samedi 7 mai 2016

تلاعب مفضوح في صفقة إنجاز محطّة توليد الكهرباء بالمرناقيّة ومحاولة فاشلة للتّعاقد بثمن أرفع ب 128 مليارا ؟؟


الفساد بشركة "السّتاغ" فاق كلّ حدود التصوّر


تعتبر الصّفقات العموميّة  Marchés publics  من أخصب المجالات التي يمكن أن يمسّها الفساد، لتوفّرها على أموال ضخمة تسيل لعاب المفسدين،  ولتعاملها مع أطراف أجنبية أو أطراف مختلطة فتجد المسؤولين والمشرفين على إسناد الصفقات يلهثون متى توفّر الضّوء الأخضر (المصادقة على إنجاز المشروع وتوفّر التّمويل اللازم) وقبل الإعلان عن طلب العروض الى انتقاء المزوّدين الأجانب عبر ممثليهم بتونس والاتفاق على نصيبهم من كعكة الغنيمة حيث تتراوح العمولات المخصّصة بين 10 و20% (تقسّم عادة مناصفة بين الممثّل التونسي وصاحب الكلمة الفصل في الصّفقة) ولتوجيه الصّفقة نحو الجهة المعنيّة Orientation يقع عادة استخدام طرق ملتوية على مستوى إعداد كرّاس الشّروط الفنيّة يطلق عليها شروط فنيّة مفخّخة Clauses pièges  ونفس الشيء لطلب العروض Appel d'Offres ولعملية اختيار المزوّد.
الثورة نيوز سبق لها في أعداد سابقة أن تطرّقت إلى الفساد بوزارة الصناعة عموما وبشركة "الستاغ" خصوصا كما سبق لها أن كشفت الفساد المالي والإداري الذي رافق عمليّة تمويل مشروع إنجاز محطة توليد الكهرباء بالمرناقية بقيمة ب660 مليون دينار  والتي أشرف عليها شخصيّا المرحوم صهري عادل بن علي المدير العام السّابق للتّعاون الدّولي حيث تعمّد وزير الاقتصاد المادّي ياصين إبراهيم مخالفة القانون في إجراءات الاتّفاق مع الصّناديق والبنوك الأجنبيّة المموّلة للمشروع...موضوع لم ينل اهتمام رئيس الحكومة المرتعشة النّائم في العسل وشاءت الصّدفة لوحدها أن تسوق للثورة نيوز الجريدة الاستقصائية الأولى فضيحة جديدة تعلّقت بنفس المشروع الذي أراد من خلاله أصحاب القرار في وطني المنهوب التعاقد مع المزّود Siemens رغم أن عرضه يفوق عرض منافسه Ansaldo بقرابة 128 مليون دينار ؟؟ هذا الفارق الخيالي سيذهب حتما إلى جيوب الفاسدين والسّماسرة والمضاربين ؟؟







خلال شهر مارس 2016 وجّه خالد العربي رئيس اللجنة العليا لمراقبة وتدقيق الصّفقات العموميّة مذكّرة الى الرّئيس المدير العام للشّركة التونسية للكهرباء والغاز موضوعها تقرير تقييم العروض المتعلّقة بإنجاز محطة توليد الكهرباء بالطوريبينات الغازية دورة مفتوحة بالمرناقية جاء فيها أن اللجنة العليا لمراقبة وتدقيق الصفقات العمومية نظرت خلال جلستها المنعقدة بتواريخ 03 و17 فيفري و09 مارس 2016 حول صفقة إنجاز محطة توليد الكهرباء بالمرناقيّة بقدرة إنتاجيّة تبلغ 600 ميغا واط ولاحظت خاصّة ما يلي :


1-إن طلب العروض Appel d'Offres أفضى إلى نتائج منافسة محدودة حيث تمّ إقصاء ثلاثة عارضين (Alstom/GAMA - Mitsubishi Hitachi/ Calik Enerji - ...) من جملة خمسة مصنّعين تقدّموا بعروض وذلك لعدم استجابة العروض المعنيّة للمقتضيات الفنيّة لكرّاس الشّروط cahier des charges وفقا لما أفادت به الشركة التونسية للكهرباء والغاز وذلك على خلاف النتائج التي تم التوصّل إليها في طلبات عروض مماثلة وسابقة حيث أن المنشأة قد أكّدت بالنّسبة لمشروع إنجاز محطة توليد الكهرباء برادس "ج" المموّل من قبل الوكالة اليابانية للتعاون الدولي (JICA) على المقبولية الفنية لجميع العروض المشاركة (Ansaldo و   Siemens و General Electric / Metka و Sumitomo Corporation و Mitsubishi Hitachi Power Systems  ) ومطابقتها لكرّاس الشروط cahier des charges..


2-إن المبالغ الماليّة المقترحة من قبل العارضين سجّلت تفاوتا ملحوظا حيث تراوحت بين (1)  445112655 دينار بالنسبة إلى شركة Ansaldo  و(2) 467476900 دينار لشركة GE-PIRECO و(3) 572837046 دينار لشركة Siemens و(4) 591190622 دينار لشركة Alstom/GAMA  و(5) 698877382 دينار للشركة التركية Calik Enerji ويلاحظ في هذا الصدد أن مقترح شركة "الستاغ" يتعلّق بإسناد الصّفقة إلى العارض Siemens المرتّب ثالثا من النّاحية المالية بكلفة قدرها 572.837 مليون دينار  أي بفارق مالي إضافي قدره حوالي 127.724 مليون دينار مقارنة بالعارض Ansaldo الذي تقدّم بالعرض المالي الأقل ثمنا.


3-إن محتوى بعض المقتضيات والشروط الفنيّة لطلب العروض لم تتضمّن بالنسبة إلى بعض مكوّنات المشروع والمتعلقة خاصة بمستوى الاهتزاز Vibration ومنظومة التبريد système de refroidissement تنصيصات واضحة ودقيقة تمكّن المشاركين على أساسها من حسن إعداد واقتراح عروض مقبولة وتنافسية تستجيب إلى حاجيات المنشأة ولكافّة متطلّبات المشروع من ناحية وتكرّس خاصة مبادئ المنافسة والمساواة بين العارضين من ناحية أخرى .


4-إن العارض Ansaldo صاحب العرض الأقل ثمنا والذي تمّ إقصاؤه أكّد بخصوص المسألة الفنيّة المتعلّقة بمستوى الاهتزاز على غرار العارضين المقبولين فنيّا على المطابقة الكليّة للتجهيزات المقترحة من قبله والمتعلّقة خاصّة بطوربينة الغاز turbine à gaz والمولّد alternateur للمواصفات العالمية المعمول بها والتي تمّ اشتراطها ضمن كراس الشّروط cahier des charges والتزامه الكامل باقتراح معدّات مطابقة للمعايير الدّولية المعتمدة في المجال .
5-إن العارض Ansaldo والذي تمّ إقصاؤه تقدّم ضمن طلب العروض الحالي فيما يتعلّق بمستوى الاهتزاز  بنفس المقترحات الفنيّة التي سبق اقتراحها في إطار مشاركته في طلبات العروض المماثلة السّابقة والتي تمّ قبولها من قبل شركة "الستاغ" (محطات توليد الكهرباء بكل من سوسة "ج" وسوسة "د" محطة توليد الكهرباء برادس "د" ).


6-إن كرّاس الشروط تنص فيما يتعلّق بمنظومة التّبريد système de refroidissement على ضرورة استعمال واستغلال المحطّة آنيا ودون أيّة قيود Sans restriction  في حين أن العروض الفنيّة للمصنّعين المقبولين فنيّا تقتضي تخزين كميّات هامة من المياه لعدد معيّن من السّاعات وتتطلّب احتياطات هامّة من حيث نوعيّة المياه ومعالجتها قصد ضمان حسن استغلال المحطة وسلامتها وذلك على غرار شركة Ansaldo التي اقترحت تخزين المياه الباردة كما أن كراس الشروط اشترطت ضرورة ضمان عمل المحطة لمدة 5 ساعات يوميّا على الأقل وأن يكون الاستعمال آنيا ودون أية قيود وهو ما أفضى إلى اقتراح حلول فنيّة متباينة وغير ملائمة كليّا لما تمّ اشتراطه ولا تضمن السلامة ...
7-إن كرّاس الشروط لم تحدد بدقة تصورا فنيّا بخصوص نظام التبريد وأن العارض Ansaldo أكد أن الحلّ الفني المقترح من قبله يعتمد على تخزين الماء البارد ولا يتعارض البتة مع مقتضيات كرّاس الشّروط بخصوص نظام التبريد حيث أن مقترحه يضمن استغلال المحطة وبلوغ الأداء المطلوب لمدّة دنيا ب5 ساعات وذلك مطابق لما تمّ اشتراطه..
8-إن الشركة التونسية للكهرباء والغاز قد اعتمدت سابقا بالنّسبة إلى هذا هذا النّوع من المشاريع الكبرى التي تعرف مستوى محدودا من المصنعين والتي عادة ما تسجّل تباينات واختلافات مع بعض المقتضيات الفنيّة والإدارية لكراس الشّروط ...على مناقشة المسائل الفنية والتحفّظات عند الإقتضاء قصد رفعها وتوضيحها من قبل المصنّعين المعنيين.


9-وبناء على ما سبق ذكره فان اللجنة العليا لمراقبة وتدقيق الصّفقات العموميّة تبدي رأيها بعدم الموافقة بخصوص نتائج طلب العروض الحالي وتدعو شركة الستاغ إلى إعادة الدعوة إلى المنافسة على أساس كراسات شروط جديدة معدّلة تأخذ بعين الاعتبار الملاحظات آنفة الذكر وتوضّح بالدّقة اللاّزمة المتطلبات الفنيّة للمشروع بكيفية تمكن من تحفيز المنافسة والحصول على أفضل النتائج الفنية والمالية... هذا غيض من فيض وما خفي كان أعظم...على مراد الله.




1 commentaire: