vendredi 18 janvier 2013

خط التحرير وخط النار!!




قبل سنوات عندما كنت أجلس على مقاعد كلية الحقوق استمع إلى محاضرات أساتذتي الأجلاء حول الحريات العامة وحقوق الإنسان وعن الديمقراطية وكل ما تفرزه من مصطلحات قانونية وسياسية كنت أسبح بعيدا في عوالم الأحلام ,معانقا آمالا مشرقة رغم ظلمات الواقع حينها... وكان الادريالين يفيض في عروقي كالأمواج العاتية لأجد نفسي بعد سويعات ومن دون أن اشعر في حشد طلابي في ساحة الكلية مستمعا لبعض الخطب المنددة الصادرة عن النقابة الطلابية والتي غالبا ما تنتهي بمظاهرات سرعان ما تفرقها الهراوات الصلبة وقنابل الغاز المسيل للدموع ...
وإحقاقا للحق وحتى لا أدّعي بطولة من ورق ‚مثل الكثيرين من محترفي ركوب الأحداث ‚لم أكن انتمي لا لاتحاد الطلبة ولا لأي تيار سياسي آخر ولكني كنت متعاطفا شديد التعاطف مثلي مثل غالبية الطلبة مع من يتكلم ليقول "لا" في وجه نظام بن علي مهما كانت انتماءاته أو خلفياته ذلك أني كنت اشعر بكبت رهيب تولد في من خلال التناقض الكبير بين ما تعلمته من دروس الحقوق  وما اصطدم به في الشارع كل يوم ...
كنت إذن اخذ نصيبي من الضرب والشتم والغاز في كل مظاهرة أشارك فيها لأعود بعد ذلك خائبا كئيبا فأفرغ قهري في السيجارة,أنفث منها بعض همّي وخيبتي وقد يخفّف عني حوار في السياسة أخوضه مع بعض الأصدقاء... وقد دمت على تلك الحالة حتى تخرجي من الكلية سنة 2005حين وجدت نفسي اصطدم فعليا  بالواقع المرير والمزري المفرغ من كل شيء حتى من الأخلاق وزادت محنتي أكثر فأكثر كلما توغلت في ثنايا شعب كان يغط في سبات عميق في فراش مزركش بكل أنواع الفساد وقد عشت ذلك بمرارة العلقم حتى جاءت رحمة "الفايسبوك" واشتعال جسد مواطن تونسي بنيران أتت بالبرد والسلام على الشعب التونسي بهروب الطاغية وسقوط نظام القمع والإرهاب الذي بناه طيلة عقدين من الزمن
ومرة أخرى اقر باني لم أقدم شيء يذكر خلال الثورة ما عدى مشاركتي وباحتشام في بعض الحملات الفايسبوكية حينما كانت كل وسائل الإعلام تعمل جاهدة من اجل إحباطها ونفخ الحياة في الطاغوت ولكني مع ذلك حلمت بالكتابة في صحيفة من الصحف لأشارك ولو بالنّزر القليل في الكشف عن الفساد والمفسدين لأني كنت متيقنا أن هروب بن علي لا يعني بالضرورة سقوط دولة الفساد       
 وأما الآن وقد تحقق حلمي والحمد لله من خلال الإشراف على الخط التحريري "للثورة نيوز" بمشاركة مديرها قد قررت لفظ الخوف من قلبي إلى الأبد لأني أؤمن الآن باني لست بأحسن ممن ضحى بحياته ودمه في سبيل تونس ولست بأقل وطنية ممن يحارب الآن من اجل كشف الفساد ومحاربة المفسدين من رجال الأعمال والسياسيين الذين لم يتوانوا يوما في تهديدي وتهديد رئيس الجريدة وكل طاقمها الصحفي وهم الجهلاء بان ذلك يزيد في تصميمي وتصميمهم على العمل ومزيد العمل وتكثيف الجهد في السير على نفس خط التحرير حتى ولو كان هذا الخط نمضي فيه هو خط النار ...


Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire