mercredi 4 mai 2016

شركات وهميّة مختصة في تبييض الأموال والجرائم الجبائية تدقّ مسمارا جديدا في نعش الاقتصاد التّونسي


اللجنة التونسية للتحاليل  المالية  في سبات


لا يتصور حتما  العديد من أبناء  جلدتنا من التونسيين  البسطاء أن مكاتب الاستشارات القانونية والمساعدة والمحاسبة المتخصصة في التحيل وتبييض الأموال الشبيهة بمكتب المحاماة البانمي موساك فونسيكا Mossack Fonceca موجودة بتونس وبالأخص بضفاف البحيرة وهي تنشط على مرأى الجميع بعد أن أودعت تصاريح بالاستثمار بوكالة النهوض بالصناعة والتجديد لإحداث شركات برأسمال لا يتجاوز في اغلب الأحيان 500 يورو ومباشرة أنشطة صورية واردة بالأمر عدد 492 لسنة 1994 الضابط لقائمة الأنشطة الملحقة بمجلة التشجيع على الاستثمارات من قبيل "دراسات قانونية وإدارية واقتصادية واجتماعية وفنية" و"مراكز مختصة في الدراسات والتصرف وتقديم خدمات الإحاطة بالمستثمرين" و"مكاتب الاستشارة في إحداث المؤسسات" و"توطين المؤسسات".
 هذه المكاتب المشبوهة التي يشرف عليها تونسيون وأجانب من بينهم محاسبون ومستشارون قانونيون تقوم بنفس الأنشطة المشبوهة التي يقوم بها مكتب موساك فونسكا ببانما حيث تتولى إحداث شركات صورية ليس لها من نشاط بتونس سوى بيع الفواتير الصورية أو قبض رشاوى مقابل وساطة في صفقات تجارية دولية أو تبييض الأموال أو التهرب من دفع الضريبة بالبلدان الأجنبية من خلال الإيهام بالقيام بعمليات تصديرية انطلاقا من تونس .
و حتى لا  يكون  كلامنا ملقيا على عواهنه  نضرب  على سبيل المثال  إقدام  محام بلجيكي على إحداث شركة صورية بتونس لدى مكتب محاسبة منتصب بضفاف البحيرة والحال أن ذاك المحامي ليس له أي نشاط بتونس و نفس الشيء بالنسبة إلى المهندسين في الإعلامية من ذوي الجنسية الفرنسية الذين يسدون خدماتهم لفائدة الشركة الفرنسية للطيران والذين بعثوا شركة صورية بضفاف البحيرة للقيام بعمليات تصديرية صورية والتهرب من دفع الضريبة بفرنسا علما انه ليس لهم أي نشاط فعلي بتونس.
 كان من المفروض أن تبادر اللجنة التونسية للتحاليل المالية والنيابة العمومية بفتح تحقيق بخصوص مكاتب توطين المؤسسات التي تؤوي عددا كبيرا من الشركات المصدرة كليا المبعوثة من قبل الأجانب خاصة على شاكلة صناديق بريد بتونس ليس لها من نشاط سوى تبييض الأموال والجرائم الجبائية وتنمية التحيل الدولي وتنمية الفساد المرتبط بالصفقات التجارية الدولية من خلال بيع الفواتير الصورية أو قبض رشاوى.
وإضافة إلى نشاط المساعدة على تبييض الأموال والتهرب الجبائي الدولي، يتلبس القائمون على تلك المكاتب بعديد الألقاب المهنية كالمحاسب والمحامي والمستشار الجبائي والوكيل العقاري ووكيل الإشهار والوسيط القمرقي وغير ذلك من الألقاب دون ان تحرك الإدارة ساكنا. فالأنشطة المصرح بها لدى وكالة النهوض بالصناعة والتجديد  وردت عباراتها مطلقة وهي تتضمن لا محالة الأنشطة المنظمة بقوانين كالاستشارات القانونية والجبائية وغيرها. والشركات المبعوثة بتونس على شاكلة صناديق بريد ليس لها أي وجود بتونس سوى من خلال ملفها القانوني والجبائي الممسوك من قبل احد المتمعشين ولا تشغل يدا عاملة تونسية ولا تصدر إلا خدمات التحيل الدولي وتبييض الأموال وهي اليوم تعد بالعشرات بل بالمئات بل بالآلاف دون أن تتحرك الحكومة التونسية في إطار التزاماتها الدولية بفتح تحقيق بخصوصها وذلك في خرق لاتفاقية الأمم المتحدة المتعلقة بمكافحة الجريمة المنظمة عبر اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد.
صحيح أن بعض مكاتب الاستشارات القانونية والمحاسبة التي تؤوي مثل هذه الشركات المشبوهة التي ترجع ملكيتها لأغلبية من الايطاليين الذين كدسوا داخلها مئات ملايين الدولارات دون ان يكون لهم أي نشاط  كانت تتمتع بحماية من الرئيس المخلوع ولكن ورغم تغير الأحوال فإنّ تلك المكاتب واصلت نشاطها الإجرامي دون أن يفتح تحقيق بخصوصها إلى حد الآن ودون أن تبادر إدارة الجباية بتفقدها.


ألا يعلم الوزير المكلف بالاستثمار أن المستثمرين الجدد لا يمكن أن تجذبهم تونس باعتبار أنها أصبحت مصنفة وكرا لتبييض الأموال والتحيل الدولي وأن الدول الأجنبية ما انفكت قبل رحيل النظام السابق تبعث بمطالب إلى الدولة التونسية وبالأخص وزارة المالية للاسترشاد عن الأنشطة المشبوهة التي يقوم بها مواطنوها انطلاقا من تونس وتتبعهم قضائيا. 
الغريب في الأمر أن يرفض الماسكون بالسلطة  إدخال تحويرات على الأمر عدد 492 لسنة 1994 بغاية حذف الأنشطة التي يستغلها اليوم المتحيلون بالتواطؤ مع بعض الموظفين الفاسدين. فقد اتضح أن القضاء البلجيكي نظر في عدد هام من القضايا المرتبطة بتبييض الأموال والتحيل الدولي تورطت فيها شركات مبعوثة بتونس على شاكلة صناديق بريد مثلما اتضح ذلك من خلال التقرير الصادر بعنوان سنة 2012 عن خلية معالجة المعلومات المالية ببلجيكا. فلولا دخول تونس مرحلة الفساد الشامل، لبادر رئيس الحكومة المهموم بالاستثمار والتشغيل بفتح تحقيق بخصوص ذاك التقرير الخطير خاصة إذا علمنا أن تصنيف تونس في خانة البلدان المعروفة بإيواء الشركات المبيضة للأموال من شأنه جعل المستثمرين الجدد لا يجعلون تونس ضمن وجهاتهم. يروي احد العارفين بعالم تبييض الأموال ان صاحبة مكتب استشارات قانونية بجهة البلفدير من بين المحميين من قبل الرئيس المخلوع سابقا تقدم نفسها كمختصة في قانون الأعمال آو بالأحرى "العمايل" وهي ابعد ما يكون عن عالم قانون الأعمال هي بصدد إيواء مئات المبيضين للأموال خاصة من بين الايطاليين دون ان تبادر اللجنة التونسية للتحاليل المالية وإدارة الجباية بفتح تحقيق بخصوص أعمالها الإجرامية. لماذا لم تبادر اللجنة التونسية للتحاليل المالية والنيابة العمومية بالحصول لدى وكالة النهوض بالصناعة والتجديد وإدارة الجباية على قائمة الشركات الصورية المبعوثة من قبل المتحيلين الأجانب والتونسيين وكذلك قائمة المكاتب المشبوهة التي يتمثل نشاطها في توطين تلك الشركات وفتح تحقيق بخصوص أنشطة تبييض الأموال التي تقوم بها.
الجريمة الكبرى تتمثل في قطع رزق التونسيين من خلال تمكين الأجانب بما في ذلك المتقاعدين من تكوين شركات الشخص الواحد والانتصاب بتونس لانتحال عديد الصفات والتلبس بعديد الألقاب على حساب العاطلين عن العمل وللتحايل على مجلة التشجيع على الاستثمارات التي لا تسمح للشركات المصدرة كليا بتشغيل أكثر من 4 أجانب تتولى تلك الشركات تشغيل أكثر من أربعة بعد أن تكون لهم شركات شخص واحد مصدرة كليا. كما تقوم الشركات الأجنبية بنفس الشيء للتحايل على الفصل 258 من مجلة الشغل الذي لا يسمح بتشغيل أجانب يتوفر اختصاصهم بتونس. لا ننسى أيضا التونسيين الذين بعثوا شركات صورية بالجنان الضريبية وبالأخص بالمناطق الحرة بالإمارات مثل جبل علي و رأس الخيمة لكي يتهربوا من دفع الضرائب بتونس وتهريب الأموال من تونس مقابل الفواتير الصورية التي تبعث بها شركاتهم بالخارج إلى شركاتهم المنتصبة بتونس. كما علينا ان لا ننسى الفواتير الصورية أو المضخمة التي تبعث بها الشركات الأجنبية التي تنهب ثرواتنا النفطية والمنجمية بالتواطؤ مع الموظفين الفاسدين لمنشآتها المقيمة بتونس وذلك للتهرب من دفع الضريبة وتحويل الأرباح الى الخارج. الأغرب من ذلك ان تقبل الدولة التونسية بمنح تراخيص في الاستكشاف والتنقيب عن النفط لشركات مقيمة بجنان ضريبية لا يعرف مالكوها لتجد نفسها فيما بعد موضع تحيل ونصب وتتسبب في إهدار موارد الشعب التونسي . وكان من المفروض فتح تحقيق جنائي في هذه الجريمة البشعة بخصوص الموظفين الفاسدين الذين عادة ما يستفيدون منها. و الجريمة الكبرى  الثانية أن تتعاقد الحكومة اليوم مع تلك المكاتب المتحيلة مقابل إهدار ملايين الدينارات لتزويدها بخدمات تافهة وضحلة في إطار مسرحية الحوكمة مثلما هو الشأن بالنسبة إلى مكتب دولايت  تونس (Deloitte Tunisie) ومكتب بزنس ودسزجن (Business &Decision) الراجعين لأعضاء شركة حزب آفاق تونس... و للحديث بقية .


Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire