسطة التوريد الوحشي والأعمال المخلة بقواعد المنافسة وأسعار الاغراق دون حسيب او رقيب. 
ان قطاع الخدمات يمكنه توفير عشرات ألاف مواطن شغل لحاملي الشهادات العليا. تتمثل المهام الرئيسية للمجلس في إبداء الرأي في المواضيع ذات الطابع الهيكلي والظرفي المعروضة عليه ورصد واقع قطاع الخدمات واستشراف التطورات داخليا وخارجيا واقتراح الإصلاحات والإجراءات الكفيلة بتطوير أداء قطاع الخدمات بمختلف فروعه بما يضمن مواكبة المتغيرات الاقتصادية والاستجابة للمعايير العالمية المتفق عليها في كل مهنة والمساهمة في إعداد توجهات السياسة الوطنية في مجال تحرير وتصدير الخدمات والمساهمة في إرساء شبكة معطيات شاملة ودقيقة يتم إستغلالها في إعداد تقارير إحصائية حول أنشطة قطاع الخدمات وتنسيق برامج مختلف الهياكل الساهرة على القطاع. خلافا لما يصرح به وزراء التجارة الذين تراسوا المجلس، فان المجلس لم ينتج شيئا الى حد الان دون الحديث عن المليارات التي اهدرت في اطار الدراسات التافهة والضحلة قبل التفاوض والتحرير وتكريس مبدا المعاملة بالمثل من خلال تصاريح بالاستثمار مغشوشة يتم ايداعها بوكالة النهوض بالصناعة والتجديد نتيجة لاستشراء الفساد. ايضا تمت المحافظة على التركيبة البنفسجية للمجلس التي ضمت ممثلا عن وزارة العدل في غياب ممثل عن المهن القانونية على سبيل المثال لا الحصر، ناهيك ان اغلب مهن الخدمات غير ممثلة صلب ذاك المجلس المشلول من قبل رئيسه الذي هو وزير التجارة.
الاتعس من ذلك ان وزارة التجارة وجهت رسالة بتاريخ 22 جويلية 2014 لبعض المنظمات المهنية دون غيرها بعنوان تشريكها واخذ رأيها بصفة صورية بخصوص "اتفاق التبادل الحر الشامل والمعمق" الذي يرمي الى تحرير المنتوجات الفلاحية والخدمات علما ان نفس الوزارة لم تنجز المهمة الملقاة على عاتقها وعاتق بقية الوزارات الممثلة صلب المجلس والمتمثلة اساسا في تاهيل قطاع الخدمات مثلما تمت الاشارة اليه بالامر عدد 417 لسنة 2009 المتعلق بالمجلس الوطني للخدمات المرؤوس من قبل وزير التجارة والذي لم ينتج شيئا منذ احداثه خلال سنة 2006 دون محاسبة او مساءلة. نفس الوزارة لم تتطرق الى مسالة تاهيل قطاع الفلاحة بالنظر للمعايير الاروبية رغم خطورة المسالة في ذاك المجال المدمر اليوم ولم تعمل على ملاءمة تشريعنا مع التشريع الاروبي وبالاخص التوصية الاروبية المتعلقة بالخدمات المؤرخة في 12 ديسمبر 2006 مثلما ورد ذلك بالفصل 52 من اتفاق الشراكة وكذلك ببروتوكول سياسة الجوار الاروبية.
. الملفت للنظر ان الرسالة الموجهة للمنظمات المهنية تضمنت جملة من الاكاذيب من قبيل تشريك المجتمع المدني في الاجتماع المشبوه الذي انتظم يوم 18 جوان 2014 علما ان اغلب المهنيين والشعب التونسي لا علم لهم باتفاق الشراكة الذي لم تتوفر نسخة منه بالعربية وسياسة الجوار الاروبية وفحوى المفاوضات الجارية منذ سنة 1995 مع الاتحاد الاروبي 
ان تاهيل قطاع الخدمات يبقى الخطوة الأولى المركزية التي يجب القيام بها قبل التفاوض بخصوص اتفاق التبادل الحر الشامل والمعمق الذي يرمي الى تحرير المنتوجات الفلاحية والخدمات حتى لا تصبح الخطوات الأخرى لا معنى لها. فعلى الرغم من مطالبة اصحاب مهن الخدمات وبالاخص ذات الطابع الفكري في عديد المناسبات  بالتأهيل بالنظر للمعايير الاروبية وآخرها بمناسبة الاستشارة الوطنية حول الخدمات التي أجريت يوم 19 افريل 2005 والتي لم يتمخض عنها أي شيء يذكر، باستثناء احداث المجلس الوطني للخدمات، حيث أن الوضعية لم تتغير بل لا حظنا أنها تزداد يوميا سوء. كيف يمكن لمهندس فضاء داخلي أو مخطط مدن أو مهندس فضاءات خضراء أو خبير في الإعلامية أن يصدر خدماته وأن تعترف به الدول الأجنبية في الوقت الذي تعيش فيه هذه المهن حالة من اللاتنظيم إذ لا يؤطرها إلى حد الآن أي قانون ويمكن أن يباشرها عديمو الأهلية العلمية والمهنية مثلما نلاحظه اليوم. كيف يمكن للمؤسسات الصناعية والتجارية أن تكتسح سوق التصدير إذا كانت المهن التي ستتولى مساعدتها وتقديم استشارات لها والقيام بدراسات لفائدتها في إطار التأهيل وغير ذلك لا ينظمها أي إطار قانوني أو منظمة بقوانين ميتة تجاوزها الزمن بالنظر للمعايير الدولية مثلما هو الشأن بالنسبة لمكاتب الدراسات والاستشارة ومهنة المستشار الجبائي المحكومة بقانون متخلف والتي تصر الحكومة على عدم المصادقة على مشروع القانون المتعلق بها والذي استوفى كل مراحل الاعداد منذ سنة 2013. 
هل يحق لنا أن نطالب البلدان الأجنبية أن تعترف بخبراتنا إذا كنا نرفض الاستماع لمشاغلها واذا كنا نعتبر تنظيم وتأهيل مهنة ما امتيازا واذا كان بامكان العصابات والمافيات المهنية ان تعترض على تنظيم مهنة ما مثلما هو الشان بالنسبة لمهن عدل الاشهاد والمستشار الجبائي ومهندس المدن ومهندس الفضاءات الداخلية وغيرها من المهن.
هل يعقل ان تتحول مهن الخدمات ذات العلاقة بالاستشارة والدراسات إلى مزبلة وحصانا يركبه منتحلو الصفة والسماسرة من التونسيين والأجانب من خلال ايداع تصاريح بالاستثمار مغشوشة لمباشرة أنشطة غريبة عجيبة لا نجد لها مثيلا بالتصنيفة الدولية للمهن من قبيل تدقيق اداري واقتصادي واجتماعي وقانوني ومرافقة المؤسسات ومساعدتها وغير ذلك.
   على ماذا سوف نتفاوض وماذا سوف نجني من اتفاق التبادل الحر الشامل والمعمق اذا كانت اغلب مهن الخدمات محررة و غير مؤهلة بالنظر للتوصية الاوروبية المؤرخة في 12 ديسمبر 2006 والمتعلقة بالخدمات.  فحتى البرامج المقترحة من قبل الاتحاد الاوروبي لإكساب قطاع الخدمات قدرات تنافسية كاذبة وضحلة حيث ترمي الى ربح الوقت وتفويت فرصة التأهيل على مهن الخدمات حتى تبقى متخلفة ومعدومة القدرات التنافسية. تلك البرامج الضحلة تجانب مشاغل المهنيين الذين غيبهم الاتحاد الاوروبي بالتواطؤ مع السلطة الحاكمة التي يفرض عليها برامج مساعدة فنية ضحلة وتافهة يقوم بها اشباه خبراء الذين يؤتى بهم للنزهة والسياحة لا غير والذين يفرضون بطريقة فاسدة من قبل القائمين على تلك البرامج. فالأموال المرصودة لتلك العمليات الفاسدة يتم استرجاعها من قبل خبراء السياحة من اصحاب وأحباب القائمين على تلك البرامج التافهة في جميع المجالات ويكفي الاطلاع اليوم على التقارير المتعلقة بالتعاون بين الاتحاد الاوروبي وتونس والمنشورة من قبل الاتحاد الاوروبي بعنوان سنوات 2012 و2013 و2014 لمعرفة الكذبة الكبرى ومسرحية التأهيل السمجة. فالدارس لتلك التقارير الضحلة يكتشف انها ملاى بالأكاذيب والمغالطات من قبيل تشريك المجتمع المدني وغير ذلك وهذا يكشف ان الاتحاد الاوروبي لم يغير الطريقة الفاسدة التي يتعامل بها مع السلطة الحاكمة التي تبقى مصالح الدولة التونسية والمهنيين من اخر اهتماماتها. 

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire